بالرغم من مرور ما يقارب الخمسة اشهر على تقديم قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث من قبل الحكومة الى مجلس النواب ما يزال هذا القانون حبيسا في اروقة مجلس النواب بشكل يثير التساؤل والشكوك حول عدم اقرار هذا القانون الذي بات مطلبا شعبيا خصوصا بعد الكشف عن ان رواتب الرئاسات الثلاث تشكل 21% من الميزانية التشغيلية للعام الحالي .
ويعزو نواب وسياسيون التأخر في اقرار قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث الى دخوله في [انفاق مظلمة] لدى رئاسة مجلس النواب وتم تخبئته في ادراجها ووضعه على الرفوف المنسية.
اذ يقول النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان ان قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث دخل نفقا مظلما لدى رئاسة مجلس النواب.
واوضح عثمان لوكالة كل العراق [أين] " يبدو ان رئاسة مجلس النواب ورئاسة الوزراء تمتلك انفاقا تخبأ بها القوانين التي لا تحظى بقبول بعض الكتل السياسية ".
واضاف ان " قانون رواتب الرئاسات الثلاث هو واحد من القوانين التي حصل فيها تماطل في اقرارها كونه لم ينل رضا بعض الكتل السياسية"، مشيرا الى انه" سمع اكثر من مرة قبل نحو شهرين ان القانون سيعرض في مجلس النواب لاقراره خلال الايام المقبلة ولكن لم يحصل اي شيء من ذلك".
واكد عثمان انه " طالب كثيرا بضرورة الاسراع في اقرار هذا القانون كونه بات مطلبا شعبيا لكن لم تلق تلك المطالبات اصداء تذكر".
وكان مجلس الوزراء صادق في الاول من شهر اذار الماضي على قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث وحوله الى مجلس النواب للمصادقة عليه .
وبحسب القانون المقدم من قبل مجلس الوزراء فان نسب تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث تفاوتت بين 80% و 40%، اذ تم تخفيض رواتب رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب من 50 مليون دينار الى 12 مليون دينار و7 ملايين لنوابهم مع ثلاثة ملايين مخصصات، والوزراء يصبح راتب كل فرد منهم 5 ملايين دينار مع اضافة ثلاثة ملايين مخصصات، ورواتب أعضاء مجلس النواب 7 ملايين لكل نائب وثلاثة ملايين مخصصات .
ويرى مراقبون ان تطبيق هذا القانون سيعزز من ثقة المواطنين بالدولة العراقية فضلا عن انه سيزيل اعباءً عن كاهل الميزانية العامة للبلد جراء الرواتب الضخمة لتلك الرئاسات .
وصوت مجلس النواب في جلسته الواحدة والاربعين من الفصل التشريعي السابق على قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث بشكل مبدئي واحاله الى لجنتي المالية والقانونية النيابيتين لتحديد نسبة التخفيض ومن ثم التصويت عليه بشكل نهائي .
من جهته ارجع النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي التأخر في اقرار هذا القانون الى رفض كتلا سياسية لم يسمها لهذا القانون .
واضاف في تصريح لـ [أين] ان " المطالبات بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث ازدادت بشكل كبير ومن قبل مختلف فئات الشعب العراقي".
واوضح المالكي ان " اقرار هذا القانون بات مطلبا ضروريا بعد ازدياد المطالبات بتخفيض رواتب المسؤولين في الدولة"، مشيرا الى دعوة المرجعية الدينية في النجف الاشرف بضرورة تخفيض رواتب مسؤولي الدولة كونها تمثل فرقا شاسعا عن دخل الموظفين والمواطنين الاعتياديين".
وكان ممثل المرجعية الدينية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي انتقد في خطبة صلاة الجمعة الماضية تأخر مجلس النواب في اقرار قانون تخفيض رواتب االرئاسات الثلاث مضيفا انه " بالرغم من ان تخفيض الرواتب للمسؤولين والدرجات الخاصة تضمن تخفيضاً شكلياً ورمزياً وهو بمقدار مليون دينار فقط الا انه لم يقر حتى الان رغم مرور خمسة أشهر من عرض مسودة قانون تخفيض الرواتب على مجلس النواب".
واستغرب الكربلائي تناسي أعضاء مجلس النواب وتجاهلهم هذا المبدأ ووضعهم تلك المسودة على الرفوف العالية لتصبح في مطاوي النسيان ،حسب قوله.
كما أوضح ممثل المرجعية الدينية العليا إن "أبناء الشعب العراقي لا يمكن أن ينسوا هذا الأمر وهو مورد امتعاض وتذمر وسبق أن طالب به أبناء الشعب العراقي والمرجعية الدينية العليا وبشدّة وهو من المعالجات الأساسية لإشعار المواطنين بل والعمل من خلال التخفيض الذي يجب أن يكون بفارق يُشعر المواطنين بعدم وجود فوارق فاحشة في هذه الرواتب".
وقرر مجلس النواب في العاشر من الشهر الماضي تأجيل التصويت على قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث بسبب خلاف بالرؤى بين اللجنتين المالية والقانونية في المجلس حول هذا القانون اذ ترى اللجنة َالقانونية ان يتمَ سنُ كل قانون لوحده بحيث يكونَ لرئاسة الجمهورية قانون ولرئاسة مجلس النواب قانون ولرئاسة الوزراء قانون اخر .
من جانبه أكد عضو في مجلس النواب عن كتلة شهيد المحراب أنّ "هناك مشاكل غير معلنة في تنظيم سلم رواتب الرئاسات الثلاث على أساس الدرجات الوظيفية للمواطنين".
وقال النائب عبد الحسين عبطان لـ[أين] إنّ "البعض يطلق الشعارات ولايريد أن ينفذ تنظيم سلم رواتب الرئاسات باعتبار أنّ أعضاء مجلس النواب لهم مصروفات وبعضهم الآخر لم يعلق على هذه المسألة".
واضاف ان "المرجعية الدينية ترى أنّ التأخير في مصادقة مجلس النواب على القوانين الضرورية للبلد كقانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث هو احد اسباب بطء التقدم في العراق".
يذكر ان مجلس النواب اصدر بيانا في شهر نيسان الماضي اكد فيه ان "مشروع قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث تجاوز معظم مراحل تشريعه من احالة الى اللجان المختصة وقراءة اولى وثانية ولم يتبقى الا اكمال مناقشته والتصويت عليه".
واوضح البيان ان "مشروع القانون هو حاليا معروض على اللجنتين القانونية والمالية ولايوجد أدنى تسويف في الموضوع بل هو تطبيق للمادة الرابعة من النظام الداخلي للمجلس التي نصت على ان يلتزم اعضاء مجلس النواب في مناقشاتهم وما يتخذونه من قرارات بأحكام ما يشير الى تنظيم حقوق وامتيازات الرئاسات الثلاث بقوانين تضمنتها ثلاث مواد دستورية كل على انفراد [63, 74, 82] ".
واضاف ان "الوقوف عند هذه القضية وحسمها خير من المجازفة بالاسراع بتشريع قانون قد يُطعن فيه بعدم الدستورية مما يؤدي الى ابطاله واجهاض المقاصد المطلوبة من تشريعه".
ويرى محللون سياسيون ان الطبقة السياسية في البلد لاتمتلك الرغبة الصادقة في تلبية المطالب الشعبية بتخفيض قانون رواتب الرئاسات الثلاث .معتبرين ان بعض الكتل السياسية تنظر الى الرواتب التي يتقاضوها بنظرة مقدسة لا ينبغي التجاوز عليها .
وقال المحلل السياسي احمد الابيض " يبدو ان قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث قد خبئ في احد ادراج مجلس النواب كونه لا يصب في مصلحة الكتل السياسية".
واضاف ان "الكتل السياسية تمانع في اقرار هذا القانون كونها تعتبر ان الرواتب التي يتقاضها اعضائها من المقدسات التي لا ينبغي المساس بها تحت اي مطلب او ضغط جماهيري"، متسائلا عن " ملائمة الرواتب الضخمة التي يتقاضاها المسؤولين والمهام المناطة بهم".
واوضح ان " البلاد بحاجة ماسة لهذه الكمية الكبيرة من الاموال خصوصا انها تصرف على اشياء كمالية يستفاد منها المسؤولون حصرا ".
https://telegram.me/buratha

