اكدت وزارة المالية العراقية انها بصدد انشاء 3 مناطق حرة جديدة في العراق .وقال مصدر في وزارة المالية في بيان امس: «أخذت المناطق الاقتصادية الحرة في السنوات الأخيرة تحظى باهتمام عالمي واسع النطاق حتى غدت تحتل إحدى مراتب الصدارة في أساليب جذب وتوطين الاستثمارات في العديد من دول العالم لما حققته هذه المناطق من زيادة في الإنتاج والتصدير وتنشيط للحركة والتبادل التجاري وتنمية موارد البلد من النقد الأجنبي وامتصاص البطالة واكتساب المعرفة وتوطين التكنولوجيا».
وفي هذا السياق توجه العراق نحو إقامة المناطق الحرة ضمن هيئة خاصة بها هي الهيئة العامة للمناطق الحرة، وبموجب ذلك تم إنشاء ثلاث مناطق حرة هي (المنطقة الحرة في خور الزبير (البصرة)، والمنطقة الحرة في نينوى، والمنطقة الحرة في القائم) والجهود قائمة لفتح كثير من المناطق الأخرى.
وقد مارست هذه المناطق عملها منذ عام 2000 تقريبا. وحتى الآن وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها، فإن البلد يسير الآن بخطوات حثيثة وبوتيرة متصاعدة نحو المزيد من التطور والتشغيل والتفعيل لأنشطته المختلفة. وعن مقومات نجاح هذه المناطق، قال المصدر إن من بين أهم تلك المقومات هو أن العراق يحتل موقعا استراتيجيا وسيطا بين دول العالم، فهو قريب من الأسواق العالمية، ويطل على الخليج العربي من جهة وعلى مشارف أوروبا من جهة أخرى، مما يجعله نقطة وصل جغرافي لخطوط التجارة الدولية التي تربط دول غرب آسيا ودول الخليج العربي وجنوب شرقي آسيا مع أوروبا.
وأضاف أنه يساعد في ذلك وجود الموانئ العراقية والمنافذ الحدودية البرية الكثيرة والمطارات مع ارتباط العراق بشبكة كثيفة من الطرق البرية السريعة وخطوط السكك الحديدية وخطوط الملاحة البحرية. من هذا المنطلق نجد أن مواقع المناطق الحرة العاملة بالعراق حاليا تحتل مكانة متميزة ضمن موقع العراق الاستراتيجي، فالمنطقة الحرة في خور الزبير تطل على الخليج العربي ومجاورة للموانئ وقريبة من ثلاث دول هي السعودية، والكويت، وإيران، والمناطق الحرة في نينوى قريبة من سورية، والأردن، وتركيا ومنها إلى الأسواق الأوروبية،
أما المنطقة الحرة في القائم فهي قريبة من الأردن وسورية. ومن المقومات الأخرى أن العراق يحتل ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، كما أنه يعد أحد مكامن الاستثمارات الصناعية لتوفير الطاقة الرخيصة (النفط والغاز الطبيعي) ومنتجاتها كالبتروكيميائيات والأسمدة والخامات كالفوسفات والحديد والأملاح والمنتجات الزراعة والحيوانية، وهذه تعد مدخلات لكثير من الصناعات، بغض النظر عن المقومات التشريعية والقانونية التي هدفت بمجملها، وأيضا تلك الخاصة بالمناطق الحرة، إلى جذب الاستثمارات إليها من خلال الحوافز والإعفاءات والضمانات الممنوحة للمستثمرين. وذلك بالإضافة إلى سهولة ومرونة عملية التعاقد وانسيابية إجراءات العمل داخل المناطق الحرة.
وتهدف كل هذه الخطوات إلى تسهيل الإجراءات أمام المستثمرين مع إيجاد مزايا تنافسية مقارنة بالمناطق الحرة المجاورة بشكل خاص، كما تتوفر في العراق الأيدي العاملة الماهرة من خريجي الجامعات والمعاهد الفنية والإدارية العراقية والأجنبية، وبأجور منخفضة مقارنة مع مثيلاتها في الخارج، وهذا يجنب المستثمر الأجنبي أعباء جلب العمالة الماهرة من الخارج. كما تعد السوق العراقية من الأسواق الاستهلاكية الكبيرة والواعدة، آخذين بنظر الاعتبار ارتفاع الميل للاستهلاك فيه، خاصة بعد ارتفاع القوة الشرائية للفرد العراقي.
ومن جانب آخر، فإن المناطق الحرة العراقية قريبة من بعض الأسواق الخارجية، خاصة أسواق دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وتركيا والأردن وسورية واحتمال الامتداد إلى الأسواق الأخرى في آسيا وأوروبا إضافة إلى إمكانية استغلال تجارة المرور العابر (الترانزيت) إلى أسواق تركيا وسورية والأردن. مما يميز الاستثمار في المناطق الحرة العراقية هو انخفاض تكلفة الاستثمار للمشروعات سواء التكاليف الاستثمارية أم التشغيلية، والمعلوم أن خفض التكلفة من أهم عوامل تشجيع الاستثمار،
ويرجع سبب انخفاض التكلفة إلى الفرق بين سعر صرف العملة المحلية مقابل النقد الأجنبي وهذا يؤدي إلى انخفاض قيمة مستلزمات الإنتاج المحلية من المواد الأولية والخامات والسلع الوسيطة وانخفاض معدل الأجور ورسم الخدمات المقدمة، كما وضعت قوانين وتعليمات المناطق الحرة أسعارا تنافسية للأجور والبدلات المترتبة على الاستثمار ونشاط المشروعات داخل المنطقة الحرة. أما مزايا الاستثمار في المناطق الحرة العراقية فهي كثيرة ومتعددة الجوانب، فهناك حرية اختيار النشاط الذي يمكن للمستثمر الاستثمار فيه، وعدم وجود قيود على جنسية المستثمر أو رأس المال المستثمر، وفرص للاستثمار الأجنبي بنسبة 100 في المائة ولا ضرورة لوجود الشريك المحلي، وحرية اختيار الشكل القانوني للمشروع؛ مشروع فردي ـ شركة ـ مشاركة، وحرية تحويل الأرباح والأموال المستثمرة، وحرية الاستيراد وعدم الخضوع لقيود الاستيراد والتصدير. وذلك لمنح المستثمرين الأجانب تسهيلات للإقامة داخل البلد، وحرية استقدام واستخدام العمالة الأجنبية مع تسهيل إجراءات منحهم تأشيرة الدخول والإقامة، وحرية التشغيل لحساب الغير لاستغلال ما يقدمه المشروع من خدمات، وحرية تحديد أسعار المنتجات وتحديد نسب الأرباح، وعدم تحديد سقف زمني أو قيد على بقاء البضائع داخل المنطقة الحرة، متى ما كانت صالحة للإيداع ويؤدى عنها بدل الخزن. كما منحت الحكومة العراقية كثيرا من الحوافز والإعفاءات التي تتمتع بها مشروعات المناطق الحرة العراقية مثل أسعار تنافسية للأجور والبدلات، وإعفاء رأس المال والأرباح والإيرادات الناجمة عن الاستثمار من الضرائب والرسوم كافة طيلة عمر المشروع، وإعفاء البضائع المصدرة والمستوردة من الضرائب والرسوم كافة عدا ما يصدر ويستورد من وإلى داخل البلد، وإعفاء مدخولات العاملين الأجانب من ضريبة الدخل.
ويحق للمستثمر التصرف بالمشروع تنازلا أو مشاركة كليا أو جزئيا، ولا يخضع إدخال وإخراج العملات الأجنبية أو التعامل بها داخل المناطق الحرة لأي قيد أو شرط، وإعفاء البضائع المتوجهة إلى المناطق الحرة من المنافذ الحدودية كافة من رسوم الترانزيت مع حرية نقل البضائع ما بين المناطق الحرة وهي معفية من الرسم الجمركي ورسم الترانزيت. وما يلاحظ أخيرا وبحسب المصدر تهافت الدول المجاورة أو شركاتها الكبيرة على الطلب لإقامة مناطق حرة مشتركة مع العراق قرب المنافذ الحدودية،
ومن جانب آخر الطلب على إقامة مناطق حرة خاصة بهم داخل الأراضي العراقية وتحت إشراف المناطق الحرة العراقية، وهذا يعني بمجمله أن المناطق الحرة العراقية متى ما استغلت عناصر الجذب التي تمتلكها فهي تعد منافسة للمناطق المجاورة، حيث إن الاستثمارات يمكن أن تتوجه نحو المناطق الحرة العراقية. وأوضح الخبير في البنك المركزي العراقي مظهر محمد صالح أن العراق وعلى الرغم من أنه أصدر قانون المناطق الحرة بعد عام 1990، فإنه لم يقم بالتعامل بهذا القانون بسبب الأحداث التي مرت على البلد، وعلى الرغم من أنه تحرر تجاريا بعد عام 2003، فإنه ما زال بحاجة للمناطق الحرة بسبب ضعف المنافذ التجارية مع العالم، فلا توجد هناك مخازن تجارية كبيرة في العراق، وهنا ستخلق المناطق مؤسسية لإنشاء مناطق مخدومة تصادق على مناشئ السلع، وجميع التعاملات التجارية ستختصر، كما يمكن أن تتحول هذه المناطق الحرة إلى مناطق صناعية وتجلب رأسمال لغير المقيمين داخل العراق.
https://telegram.me/buratha