الأخبار

مسيحيون بالموصل يتهمون إدارة نينوى بالتعتيم على نزوحهم لأغراض "انتخابية"

665 12:01:00 2010-03-05

لم يشأ زي بطرس كان مشغولا بتحميل بعض أغراض بيته في الموصل، بهدف مغادرتها، التعليق على ما كان يقوم به، إلا أنه خرج عن صمته فجأة وقال بغضب إن "تصاعد العنف ضدنا في الموصل وعدم السيطرة على الأمن في أحيائنا دفعني للنزوح عنها"، وبعد أن حذر أطفاله من الخروج من المنزل، استدرك "والمصيبة إنهم، "ويقصد المجاميع المسلحة"، أصبحوا يقتلون وينتهكون حرمات منازلنا في وضح النهار، بلا رادع للأسف من قبل الجهات الأمنية".ويضيف بطرس، 44 سنة، وهو أب لأربعة أطفال في حديث لـ"السومرية نيوز"، "وحرصاً على حياة أولادي وزوجتي التي باتت لا تستطيع الخروج من باب المنزل غادرنا المدينة التي ولدنا بها"، ثم فطن إلى شيء يبدو أنه نسيه وتساءل "ولكن أين دور الحكومة المحلية ورجال الأمن من تصرفات وانتهاكات تلك المجاميع التي تفتك بحياة المسيحيين؟".

وكانت مدينة الموصل، وهي مركز محافظة نينوى، نحو 400 كم شمال بغداد، شهدت خلال الأيام الماضية نزوح عشرات العوائل المسيحية منها بعد مقتل عائلة القس مازن ايشوع من قبل مجهولين وستة مسيحيين آخرين في أحياء متفرقة من المدينة، ليرتفع عدد المسيحيين الذين تم اغتيالهم خلال شهرين إلى تسعة أشخاص.

وتقول مصادر أن نحو 35 عائلة مسيحية نزحت خلال الأسبوع الماضي فقط من أحياء الصديق والسكر والمثنى والزهور شرق الموصل باتجاه قضاء الحمدانية ونواحي برطلة والقوش وقرقوش التي تسكنها أغلبية كبيرة من المسيحيين، لتضاف إلى نحو 2000 عائلة مسيحية كانت نزحت عن الموصل خلال السنوات الثلاثة الماضية، فيما قتل نحو 46 مسيحيًا ضمن حملات اغتيالات متفرقة، خلال تلك الفترة.

وكان آلاف المسيحيين والمسلمين، تظاهروا يوم الأحد الماضي، في قضاء الحمدانية 30 كم شرق الموصل، احتجاجا على مقتل المسيحيين وتهجيرهم من المحافظة.

أما في بغداد، فقد تظاهر العشرات من المواطنين المسيحيين في اليوم نفسه، احتجاجا على استهداف أبناء طائفتهم في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى الشمالية، مطالبين بدعم دولي للحفاظ على حياتهم ووقف استهدافه، ورفع المشاركون بالتظاهرة، التي دعت لها منظمات مسيحية ومدنية، أعلاماً عراقية ولافتات باللغات العربية والانجليزية والسريانية جاء بأحدها "نشجب ونستنكٍر الأعمال الإجرامية التي طالت أبناء شعبنا المسيحي في الموصل"، وكتب بلافتة أخرى "لا للتهجير المنظم للمسيحيين في الموصل".

لم نسمع من حكومة نينوى سوى الوعود الكاذبة

ويحمل المواطن المسيحي حازم ايشو (35 سنة) الحكومة المحلية في نينوى "مسؤولية النزوح الجماعي للمسيحيين لعدم اتخاذها إجراءات رادعة ضد الجماعات المسلحة التي تستهدفهم".

ويقول ايشو وهو أحد النازحين إلى ناحية القوش لـ"السومرية نيوز"، إننا "لم نسمع من حكومة نينوى غير الوعود الكاذبة حول انتشار قوات أمنية لحماية المسيحيين واعتقال المسؤولين عن أعمال العنف وقتل المسيحيين"، ويستدرك قائلاً "السبب الرئيسي لنزوحنا من منازلنا هو لحماية أطفالنا وأنفسنا من الهجمات التي طالت عدداً كبيراً منا خلال الأيام الماضية".

ويطالب ايشو حكومة نينوى بـ"العمل على توفير الأمن لأبناء الطائفة المسيحية عبر نشر قوات أمنية مكثفة في المناطق التي تسكنها أغلبية مسيحية"، بحسب تعبيره.

وتدار الحكومة المحلية لنينوى من قبل قائمة الحدباء التي ينتمي لها المحافظ أثيل النجيفي ورئيس مجلس المحافظة ومعظم مسؤولي المحافظة الآخرين.

ويعرف قادة القائمة بتوجههم القومي العربي، وكثيراً ما وجهت اتهامات لهم بتهميش وجود قوميات ومجموعات سكانية من غير العرب في المحافظة، حيث يعيش فيها أكراد ومسيحيون ومجموعات من التركمان والايزيديين والشبك.

إننا شعب مهدد في حياته ومستقبله

وتعتقد مها براق (50 سنة) وهي نازحة أيضاً من الموصل، أن "الشعب المسيحي مهدد في حياته ومصيره ومستقبله" ومسألة نزوحهم من مناطقهم هو تأكيد على ذلك.

وتقول براق في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "على الحكومة المحلية والمركزية ضمان أمن المسيحيين وكل الأقليات الموجودة في الموصل والقيام بعملية أمنية كبيرة في المدينة لاعتقال المجموعات المسلحة التي تعمل على قتل المسيحيين"، داعية إلى العمل على "إعادة النازحين إلى مناطقهم وتوفير حياة كريمة لهم".

وكانت مجموعة من الحركات والأحزاب المسيحية طالبت في مذكرة مشتركة في كانون الثاني الماضي قيادة عمليات نينوى بـ "سرعة التحرك وإلقاء القبض على المجرمين والمقصرين لأن العمليات الإرهابية أصبحت تنفذ في وضح النهار وفي ظل وجود القوى الأمنية".

بدورها، أعربت وزيرة الهجرة والمهجرين بالحكومة العراقية السابقة باسكال وردة في حديث لـ"السومرية نيوز"، عن "استغرابها لعدم وجود اهتمام حقيقي بالأمن في المناطق الذين يتواجد فيها المسيحيون في الموصل والمناطق المحيطة بها"، لافتة إلى أن "أعمال استهداف المسيحيين لن تنتهي في حال وقوف الحكومة العراقية بعيداً عن أداء واجبها في حمايتهم، والكشف الجهات التي تقوم بأعمال قتل المسيحيين في العراق وتقديمهم للمحاكمة باعتبارها من الجرائم الكبرى.

من جانبه، يؤكد مدير دائرة الهجرة والمهجرين في نينوى محمد نصار أن "دائرته تستقبل يومياً عشرات الأسر المسيحية المهجرة من جميع مناطق المحافظة"، مضيفاً أن "عشرات الأسر نزحت خلال الأسبوع الحالي فقط إلى إقليم كردستان العراق الذي يعتبر ملاذاً آمنا لهم" بحسب تعبيره.

ويضيف نصار في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "عدد الأسر المسيحية التي نزحت من الموصل خلال الأسبوع الماضي بلغت 55 عائلة فقط في حين أن العدد الإجمالي أكثر من ذلك"، ويستدرك قائلا إن "هناك اجتماع يومي في غرفة طوارئ دائرة الهجرة لمتابعة قضية المسيحيين بحضور ممثلين عن الدوائر الأمنية وبعض الدوائر الأخرى في المدينة".

ويدعو نصار الأسر المسيحية التي نزحت من مناطق سكناها إلى "تسجيل أسماء أفرادها لدى دائرة الهجرة لضمان جميع حقوقهم وتوفير المساعدات اللازمة لهم".

هناك من يريد دفعنا لعدم المشاركة بالانتخابات

من جانبه، يقول قس كنيسة مار أفرام في منطقة المجموعة الثقافية شمال الموصل حازم جرجيس الشماس إن "الهدف من نزوح المسيحيين إلى مناطق سهل نينوى وإقليم كردستان العراق هو محاولة لإبعاد المسيحيين عن إخوانهم في العراق ومن محافظة نينوى بشكل خاص لتحقيق أهداف سياسية".

ويضيف الشماس في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "الكنيسة تلقت مجموعة من التهديدات من المجاميع المسلحة تطالبنا بترك المدينة خلال الفترة المقبلة وقبيل موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة"، لافتاً إلى أن "هدف التهديدات هو منع المكون المسيحي من المشاركة في الانتخابات المقبلة" بحسب تعبيره.

وكان مطران الموصل القس جرجس موسى طالب في حديث سابق لـ"السومرية نيوز"، المجتمع الدولي بتدخل فوري وعاجل لوقف "المجازر التي ترتكب ضد مسيحيي الموصل"، متهما قوات البشمركة من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني بالوقوف وراءها.

فيما أتهم سكرتير المجلس القومي الكلداني ضياء بطرس في حديث سابق لـ"السومرية نيوز" حكومة نينوى بالتقصير في حماية السكان وبينهم المسيحيين الذين "باتوا يعاملون كأهل ذمة"حسب قوله.

القوى التي هجرت الأكراد هي نفسها التي تهجر المسيحيين

وينفي مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل خسرو كوران الاتهامات التي توجه للأحزاب الكردية بقتل وتهجير المسيحيين من الموصل، مؤكداً أن "القوة التي تعمل على تهجير وقتل المسيحيين من الموصل هي ذاتها القوة التي هجرت الآلاف من الأسر الكردية من الموصل خلال السنوات الماضية والتي تحاول إثارة العنف الطائفي في البلاد".

ويحمل عضو القائمة العراقية أسامة النجيفي في تصريحاته باستمرار القوات الكردية مسؤولية ما تتعرض له الطائفة المسيحية في مدينة الموصل.

ويضيف كوران في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "هناك أكثر من 400 أسرة مسيحية نزحت إلى إقليم كردستان وهي تعيش تحت حماية قوات البيشمركة والأمن الكردي في دهوك واربيل"، ثم يتساءل "كيف يمكن اتهام الكرد بتهجير المسيحيين في حين يتواجد هذا العدد الكبير من المسيحيين في محافظات إقليم كردستان"، بحسب تعبيره.

ويشير المسؤول الكردي إلى أن "الأحزاب الكردية قدمت الكثير من المساعدات للأسر المسيحية التي نزحت إلى مناطق تلكيف والحمدانية وبعض المناطق الأخرى"، مبيناً أن " الذين يقفون وراء الأعمال الإرهابية التي تطال مسيحيي الموصل هم فئة قليلة تحاول أن تقف أمام تطلعات الشعب العراقي في تحقيق الأمن والاستقرار".

الأيام المقبلة ستشهد ارتفاعاً في عدد النازحين من الموصل

وتشير مصادر في المجلس الكلداني السرياني الآشوري في مدينة القوش، 30 كلم شمال الموصل إلى أن نحو 250 عائلة مسيحية لجأت إلى مدن القوش، باتنايا، قرقوش، برطلة، كرمليس، تلكيف، تلسقف، وبعشيقة، في سهل نينوى، متوقعاً أن تشهد الأيام المقبلة ارتفاعا في عدد العوائل النازحة، فيما أعلن عضو بمجلس محافظة نينوى عن قائمة عشتار أن "نحو ثلاثة آلاف طالب وطالبة جامعية من الطائفة المسيحية علقوا دراستهم في معاهد وجامعات الموصل بسبب تلقيهم تهديدات من الجماعات المسلحة".

من جهة أخرى، أتهم مصدر مسؤول في قيادة عمليات نينوى جهات عدة بالوقوف وراء استهداف المسيحيين، مشيراً بالاسم إلى "تنظيم دولة العراق الإسلامية وميليشيات تابعة لأحد الأحزاب الكردية".

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "أحد المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية متورط بقتل المسيحيين وأدلى باعترافات تؤكد ضلوع مليشيات تابعة لأحد الأحزاب الكردية المتنفذة في الموصل".

وسبق للحكومة العراقية، وعلى لسان المتحدث باسمها أن أعلنت في 25 من شباط الحالي، أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قرر تشكيل لجنة تحقيق ومتابعة فورية لتوفير إجراءات أمن إضافية لحماية الأفراد والممتلكات والمؤسسات الدينية المسيحية، والتحقيق مع نقاط الحماية التي حدثت عمليات الاستهداف بالقرب منها.

يذكر أن محافظة نينوى، ومركزها مدينة الموصل 405 كلم شمال بغداد، تعد من المناطق الساخنة أمنياً بحسب تقارير وزارة الداخلية العراقية، وشهدت نهاية عام 2008 وفي 2009، تهجيراً قسرياً لعدد كبير من الأسر المسيحية في عدد من مناطق المحافظة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك