ازدادت حدة العواصف الترابية التي تضرب معظم مناطق البلاد بعد أحداث العام 2003 بشكل لافت، وباتت اليوم ظاهرة ملازمة لحياة المواطن.وبحسب خبراء، فان العراق تعرض خلال الاونة الاخيرة لمشكلة التصحر التي أصابت أكثر من 90 بالمائة من مساحته بدرجات متفاوتة، لأسباب عدة اهمها الممارسات الخاطئة للإنسان التي أسهمت بتدهور الغطاء النباتي للمراعي الطبيعية، اضافة الى الرعي الجائر والزراعة الهامشية في اراض غير مضمونة الامطار، وهو ما ادى الى تكوين الكثبان الرملية المتحركة وظهورها في مناطق لم تكن موجودة من قبل، والتي أدت بمجموعها الى زيادة العواصف الترابية التي تجتاح بغداد وبقية المدن خلال أشهر الصيف.
وتوقع مدير الهيئة العامة لمكافحة التصحر في وزارة الزراعة الدكتور فاضل الفراجي استمرار العواصف الترابية طيلة موسم الصيف، الذي عزاه الى قيام البدو بإزالة النبات الطبيعي من الأراضي وزراعتها بمحاصيل الحبوب بشكل عشوائي وغير مدروس، لافتا الى ان حركة الاليات العسكرية فوق الاراضي الصحراوية منذ عام 1991 تسببت هي الاخرى بإزالة الطبقة السطحية الصلبة التي استغرقت عقودا طويلة لتتصلب وبالتالي انتقالها عن طريق الرياح وتعرضها الى ما أسماه بـ"التعرية الريحية"، فضلا عما تلا ذلك من إزالة الاشجار في الاحزمة الخضر حول أغلب المدن وخاصة بغداد.
الدكتور الفراجي بين أن المشكلة ازدادت "مأساوية" عقب عام 2003 عندما أزيلت الاشجار والنبات الطبيعي بشكل كامل من جميع أنحاء البلاد لأغراض التدفئة أو لأسباب أمنية أو حتى لصناعة الاثاث غير المتقن، لافتا الى أن الجفاف الذي يضرب البلاد للعام الخامس على التوالي أسهم بزيادة حدة المشكلة متمثلة بارتفاع حدة ومدة العواصف الترابية للعام الحالي.
مدير الهيئة العامة لمكافحة التصحر رأى ان الحل يكمن في تدخل الدولة الفوري وعلى أعلى المستويات لإيقاف حركة العجلات الثقيلة فوق الاراضي الصحراوية واعتماد الطرق المعتمدة فقط للسير فيها، فضلا عن فرض عقوبات رادعة ضد من يمارس الحراثة والزراعة في تلك الاراضي، كاشفا أن خطط المعالجة الجذرية الواجب القيام بها قد تستمر عشرة أعوام قبل ان تؤتي ثمارها المنظورة لتقل أو تتراجع حدة العواصف الترابية في عموم محافظات البلاد، منوها بأن التخصيصات السنوية للهيئة من وزارة الزراعة لا تكفي للحد من هذه الظاهرة التي وصفها بـ"الخطيرة" والتي ازدادت وتيرتها بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية وتهدد بتحويل ملايين الدونمات الزراعية الخصبة في وسط البلاد وجنوبيها الى جزء من الصحراء.
https://telegram.me/buratha