حيدر الجزائري /
"بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا .. وخلّفوا في سويدا القلبِ نيرانا"، هذا لسان حال آل مبارك التميمي، في قرية كوت الجوع بقضاء شط العرب شرق البصرة، آل ينعى بنبرة الانتصار ثلاثة شبان أبناء عم، قدمهم دفعة واحدة شهداء في معارك الحشد الشعبي ضد تنظيم داعش الإرهابي.
منتظر علي ثامر (23 عاماً)، وسعيد عبد الصاحب ملا حسين (20 عاماً)، وحسين جعفر طه ملا حسين (14) عاماً، ثلاثة من متطوعي لواء علي الأكبر أحد فصائل الحشد الشعبي التابع الى العتبة الحسينية، خاضوا أشرس المعارك استمرت لأيام مع تنظيم داعش الإرهابي في جبال مكحول - قاطع تكريت، يوم الأحد الماضي 15 تشرين الثاني 2015، وانتهت تلك المعارك باستشهاد 11 من متطوعي ذلك اللواء.
ويقول عبد الصاحب حسين (63 عاماً)، والد الشهيد "سعيد"، لراديو المربد، أن ابنه وبقية الشهداء كانوا قد تطوعوا ضمن صفوف الحشد الشعبي بعد فتوى الجهاد الكفائي العام الماضي، حتى التحقوا مؤخراً لمساندة عمليات الحشد في جبال مكحول، ونالوا الشهادة.
ويبين التميمي وقد بانت البسمة على محياه، انه وكعائلة وآل مبارك، يشعرون بالفخر لتقديمهم هذه الكوكبة من الشهداء، سيما وأنهم يتلقون التبريكات والتهاني بدلاً من العزاء في أجواء كأنها عرس لم يدركه الشباب، وزفاف لم يكتب لهم، رغم انه كان يخطط لقران ابنه قبل مدة، فيما دعا كل من له القدرة على الانخراط في الحشد الشعبي للمشاركة بنصرة العراق على الإرهاب.
والد الشهيد حسين جعفر طه، قال لراديو المربد، أن ابنه (14 عاماً)، أصر لأول مرة على الالتحاق بالحشد الشعبي وبالعمليات الأخيرة، وواجهتهم هجمات من تنظيم داعش استمرت لـ5 أيام حتى نفذت ذخيرتهم وسط قلة الإسناد، الأمر الذي أدى الى استشهادهم.
ورغم أن الشباب كانوا كسبة بلا وظيفة، لكن ذويهم لا يطالبون بشي من التعويض أو المنح، حيث يؤكد والد الشهيد حسين، أنهم "كانوا مشاريع فداء للوطن دون مقابل"، ويتابع بالقول، ان "فقدهم أمر جلل، لكننا نمر بأيام عاشوراء، لذا تهون مصيبتنا أمام مصيبة الأمام الحسين ع وما قدمه في واقعة الطف"، ويوضح بان تشييعهم كان مهيباً جداً، وهو عامل آخر ساهم من تخفيف وقع فراق الأحبة.
والدة الشهيد الفتى منتظر، قالت لراديو المربد، أنها قدمت "ابنها الذي هو أشبه بطير الجنة في أيام عاشوراء، فداء لعراق المقدسات وللسيدة فاطمة الزهراء (ع) وابنها الذي كان قرباناً في كربلاء من اجل إعلاء صوت الحق"، مبينة أن آخر كلامه لها، أكد فيه "عدم خشيته من أعداء العراق والدواعش"، فيما أبدت عتبها على قادة العراق لتناسيهم رعاياهم الذين انتخبوهم سيما في البصرة".
شيخ عشيرة آل مبارك، ستار جبار عبد المعبود التميمي، طالب من تقليل الفجوة بين الجهات الحكومية وذوي الشهداء من خلال الاهتمام بهم وزيارتهم بشكل متواصل ومنحهم الرعاية الخاصة وعدم قطع رواتبهم، مبينا أن آل مبارك مجاهدون منذ عهد سابق ولديهم في الوقت الراهن 9 من متطوعي الحشد الشعبي، ثلاثة منهم نالوا الشهداء، وبقدرهم مصابون، فيما يرابط الباقون مع قوات الحشد.
أهالي قضاء شط العرب، شيّعوا الشهداء الثلاثة وسط هتافات أشادت ببطولاتهم وتفانيهم بحب الوطن والدفع عن مقدساته، فيما جرى لهم تشييع خاص في العتبة الحسينية بكربلاء وصلّى على جثامينهم ممثل المرجعية الدينية الشيخ مهدي الكربلائي، قبل أن يتم مواراتهم الثرى مع الشهداء في مقبرة وادي السلام، حيث مثواهم الأخير بمدينة النجف، فيما دعا عدد من محبيهم الحكومة والجهات المعنية ووسائل الاعلام الى اعتبار الشهداء رمزاً فريداً للتضحية والذود عن الوطن واستثمار ذلك في الإعلام المساند للحشد الشعبي والقوات الامنية.
يشار الى أن لواء علي الأكبر التابع للعتبة الحسينية تم تشكيله بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني في 12 حزيران عام 2014 ، ويعد اليوم من احد فصائل الحشد وشارك في معارك شرسة بجرف النصر ويواصل عمليات تحرير صلاح الدين وبيجي وجبال مكحول.
https://telegram.me/buratha