لم يكن مشهد الشرطيات مألوفاً في النجف، حتى بداية الشهر الجاري، عندما انتشرت عشرات النساء لحراسة المشاركين في ذكرى عاشوراء، وهن يرتدين زيهن العسكري تحت عباءاتهن التقليدية السوداء. ويقتصر عمل الشرطيات حالياً على تفتيش النساء الداخلات الى المدينة القديمة، او زوار الأضرحة، وبعضهن يعملن في مجال الاستخبارات وتقديم المعلومات الى الاجهزة الامنية. وخضعت الشرطيات لدورة مكثفة دامت ثلاثة أشهر، تدربن خلالها على عمليات الدهم والتفتيش ومطاردة العناصر الخارجة عن القانون.
آمال إحدى الشرطيات وهي أم لطفلين قالت إنها لم تكن تسعى إلى أن تكون شرطية ولم يكن هذا طموحها. ورضيت بالواقع لأنها تريد «توفير لقمة العيش ودفع ايجار المسكن». لكنها أضافت أنها دخلت «عالماً جديداً، محملة بالطموح والأمنيات الكبيرة». وأضافت انها تطوعت لحماية المناسبات الدينية في البداية، وعندما رأت أنها يمكن أن «تلعب دوراً مهماً في بسط الأمن كشرطية»، ارتأت الاحتراف. وأكدت أن «عملها لا يؤثر سلباً في واجباتي كربة بيت، بل بالعكس يمكن ان يوفر لي دخلاً إضافياً أستطيع من خلاله تربية طفلي».
وأما الشرطية أم وسام فقالت إن «رجال الدين والمراجع كان لهم الدور الأكبر في التشجيع على تطوع النساء في الشرطة وتغيير النظرة الاجتماعية للأدوار التي يمكن ان تلعبها المرأة». واضافت: «طلب بعض الأهالي فتوى في الأمر من المرجع الكبير آية الله علي السيستاني فكانت فتواه الى جانبنا شرط أن نحافظ على ستر النفس والحجاب». وأشارت الى ان «عملنا لا يختلف عن عمل الموظفات الاخريات في الدوائر الحكومية، إذ يقتصر على تفتيش النساء وجمع المعلومات».
إلى ذلك، أكد الضابط في الاستخبارات مهدي الخفاجي ان «النساء اللواتي يعملن في سلك الشرطة حققن انجازات باهرة»، واضاف انه «كان للشرطيات دور كبير في النجاح الأمني الذي حققناه في مناسبة عاشوراء في النجف وكربلاء، من خلال تفتيش النساء تفتيشاً دقيقاً الى جانب عمليات التنصت الاستخباري». وأشار إلى ان «الكثير من العمليات الارهابية كشفت في النجف قبل وقوعها بفضل الشرطيات فهن يتخفين بزي النساء ويختلطن بالزائرات منذ لحظة دخولهن المدينة».
في السياق ذاته، قال مدير «مركز تطوير وتأهيل النساء» في النجف عادل المالكي لـ «الحياة» إن «ارتفاع معدلات البطالة والفقر أجبر عدداً لا يحصى من النساء على البحث عن عمل في مواقع كانت المرأة تتفاداها». واضاف: «انه سجل أكثر من 9000 امرأة في سجلاته من اللواتي لم يجدن عملاً حتى الآن».الشرطية أم علي في الـ45 من عمرها تقول: «حاول والداي منعي من الانخراط في السلك، ولكنني أصررت على العمل لأنني أردت أن أجلب الخبز إلى مائدة أولادي»
https://telegram.me/buratha