اثارت التلميحات التي اطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي بامكانية الطلب بحل البرلمان واسقاط الحكومة الكثير من الدهشة والاستغراب في الاوساط السياسية العراقية كون رئيس الوزراء لايملك الصلاحية الدستورية لتنفيذ تلك التهديدات.واعرب عددا من النواب عن اعتقادهم بأن تلك التلميحات جاءت متناغمة مع الحالة التي تعيشها البلاد من تجاذبات وتهديدات كانت كالنار تحت الرماد سرعان ما استعرت لتنذر بحريق قد يصعب اطفائه وعودة غير مرغوب بها الى مربع يخشى الجميع العودة اليه.
ويرى البعض ان تلك التصريحات تصنف ضمن هذا الباب لتوجيه ضغوط من رئاسة الحكومة على الاطراف التي تصدت للحرب الباردة التي اندلعت بين ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي من جهة وبين ائتلافات اخرى يقف في مقدمتها ائتلاف العراقية بزعامة اياد علاوي واطراف منضوية في التحالف الوطني الذي ينضوي ائتلاف المالكي تحته اشتركت في حرب التصريحات الكلامية بينما يرى البعض الاخر ان تلك التلميحات تعكس مدى الضغط الذي تعانئه الحكومة نتيجة قرب انقضاء مهلة المئة يوم التي ربما (تورط) السيد المالكي باطلاقها بعد اندلاع تظاهرات الخامس والعشرين من شباط الماضي .
حيث يؤكد النائب عن التحالف الوطني عن كتلة شهيد المحراب حبيب الطرفي ان الوضع الذي تمر فيه الحكومة في الوقت الحاضر هو من دعا السيد المالكي الى اطلاق تلك التصريحات التي حملت التلميحات بحل البرلمان والحكومة وهو الامر الذي ليس له سند دستوري او قانوني لان حل البرلمان ليس من صلاحيات رئيس الوزراء.
وقال الطرفي في تصريح صحفي نقلته وكالة المستقبل للانباء :" ان صلاحيات رئيس الوزراء معروفة وليس من ضمنها حل البرلمان وانما هذه من صلاحيات الاعضاء انفسهم اوطلب من رئيس الجمهورية للبرلمان يتطلب نسبة تأييد معينة او وفق ضوابط واليات معينة.
وحول امكانية الاستعانة من قبل رئيس الوزراء بالمحكمة الاتحادية حول صلاحياته في هذا الشأن خصوصا وان الدستور لم يشر الى صلاحية رئيس الوزراء و ذكر فقط رئيس الجمهورية ,يشدد النائب حبيب الطرفي القول" استبعد مثل ذلك الامر لان المواد الدستورية واضحة في هذا الشأن والقضية محسومة دستوريا", مشيرا الى ان مجلس النواب سيصوت قريبا على قانون المحكمة الاتحادية بعد ان تم قراءته قراءة ثانية وستبين صلاحيات المحكمة الاتحادية فيما يخص هذا الشأن ومن هو الذي يمتلك الصلاحية في حل مجلس النواب او الايعاز له بالاستمرار بعمله.
واكد الطرفي على ان القضاء سيكون قضاءا مستقلا ولن يكون هنالك اي تأثير عليه من كلا السلطتين(التنفيذية والتشريعية ) بعد تلك المرحلة وستسير كل المفاصل في الدولة بالطرق السليمة دون تدخل من احد.
وبشأن حل الحكومة اوضح الطرفي ان مثل هذا الامر ايضا ليس بالامر الذي من الممكن ان يتخذه شخص واحد لان الحكومة هي حكومةشراكة وطنية اشترك فيها اغلب الكتل السياسية وليست حكومة رئيس الوزراء ويجب ان يحصل توافق حول حلها او اقالتها ان اريد لمثل هكذا قرار ان يتخذ معربا عن امله في ان لا تكون تصريحات القادة السياسيين بهذا التشنج والحدة .
وكان رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي قال:" ان مجلس النواب هو السلطة العليا بالبلد ولا تستطيع اية جهة حله ، الا المجلس نفسه ".واضاف النجيفي في مؤتمر صحفي عقده عقب تصريحات المالكي :" ان هناك امكانية بان يطلب رئيس الوزراء من رئيس الجمهورية حل المجلس ، لكن القرار الاول والاخير سيكون للمجلس باغلبية 163 نائبا ". واشار الى انه سيبادر لدعوة القيادات السياسية الاساسية في البلد الى اجتماع تحت قبة البرلمان ، "من اجل المكاشفة وتفعيل الاتفاقيات والمضي بالشراكة ,لاننا نحتاج الى العمل سوية ، ولان اي تفرد بالحكم غير ناجح وسيؤدي للكثير من الشحناء ، والعراق يحتاج مساهمة الجميع والثقة والاحترام المتبادل".وشدد النجيفي على ضرورة " التزام الجميع بمبدأ الشراكة وليس بالقول فقط ، وان لا تعمل بعض الكتل على التمسك بالحكم والقفز على الشراكة"..
وكان رئيس الوزراء اشار في مؤتمر صحفي امس ، الى امكانية ان يطلب من رئيس الجمهورية حل مجلس النواب ، في حال رأى ان المجلس غير فاعل ولا يدعم الحكومة بالقوانين ".
من جهته شدد النائب عن التحالف الوطني قاسم الاعرجي ان مالوح به رئيس الوزراء حول امكانية حل الحكومة الجديدة أمر غير ممكن، مشيراً في تصريح صحفي :" ليس من حق رئيس الوزراء حل البرلمان ولا الحكومة التي جاءت بتوافقات سياسية بين الكتل سواء تلك التي حدثت في اربيل وغيرها ، مبيناً ان على المالكي تقديم الاسماء المقصرة في الحكومة الجديدة بعد انتهاء فترة المئة يوم بدلاً من حل الحكومة الجديدة التي لم تكتمل لغاية الان .
بينما يؤكد عضو كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري والنائب رياض الزيدي انه لا يحق لرئيس الوزراء نوري المالكي حل مجلس النواب او امهاله ضمن الفترة التي أمهلها لحكومته.
وقال الزيدي:"لا يحق لرئيس الوزراء نوري المالكي حل او أمهال مجلس النواب، لان البرلمان مؤسسة تشريعية رقابية مستقلة، يقودها الاعضاء المنتخبون فقط،" موضحاً "عدم وجود سلطة على مجلس النواب سوى الشعب الذين انتخب اعضاءه.
بينما اكدت المتحدثة بأسم القائمه العراقية أن حكومة الشراكة الوطنية تمثل مسؤولية الجميع، وأنها متمسكة بالتزاماتها تجاه الشعب العراقي رافضة الاستجابة لأية محاولة من شأنها أن تزج العراق في سلطة الشخص الواحد.
وقالت عضو القائمة العراقية في البرلمان ميسون الدملوجي إن الشعب العراقي لا يمكن ان يحكم من خلال شخص واحد في الحكومة، وانما يجب ان تكون هناك حكومة قائمة على المؤسسات التي يديرها عدد من الاشخاص في إطار دستوري واضح".
وأضافت الدملوجي ان "هنالك محاولات جديدة تعمل لزج العراق بسلطة انفرادية مرة اخرى"وشددت عضو مجلس النواب على وجود خطر احمر بشأن اختزال العراق في حزب واحد، مؤكدة عدم قناعة قائمتها بهذا التصور الذي من شأنه أن يستعيد مفاهيم الدكتاتورية.
ودعت الدملوجي إلى ضرورة الالتزام بتنفيذ خطة الحكومة للمئة يوم، مشيرة إلى أن قائمتها ستعمل على رفع الثقة عن الحكومة في حال فشلها في تنفيذ التزاماتها، ملمحة إلى أن إجراء العراقية سيكون في جلسات البرلمان وستطالب أصوليا بتكليف كتل اخرى بتشكيل الحكومة. بينما تؤكد النائبة عن القائمة ذاتها وحدة الجميلي على ان أن المالكي قادر على حل مجلس النواب.
وقالت الجميلي أنه "في حال اوعز رئيس الوزراء إلى أعضاء التحالف الوطني بحل مجلس النواب فأنهم سيسمعون كلامه ويحلون المجلس"، معتبرة "تلويح المالكي بحل المجلس بمثابة رسالة إلى مجلس النواب مفادها انه إذا أخفقتم في بعض الانجازات فسوف أحل المجلس، معتبرة دعوة علاوي لانتخابات مبكرة رسالة تهديد وضغط على المالكي بحل البرلمان وإعادة الانتخابات".
ودعت النائبة عن القائمة العراقية إلى "خلق حالة من التوازن السياسي"، مؤكدة أنه "خلاف ذلك ستظل الفوضى السياسية سائدة في البلاد ، وكأن البرلمان لعبة بيد زعيم القائمة العراقية ورئيس الوزراء وهذا الأمر مرفوض قطعا لان للبرلمان شخصية معنوية وإدارية ومالية مستقلة، فضلا عن أنه وجد بارادة شعبية ويمثل ثلاثين مليون مواطن ممثلين بـ 325 برلماني انتخبهم الشعب وليس من حق المالكي أو علاوي أن يحلوا المجلس الذي يحتاجه الشعب حاليا أكثر من أي وقت".
بينما تقول النائبة عن التحالف الوطني /حزب الفضيلة/ سوزان السعد انه " لا يمكن حل البرلمان من قبل اي شخص لانه ممثل لارادة الشعب الذي انتخبه وجاء به الى مراكز القرار ".
واضافت :" ان البرلمان جاء من خلال الانتخابات وهو الذي منح الثقة للحكومة ويستطيع حل الحكومة في حال فشلها من خلال الحصول على اغلبية الاصوات ، وكذلك الحال في سحب الثقة عن وزير او مسؤول معين ".
واشارت السعد الى " ان عمل البرلمان يختلف عن عمل الحكومة ولا يمكن المقارنة بينهما ، اذ ان البرلمان هو جهة تشريعية اما الحكومة فهي الجهة التنفيذية وعلى عاتقها تقع مهمة التنفيذ ".
وتابعت :" ان رئيس الوزراء نوري المالكي هو من الزم نفسه بفترة المائة يوم وليس البرلمان ، وان من واجب الحكومة تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل وذلك ليس من صلاحيات البرلمان بصفته المشرع لا المنفذ ".
ويذهب النائب عن التحالف محمود عثمان الى أن تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي كشفت عن عمق الخلافات السياسية بين الطرفين، مبينا أن تلك الخلافات ستنعكس سلباً على العملية السياسية.
وقال عثمان إن الجميع لديه اطلاع على حجم الخلافات بين قائمة ائتلاف دولة القانون والعراقية، منوها إلى أن التوافق السياسي لم يكن واضحا في الحكومة الحالية وكل جهة تحاول ان ترمي الكرة في الجهة الأخرى. مشيرا إلى أن تلك الخلافات عميقة ويصعب حلها
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي لوح، الأربعاء الماضي ، بتقديم استقالته وإسقاط الحكومة والمطالبة بحل مجلس النواب في حال رأى أن لا فائدة منه، مشيراً إلى أن فشل أي وزير في مهامه يعني فشل الكتلة السياسية التي ينتمي إليها.
وقال رئيس الوزراء نوري المالكي خلال مؤتمر صحافي في مبنى رئاسة الوزراء، إن "التحالف الوطني مشترك في مجلس النواب بـ159 مقعداً ومن حق هذه الكتلة أن تستثمر حقها في المطالبة بحل مجلس النواب، إذا رأينا أن لا فائدة منه"، مبيناً أنه "في هذه الحالة، سيكون الخيار الوحيد أمامي أن أقدم استقالتي وأسقط الحكومة و اطالب بحل مجلس النواب".
وتساءل المالكي "لماذا التناقض في آراء بعض السياسيين الذين يقولون أن الـ100 يوم من مسؤولية الحكومة وحدها"، معتبراً أن "الكتل تتحمل بدورها المسؤولية لأنها ممثلة بوزراء ضمن الحكومة".
وأكد أن "فشل أي وزير في مهامه يعني فشل الكتلة السياسية التي ينتمي إليها"، لافتاً إلى أن "الوزير لن يتمكن من أداء مهامه بالشكل المطلوب إذا كان محارباً من قبل الكتل السياسية".
وأمهل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في 27 من شباط الماضي، الوزارات وإدارات المحافظات مائة يوم لتقييم عملها ومعرفة مدى نجاحها أو فشلها، مؤكداً أن الوزارات ستشهد تغييرات كبيرة وفق نتائج التقييم.
وطالبت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، في 2 أيار الجاري، بتنفيذ جميع اتفاقات أربيل وتسمية الوزراء الأمنيين قبل انتهاء مهلة المائة يوم التي فرضتها الحكومة على نفسها في حال رغبت بتطبيق الشراكة الوطنية، مؤكدة أن الأخيرة ستتحمل وحدها مسؤولية الفشل بعد مائة يوم من الوعود كون جميع الصلاحيات لا زالت محصورة بمكتب رئيس الوزراء، فيما لفتت إلى أن الحكومة ستعمل على تحميل الكتل الأخرى مسؤولية فشلها.
يذكر أن رئيس البرلمان أسامة النجيفي هدد عقب التظاهرات التي شهدتها البلاد، بسحب الثقة من الحكومة الحالية وإسقاطها ما لم تلب مطالب المواطنين، فضلاً عن سحب الثقة من كل وزير لا يستطيع تنفيذ نسبة 75% من البرامج الموضوعة لوزارته، الأمر الذي عده ائتلاف دولة القانون محاولة من النجيفي لرسم دور له أكبر من دوره الحقيقي.
وكان زعيم القائمة العراقية اياد علاوي اعتبر في في 9 آيار الحالي، أن حكومة المالكي تعمل بطريقة سرية من خلال إرسالها اسماء مرشحي الوزارات الأمنية إلى البرلمان، وأشار إلى أن على المالكي الحرص على الشراكة الوطنية لأن العملية السياسية ليست ملكا للمالكي وإنما هي للشعب العراقي.
وحذر علاوي في 10 آيار الحالي، المالكي من التنصل من وعوده، على خلفية الصراع حول التعيينات في المناصب الامنية، وحق العراقية بتسمية وزير الدفاع تبعاً لمبادرة البارزاني، لافتاً إلى أن القائمة ستدعو لانتخابات مبكرة في حال استمراره بسياسته.
وكانت بعض وسائل الإعلام تداولت، الاثنين الماضي، نص رسالة رئيس الوزراء نوري المالكي، إلى رئيس الكتلة العراقية إياد علاوي والتي جاء فيها " دعني أغتنم هذه الفرصة لأقول لكم، أن مواقفكم طيلة هذه الفترة وحضوركم الاعلامي ومحادثاتكم في زياراتكم المختلفة للدول العربية وغير العربية لم تصب يوما لصالح البلاد والعملية السياسية، بل كنتم تسددون لها أقوى الضربات وتتهمونها بمختلف التهم من الطائفية إلى الدكتاتورية إلى غيرها من الأمور كلما سنحت لكم الفرصة".
https://telegram.me/buratha
