دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم مجلس النواب إلى رفض الاستقالة الجماعية لمجلس مفوضية الانتخابات، مشددا على ضرورة توفير الحماية القانونية والتشريعية التي تحتاجها المفوضية لأداء عملها باستقلالية و دون ضغوط من أي طرف.
وذكر بيان لرئاسة المجلس الاعلى ان الحكيم اكد خلال كلمته في الملتقى الثقافي الاسبوعي مساء اليوم على ضرورة "توقف التدخلات بعمل المفوضية و أن لا تكون ساحة للصراع بين لإرادات السياسية أو السلطات القضائية والتشريعية، مبديا استغرابه من الاستقالة قبل [35] يوما من الانتخابات، مجددا تحذيره من الإجراءات غير المنطقية التي تحتاج إلى ظروف استثنائية لمواجهتها، مشددا على إجراء الانتخابات في موعدها مهما كانت الظروف فلا يراهن احد على تأجيلها تحت أي ذريعةفبدون انتخابات لا شرعية لأحد وبدون الشرعية يصبح الجميع خارجين على القانون.
وبين الحكيم أن "الشعوب تشارك في الانتخابات لا لتختار حكامها فحسب بل لتختار الوطن، وتنمّيه وتشد أركانه وتكرس إرادتها بحياة حرة كريمة يؤطرها التعايش والتسامح، مؤكدا أن "رسالة تيار شهيد المحراب للجميع بان ليس مسموحاً "لي ذراع الشعب" او التلاعب بمشاعره او مخاوفه فهو ليس رهينة وإنما هو صاحب الإرادة الكاملة في أن يختار ويقرر وعلينا جميعاً الرضوخ لهذه الإرادة، متسائلا الحكيم من يحمي المفوضين ؟وهل هناك ضغوط على عمل المفوضية كي تأخذ خطوة الاستقالة ذات الدلالات الخطيرة وفي وقت حرج؟ ، عادا المفوضية الجهة المسؤولة عن إجراء الانتخابات في العراق، مشيرا إلى أن الانتخابات هي الوسيلة الشرعية الوحيدة للتعبير عن إرادة الشعب في اختيار ممثليه في مجلس النواب وتشكيل الحكومة السياسية التي ستحكم العراق للسنوات الأربع القادمة.
واشار رئيس المجلس "نحذر من تخويف المواطن وابتزازه وأهانته بشراء صوته أو تزويره، مبينا ان "استعراض الانجازات من قبل أي تيار او حزب أمام جمهوره حق له، موضحا ان الأحزاب والقوى السياسية تتسابق لعرض ما قدمته وما تستطيع ان تقدمه إلى المواطن ليختار بكامل إرادته وقناعته من يجد فيهم المصداقية والانسجام مع طموحاته ويتحمل مسؤولية قراره، محذرا من تخويف المواطن وابتزازه وإهانته بشراء صوته أو تزويره ، مؤكدا ان هذا إجراء غير طبيعي يتلاعب بمستقبل العراق ووحدته وسلمه الاجتماعي للحصول على مكاسب انتخابية ، داعيا الى التنافس بالبرامج لا بالتهديدات والتسقيط.
وتطرق في كلمته الى حادثة مقتل الصحفي محمد بديوي، معتبرا مقتله خسارة كبيرة في العقول والإمكانيات البشرية ، لافتا الى أن "الحادث كان مؤلما باتجاهين الأول أن الموت أصبح يرافق أبناء هذا الوطن في كل مكان وزمان وأصبح الوصول للموت أسهل من الوصول للحياة وكأنه لا يكفي أن يموت العراقيون على أيدي الإرهاب ليأتيهم الموت على أيدي بعض رجال الأجهزة الأمنية والتي من المفروض إن تكون لحماية الناس، مجددا تحذيره من دولة المسؤول لا دولة المواطن التي تعمق الفجوة بين المواطن والمسؤول، متسائلا في الاتجاه الثاني من الحادثة عن تفسير لرخص الدم العراقي حين يقوم ضابط بقتل رجل أكاديمي وصحفي بهذه الطريقة المؤسفة مهما كانت الأسباب والتبريرات، عادا إياه تراجعا فكريا وإنسانيا خطيرا عندما تنتهي المشاجرات باستخدام الرصاص، مبينا انه يدل أيضا كما على سوء اختيار للضباط الذين يقومون بواجبات حساسة فهذا الضابط لو كان منضبطاً لما تصرف بهذا الاستهتار، داعيا الجهات المعنية إلى "مراجعة البنية الأخلاقية والتدريبية للقوات الأمنية، معللا ذلك بان "الثقة إذا فقدت بين المواطن ورجل الأمن خسر الوطن الثقة بنفسه وبمستقبله وبكامل منظومة العمل الأمني لديه، مؤكدا على نيل الضابط جزائه العادل لترسيخ مفهوم الالتزام بالقانون دون تلاعب او تسويف، مشددا على حصر القضية بإطارها الشخصي وفي حدودها القانونية دون إفراط او تفريط وان لا يدفع بعض البسطاء لارتكاب أخطاء لا يدركون مدى تأثيرها وتبعاتها على هذا الوطن كما حصل في بعض الشعارات العنصرية غير المقبولة التي خطت على بعض الجدران، متسائلا الحكيم اين العقلاء؟ اين الحكماء ؟ اين الأخلاق العربية الأصيلة ؟ اين الشيمة والغيرة الوطنية؟، معربا عن تقديره للموقف الوطني والإنساني والأخلاقي الذي وقفته عائلة الشهيد وعلى لسان بعض ذويه برفضهم تسييس قضية الشهيد لتبقى بحدودها الشخصية والقانونية، مشيرا الى انه دليل على أصالة هذه العائلة وعلى سمو أخلاقها وعروبتها ووطنيتها".
وأعرب رئيس المجلس الاعلى عن دعمه للقرارات الأخيرة للقيادة العامة للقوات المسلحة في تصحيح بعض مكامن الخلل في نقاط التفتيش وتسهيل حركة المواطنين عبر السيطرات، مؤكدا على عدم "التعامل مع هذا الخلل باعتباره خللاً "متعمداً" من عموم الجنود والضباط لنحملهم مسؤوليته ، مبينا أن "رجل الأمن لا يريد تعطيل الناس في نقاط التفتيش وإرهاقهم بالانتظار او تعطيل مصالحهم وإنما هو محكوم بالأوامر التي ترد إليه وعندما وردت إليه الأوامر بفتح مسارات نقاط التفتيش وتوسيعها نفذ الأوامر، داعيا إلى وضع إستراتيجية متكاملة تعيد دراسة واقع نقاط التفتيش في العراق على أسس علمية صحيحة بالتوازي مع رفع الكفاءة الاستخبارية واستخدام الأجهزة الحديثة التي من شأنها تقليص نقاط التفتيش الى اقل حد ممكن، مشيرا إلى ان هناك علاقة عكسية بين دقة المعلومة الأمنية وتقليص عدد السيطرات فكلما كانت الأولى دقيقة كلما قلصت الاعتماد على الثانية وصولا إلى رفعها بشكل كامل، مشددا على ضرورة المراجعة شاملة وتشخيص الأسباب التي تجعل الوطن يخطو على حافة الهاوية ويتحول مع كل حدث فيه إلى أزمة وتحد وكسر عظم ، لافتا إلى أن على الشركاء وضع قاعدة أساسية وصلبة نقف عليها كعراقيين لا كطوائف وقوميات، مشيرا إلى أهمية تأسيس خطوط حمراء وطنية لا يجوز تجاوزها من احد كي لا يتحول كل تصريح أو حدث إلى تهديد يضرب أسس التعايش الاجتماعي و يقوّض قواعد العدل والمساواة والمواطنة والقانون.
فيما أعرب عن أمله بان يتفهم القادة العرب فداحة التحديات التي يواجهها العراق، متمنيا عليهم أن يكونوا عامل دعم لمسيرة العراق وان توجه سياساتهم العليا نحو التعامل مع العراق كشريك أساسي في هدف مشترك هو مواجهة الإرهاب وإطفاء حرائق المنطقة، مؤكدا ان أحداث الشرق الأوسط ومتغيراتها كانت كبيرة خلال الأعوام الماضية والعراق لم يكن بمعزل عن التأثر بارتدادات الكثير من تلك المتغيرات ودفعنا أثمانا باهضة من الأرواح الغالية وتعطيل فرص النهوض الاقتصادي والخدمي وتصدع التوافق السياسي الداخلي بسبب تلك التأثيرات، مشيرا إلى أنها تعقد في ظروف استثنائية جداً تمر بها الأمة العربية حيث غياب الاستقرار السياسي في اغلب الدول العربية من جهة ودخول العرب بمحاور وانقسامات داخلية فيما بينهم من جهة أخرى ولذلك اختير اسم " التضامن والمستقبل "، لافتا إلى أن العراق لطالما نظر لدوره في مرحلة البناء الديمقراطي الجديد كمركز لتلاقي الإرادات الإقليمية لا تقاطعها واعتبر أن سياسته الخارجية العراقية يجب ان تبنى على أساس حسن الجوار والمصالح المتبادلة والعلاقات الحسنة مع الجميع، موضحا ان منهج العراق قائم على أساس بناء العلاقات الطيبة وتضييق مساحات الخلاف مع العالم الخارجي ولا سيما الدول العربية والإسلامية في المحيط العراقي، معربا عن اعتقاده بان الفرص لم تهدر تماماً لإنتاج توافق إقليمي شامل يأخذ في الحسبان ما يواجهه العراق من تحديات أمنية وما يخوضه من حرب يومية مع قوى إرهابية عابرة للحدود، متمنيا من الإخوة العرب تجسيد هذه الرؤية عبر الحوار مع دول الجوار من الأشقاء والأصدقاء وتدعيم أواصر الإخوة وإزالة ما علق من خلافات وانطباعات خاطئة حول التوجهات العراقية وتكريس دور العراق كمركز ثقل ونقطة تلاق وتعاون إقليمي ودولي لا عنصر تهديد لمصالح احد ، واصفا سياسة الكويت البلد المستضيف للقمة بالمعتدلة والمتوازنة وتمتاز قيادتها بالتعامل الهادئ مع الملفات الساخنة ، متمنيا على القمة الخروج بخطوات فعلية وان تقتصر على القاء الخطابات، مؤكدا ان العرب بحاجةماسة الى التضامن ليواجهوا معاً التحديات المصيرية التي يعيشونها ويعملوا على تأمين مستقبل آمن لشعوبهم ، مذكرا بان البيئة السياسية للدول العربية تغيرت بشكل كبير وتخلصت الكثير منها من الأنظمة الديكتاتورية التي كانت تحكمها ولكنها ولحد الآن لم تصل إلى الاستقرار الذي تنشده ومازالت المجتمعات العربية في مرحلة مخاض عسير لولادة طال انتظارها.
وأشار الى مبادرة "المواطن يريد" ، مؤكدا أن مطالب المواطن العراقي بالأمن والعدالة والخدمات والحياة الكريمة والرفاه الاجتماعي والتعايش الوطني ليست سراً ولم تكن خافية عن تيار شهيد المحراب ، مبينا انَّ الهدف من حملة "المواطن يريد" هو التأسيس لثقافة "العقد" بين الشعب ومرشحيه بين الشعب وسياسييه وان يتحول كل توقيع من مواطن عراقي إلى التزام من قبل المرشح وان يفهم المرشح قبل كل ذلك كيف يتعاطى مع مسؤوليته باعتباره ناقلاً ومترجماً لإرادة الناس ومدافعاً عنها، مشددا على ان المرشح ليس صاحب إرادة مستقلة عن إرادة ناخبيه بل هو وسيلة لإيصال الإرادة الشعبية وتفعيلها وتحويلها إلى برامج عمل واليات تنفيذ، داعيا المرشحين في الانتخابات من كتلة المواطن ومن الكتل الأخرى ان يحملوا مطالب وشكاوى واحتياجات الناس ديناً في أعناقهم، لأتبرأ ذمتهم منه حتى يسيرون في طريق سداده، مبينا ان العراقيين لا يتحملون المرشح الذي يتحدث بلغات متعددة الأولى قبل الانتخابات والثانية بعدها والثالثة للتفاهمات السياسية ورابعة للحديث مع الخارج، مخاطبا المرشحين بان ما تقولونه وما تعدون به في فترة الدعاية الانتخابية هو التزام ديني ووطني وأخلاقي لا يقل ثقلاً عن الالتزام القانوني، منوها إلى أن الحملة الدعائية ليست فرصة لخداع الناس وتضليلهم بالوعود الزائفة إنما هي مناسبة للاقتراب من الناس والوصول إلى كل محافظة ومدينة وقرية وبيت وفهم احتياجاتهم والاتصال المباشر بالمواطن والالتزام أمامه.
الى ذلك، حذر الحكيم جمهورية مصر العربية من قرار اعدام هذا العدد الكبير من السياسيين دفعة واحدة وبمحاكمة قصيرة ، مؤكدا ان مصر هي الشقيقة الكبرى ولطالما كان القانون المصري له مكانته وتاريخهوقد تفاجئنا بالقرار الصادم، مؤكدا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، مستدركا لكن تحذيرنا جاء من باب حق الاخ على الأخ ان ينبه ويحذره ، مشيرا الى ان "هذا الحكم مهما كانت المسببات قد يسبب تعميق الأزمة السياسية في البلد، مستشهدا بواقع العراق الذي لديه قتلة وإرهابيون ملأوا شوارع العراق بالدم ومع ذلك لم يصدر لحد الآن حكم جماعي بهذا العدد دفعة واحدة، معربا عن قلقه من هكذا قرارات قد تقوض الحقوق وتضيّعها، راجيا مراجعة هذه القرارات.
ودعا رئيس المجلس الاعلى العوائل العراقية إلى الذهاب لمعرض الكتاب المقام على ارض معرض بغداد الدولي وان يعلموا أطفالهم على شراء الكتب مثلما يعلموهم على شراء الحلويات والهدايا، متسائلا الحكيم عن المسؤول عن هذا التراجع الثقافي اليوم وفي بغداد مئات الآلاف من الطلاب الجامعيين وأكثر منهم من طلاب الإعدادية والمتوسطة بالإضافة إلى المثقفين والموظفين والأكاديميين والمفروض ان يكون هناك عشرات ألاف الزوار للمعرض يومياً، معربا عن أسفه لتواضع الحضور، متسائلا عن الأسباب هل هي أمنية؟ أم معيشية؟ ام المزاج العام الذي أصبح يميل إلى اللامبالاة؟! ، مشددا على عدم فقد الأمل ومواصلة المسير فلا زاد أفضل من زاد العلم ولا مستقبل بدون العلم والمطالعة.
https://telegram.me/buratha