أعرب وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، عن تحرك العراق لتهدئة الأجواء بين ايران والسعودية، بالتوجه نحو الجامعة العربية ومجلس الوزراء العرب، فيما أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ان بلاده واجهت الإجراءات السعودية برحابة الصدر وضبط النفس.
وقال الجعفري الذي يزور طهران حاليا، اليوم الاربعاء، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، "انطلقنا بهذا التحرك بعد قرار مجلس الوزراء بضرورة التحرك لتهدئة الأجواء التي شهدت شيئا من التوتر في المنطقة، خصوصا ان لنا علاقات وطيدة مع إيران بحكم الجار والمصالح المشتركة ولنا علاقات مع العرب كلهم، لذلك لا يمكن للعراق أن يقف موقفا ساكتا وحياديا إزاء أي أزمة، فما ان حدثت هذه الأزمة إلا وان شعر العراق بضرورة المبادرة والتحرك لإيقافها، خصوصا ان التوتر قد يجر المنطقة إلى تداعيات ومشاكل موسعة".
واضاف ان "ما أقدمت عليه المحكمة في الحكم على الشيخ نمر النمر استنكرناه ونعتبره جريمة، خصوصا ان الرجل من دعاة الإصلاح، وكان يؤكد على عدم اللجوء إلى السلاح واستخدام الأسلوب السلمي في اخذ الحقوق، وهذا نموذح يقل ان يكون المعارض يتحدث بهذه الطريقة الحضارية".
وبين الجعفري "أنا تحركت منذ مرحلة الملك السابق عبد الله في هذا الصعيد ووصلنا كلام يطمئن بعدم الإقدام على هذه الخطوة، وقال إن صدر الحكم سيكون هناك إجراء نحوه، ولكن فوجئنا بالإقدام على هذه الخطوة وكانت بالنسبة لنا صعقة"، مستدركا "نحن لا نتدخل بشؤون احد ولكن عندما يكون من طبقة العلماء لا يمكن إن نقف مكتوفي الأيدي".
وشدد "علينا ألان أن نمنع تداعيات المشكلة ولا نسمح لأعداء المنطقة والإسلام والدول ان تأخذ المنطقة إلى حرب ومشاكل عاجلة"، مبينا "منذ امس اتصلت بخمسة او ستة من وزراء الخارجية العرب ورئيس جامعة الدول العرابية نبيل العربي، وفي طهران واصلنا الحديث مع وزراء الخارجية العرب وهدفنا من اللقاءات تهدئة الأجواء وحل المشكلة بشكل سلمي".
وزاد "سررت لما تفضل به ظريف [وزير الخارجية الإيراني] من إلقاء الضوء على أمور لم نكن نعرفها بشكل دقيق، اذ تمت إدارة الأمر في إيران بالحكمة العالية"، لافتا إلى ان "الذي حصل يجب ان يفهمه العالم كله والحكومات العربية وان إيران لم تكن مع أي هجوم وكانت حريصة على السلم".
وأوضح وزير الخارجية الجعفري، ان "العراق من موقع قوته يواجه حربا ضد الدواعش دخلت عامها الثاني ويسجل الانتصارات الباهرة ويردع العدو الذي يتراجع أمام القوات المسلحة بمن فيها الحشد والبيشمركة والعشائر، على الرغم من ان مواطني ومنتسبي الدواعش ينتمون لأكثر من 100 دولة، وعلى الأرض العراقية فقط بيد العراقيين لا يتدخل احد من أي دولة.. لدينا مستشارون ويقتصر دوهم على الاستشارة".
وتطرق الجعفري، إلى التوغل التركي شمال العراق قائلا "في هذه المواجهة حصل حادث من قبل تركيا بتجاوز حدود العراق والدخول إلى بعشيقة، وبدأنا بشكل دبلوماسي وبالحوار المباشر مع تركيا على أمل الحل، فتركيا على الجوار الجغرافي ونرفض رفضا قاطعا التدخل وخرق السيادة العراقية، ومن موقع الرفض لهذا الاختراق بذلنا جهودا ونواصلها للحفاظ على العلاقة من جانب ورفض خرق السيادة من جانب آخر".
ولفت إلى إن "مجلس الأمن شجب التدخل والتجاوز وطالب تركيا بالانسحاب وحل القضية، كما انتقلنا إلى البيت العربي وفي جامعة الدول العربية التي عقدت في 25 من الشهر الماضي، خرج القرار بالاجتماع واستنكار هذا الشيء ومطالبة تركيا بالانسحاب".
واستطرد ان "العراق لم ينسَ أن يواصل جهوده الدبلوماسية ومثلما كان قويا في جبهات القتال هو قوي بالجبهة الدبلوماسية، وهي تحتاج إلى شجاعة تحفظ للعراق أمنه واستقراره في دول المنطقة، دول شرق العراق وغربه، اذ نسعى منذ البداية وألان السعي مكثف ليعم الأمن والسلم في المنطقة وخاصة بين إيران والسعودية، لان من صالح المنطقة والدول أن تكون العلاقة طيبة بيننا".
وعن سبب تحرك العراق نحو التهدئة بين ايران السعودية، قال الجعفري ان "الغريب إن لا يتحرك العراق لأننا تربطنا مع إيران علاقات وثيقة بالتاريخ والجغرافية وعدالة القضية، وبنفس الوقت نرتبط مع السعودية كدولة جوار وبحكم الإحساس المشترك بأهمية العلاقة بين ايران والسعودية، وان هذه المشكلة قد تمتد إلى بلدان أخرى، والعراق بقلب المنطقة فمن الطبيعي ان يستثمر العراق علاقاته ويأخذ دوره إلى جانب إيران وبنفس الوقت مع السعودية".
واوضح "اننا نعتبر هذه المهمة ملقاة على عاتقنا لمحاولة تهدئة الأزمة التي إذا اشتدت إلى كارثة ستجر بانعكاساتها على عموم المنطقة، ولن تفرق بين ارض وارض وستعم المنطقة كلها، لذلك حرصا على منع تداعيات الأزمة كان لابد لنا أن نتحرك، لذلك تحركنا هاتفيا مع العرب، وسأزور بعض البلدان العربية لإيجاد أجواء قريبة وسأستثمر مجلس وزراء العرب الذي سيُعقد الأحد القادم وسأشارك به وسأحضر".
وعّما سيطرحه الجعفري، خلال اجتماع مجلس الوزراء العرب، بين إن "الاجتماع سيعقد يوم الأحد وسيغلب عليه الاهتمام والحديث عن طبيعة العلاقات في المنطقة بغض النظر عن الاختلافات المذهبية والقومية، وكل الأمور الجانبية وإنما يجب التركيز على وحدة دول المنطقة وخطورة التصعيد الذي من شأنه جر المنطقة إلى الويلات، لذلك يجب إعادة ترتيب الأولويات في المخاطر والمصالح، ودورنا جميعا مادامت إيران تحترم سيادة الدول، والدول تحترم سيادة إيران وما يثار ليس إلا أوهام ومسألة وجود الفوارق في الغالبية في إيران والسعودية هو مدعاة للحوار والإخوة".
وتابع "هناك من يخطط للدول العربية وبعض الدول بان تقدم على ممارسات سلبية ويجب أن نتمسك بوحدة الصف والكلمة، ويجب حفظ المنطقة وصيانتها من التوتر الذي إذا ارتفع سيؤذي الجميع دون استثناء".
من جانبه بين وزير الخارجية الايراني ظريف، خلال المؤتمر انه تم خلال لقائه الجعفري التباحث حول "مواجهة الإرهابيين في العراق وخطر داعش ضد العراق وسوريا، وكان هناك تباحث فيما بيننا وسنستمر في التباحث، كما تحدثنا اليوم بالظروف الخاصة التي حلت بالمنطقة بعد قتل العالم ورجل الدين المصلح الشيخ الشهيد نمر النمر اذ تباحثنا بهذا الخصوص والإجراء الذي لا يمكن بأي شكل من الأشكال تبريره ضد الشخص الذي نذر حياته للإصلاح عبر الوسائل السلمية والحوار والتعامل واستخدام الإمكانيات المدنية، وكانت حياته نذرا لمعارضة أي إجراء عسكري ومسلح وإرهاب وتطرف".
وأضاف "لا يمكن تبرير ما حصل تجاه هذا العالم ورجل الدين، حيث ان العالم يذكر بالاستياء والاستنكار تجاه هذا الحادث"، مشيرا الى انه "كانت هناك محاولات كبيرة ومساع من إيران في مقارعة الإرهاب والتطرف وهذا الخطر موجه للدول في هذه المنطقة والدول الأخرى أكثر من الماضي وهناك بعض الدول تؤجج هذا الخطر".
وتابع "كنا نتحدث دائما عن التعاون وتبادل الأفكار والآراء، ولكن بعض جيراننا وفي السعودية كانوا قد تبنوا غير هذا، وفيما يتعلق بالاتفاق النووي عارضوا الاتفاق بجانب الكيان الصهيوني وبعض الإجراءات التي كانت ضد الشعب الإيراني ومحاولاتهم في تخفيض أسعار النفط"، لافتا إلى ان "إيران واجهت هذه التحركات برحابة الصدر وضبط النفس، لأننا مقتنعون ان المزيد من التوترات وخلق الأزمات في المنطقة لا يبين وجود قوة بل يبين وجود ضعف لدى المؤججين ولابد من مواجهة هذه الأعمال بكرامة".
وأكد "نحن تبنينا هذه السياسة ولكن مع الأسف، التحرك الإيراني قد أسيء فهمه لدى جارتنا العربية، ولم تكن هناك استجابة لهذا"، مبينا ان "هذا المسار يؤدي إلى تأجيج وخلق الأزمات".
وأشار ظريف إلى ان "ايران لا تبحث عن ازمات ولا تريدها، وشرحنا سياساتنا في حكومة التدبير وإقامة ايران على اساس قناعتها لتحقيق الوحدة في العالم الاسلامي لمواجهة أعداء الاسلام والكيان الصهيوني والمتطرفين الذين يشوهون سمعة الاسلام ويتذرعون باسم الاسلام والعالم الاسلامي ويستغلون هذه المفاهيم وهم وصمة عار في العالم الاسلامي".
وشدد ظريف "لابد ان نتصدى لهذا الخطر الجماعي، ويكون هناك اجراء مشترك من العالم الاسلامي، وبذلنا جهدنا في ايران وهي كانت تضبط نفسها في هذا المجال وسنستمر بذلك".
وحول الاعتداءات التي تعرضت لها القنصلية السعودية في ايران، بين ظريف ان "الوضع حصل ليلة السبت في طهران ومشهد، وهي احداث غير مقبولة وكل المسؤولين في ايران سواء العسكريين او القضائيين او السلطة التنفيذية أدانوا هذه الممارسة، والحكومة الإيرانية ملتزمة شرعيا وقانونيا بان تؤمن حماية الضيوف باعتبارهم دبلوماسيين"، مؤكدا ان "ايران ستعاقب المسؤولين عن الحادث وتواجههم بشكل قانوني".
ولفت وزير الخارجية الايراني إلى ان "ايران قامت بتوفير كل الحماية للمقرات الدبلوماسية والسفارة السعودية والقنصلية السعودية، ومن دواعي الاسف ان الحكومة السعودية تتابع نفس سياسة خلق التوترات"، مبينا "نقول ان التوتر لا يفيد أي جهة، وسياسة ايران التعاون مع الجميع الجيران ونريد دوما التهدئة مع الجيران وللعالم العربي باعتباره جزء من العالم الاسلامي نكن له احتراما خاصا".
ودعا جميع الأطراف إلى "الوحدة وان نكون يدا واحدة ضد الطائفية والإرهاب والتكفير، وان لا يستمروا في أعمالهم ليؤججوا نار هذه الإجراءات لأنها تعتبر خطرا للجميع ولا شك انهم سيكتوون بالنار".
وشكر ظريف وزير الخارجية الجعفري على "المبادرة التي أطلقها بخصوص تبادل الأفكار والآراء في المنطقة"، معربا عن أمله بان يعتمد الجميع في المنطقة على "فهم مشترك وان يعرفوا الخطر المشترك ويقوموا بمواجهته بصورة مشتركة، وعدم خلق المزيد من التوتر".
وعن رد ايران على اقدام السعودية على قطع العلاقات معها، وايجاد تحالفات بهذا الشأن، بين ظريف "نعتقد إن في العالم الإسلامي لابد لنا جميعا التعاون ضد الإجراءات والأشكال التي تعارض الإسلام وهي التكفير والإرهاب والتطرف والطائفية، فإننا نجتمع في مكان واحد ونتعاون ولا نقوم بتحالفات ضد الآخرين، فهي لا تفيد وليست ايجابية وليس بإمكانها إن تواجه إيران".
ولفت إلى ان "ايران لم تكن ترضى بمثل هذه الطرق والآليات ولا تعتقد إنها تكون لصالح العالم الإسلامي، ونعتقد إن كل العالم يواجه خطرا وتحديا مشتركا وتصديه بحاجة إلى عمل مشترك ولابد من الذين لم يدركوا هذا الخطر او انهم كانوا شركاء فيه ان يعودوا إلى رشدهم لانه سيكويهم اكثر من الاخرين".
وعن الانباء التي أشارت إلى بحث وزيري خارجية ايران وأمريكا ازمة المنطقة عبر اتصال هاتفي، اوضح ظريف، "اقتربنا لتنفيذ الاتفاق وبعد عدة أيام نصل إلى تنفيذ الاتفاق النووي واكبر دور ستلعبه إيران وامريكا، وعلى هذا الاساس كان هناك اتصال بيننا وبين كيري [وزير الخارجية الأمريكي جون كيري]، وكانت هناك اتصالات عن طريق البريد الالكتروني، لأننا على وشك تنفيذ الاتفاق وخلال الأيام القادمة ستكون هناك لقاءات بين زملائنا والأطراف في 5+1 واجتماعات لابد ان تدار شؤونها عن طريق التنسيق بهذا الأمر".
وأكد ان "الموضوع الأساسي مع كيري يتعلق بتنفيذ الاتفاق النووي، وبما إن الخبر الأول في العالم كان الإجراءات القصيرة التي قامت بها السعودية، فان أي دبلوماسي يقوم بتبادل الآراء، ولكن ليس معناه الدخول مع المفاوضات بهذا الشأن، فالمفاوضات تقتصر على الاتفاق النووي وكيفية تنفيذه
https://telegram.me/buratha