في ذكرى مولد إمام المتقين وأمير المؤمنين علي بن أبيطالب (ع) ، رعى سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الاحتفال البهيج الذي أقيم في المكتب الخاص لسماحته ببغداد السبت المصادف 2662010 والموافق 13 رجب1431ه ، والذي حضره العديد من الشخصيات والنخب والوجاهات الحكومية والعشائرية والاجتماعية وجموع غفيرة من المواطنين .وألقيت في الاحتفال القصائد الشعرية والفعاليات والكلمات التي تمجد صاحب الذكرى العطرة وتدعو للاقتداء بسيرته ونهجه القويم كونه الامتداد الطبيعي لنهج رسول الله (ص) والذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين .
وألقى سماحة السيد عمار الحكيم كلمة بالاحتفال بارك فيها للمسلمين ولأبناء الشعب العراقي ذكرى الولادة الميمونة لأمير المؤمنين الإمام علي ( ع ) قائلاً :
"نحتفل في هذا اليوم السعيد والمناسبة الكريمة لنستذكر شخصية عظيمة ومؤثرة ليس في التاريخ الإسلامي وحده بل في التاريخ الإنساني ، وكلما وقفنا عند سلوكه وفكره ومواقفه وأداءه كلما ازددنا اعجاباً به وبأستاذه رسول الإنسانية النبي الأكرم محمد ( ص ) ، وكلما وقفنا وتأملنا وتدبرنا مواقف علي ( ع ) وشخصيته العملاقة كلما ازددنا اكباراً وتمسكاً بتلك المدرسة التي أنجبت هذا الرجل الأسطورة وذلك الفكر الرسالي السماوي الإلهي الذي انجب علياً " .
وتحدث سماحته بإسهاب عن شخصية إمام المتقين علي (ع) بقوله : " علي بكل مميزاته وخصائصه لم يمثل استثناءاً في النظرية والحركة الإسلامية وإنما هو النتاج الطبيعي لحسن التطبيق للنظرية والمدرسة الإسلامية السمحاء ، وكلما كان التطبيق أدق واشمل كلما كنا أمام نماذج وشخصيات مثالية ، علي هو القرءان الناطق والمتحرك وهو وكذلك الأئمة الأطهار ( ع ) وبحكم تميزهم وعصمتهم استطاعوا ان يمثلوا هذا التجسيد الكامل للقران الكريم ، ويكفينا فخراً ما قالته السماء وقاله الله تعالى بحق علي ، حين لم يتحدث القران عن علي في آية الاّ وجاء بها بصيغة الجمع كقوله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " والنصوص واضحة في أن هذه الآية نزلت بحق علي ( ع ) ، وفي آية أخرى " ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون .... علي أمة وهو يمثل منهجاً ومساراً واطاراً وخطاً عريضاً في هذه الأمة .. علي جمع المتناقضات فكان ذلك الزاهد الذي تجافى عن الدنيا وابتعد عن لذاتها وأحوالها ونعمها التي كان من الممكن ان يتنعم بها في ظل الموقع الذي هو فيه والفرص المتاحة .علي هو ذلك العابد الذي يجهش بالبكاء في آناء الليل ويتضرع الى الله خفية وخيفة ...علي هو ذلك البطل المغوار الذي يدخل ساحات الوغى ويقلب ميمنتها على ميسرتها.." . ومن الصعب ان تجتمع كل هذه الصفات والسمات في شخص واحد " .
وقدّم سماحته العديد من التساؤلات التي تفرض نفسها قائلاً :ماهي الأسباب والدوافع والمناشيء والتي تجعل علياً (ع) أسطورة والتي تقدّم علياً بهذه المواقف الملحمية و الأدوار الكبيرة ، وما الذي يدفع علياً ان يسير بهذا الاتجاه ويقدم هذا النموذج الراقي للإنسان المتكامل ، وهل كان علياً يبحث عن ذاته أم هل يبحث عن مال ٍ أو جاه من خلال هذه المواقف ، وهل كان يبحث عن منفعة لأقاربه او رحمة او عشيرته او حزبه او جماعته ، وهل كان علياً يعيش الخوف أو الطمع ، وماهي الدوافع التي كانت تدفعه ليكون الإنسان الكامل " .حيث أشار سماحته الى أن الجواب على كل تلك التساؤلات هو ان الدافع الوحيد والحصري والذي كان يتحكم بكل مواقفه هو رضا الله تعالى وتحقيق ما يرضي الله وما ينسجم مع طاعة الله تعالى ، معتبراً ان الوقوف والتعرف على هذا الدافع يجعلنا ان نقتدي بهذه الشخصية الاستثنائية .في هذا السياق اعتبر سماحته إن أهم صفة يمكن ان نطلقها على علي ( ع ) هي الأمام وان إمامة علي تحتم على أتباعه ومحبيه ان يكونوا تابعين وسائرين وملتزمين بنهجه وعدم الاكتفاء بالادعاء والقول فقط ، مشدداً على أن القول بإمامة علي ( ع ) ليست كلمة يلقّن بها اللسان وليس ادعاء للوصول الى مكاسب معينة او على الأقل ان يعيش الإنسان حالة النشوة بعد أن يكون قريب من علي ( ع ) ، مضيفاً أن الإمامة تحتم على المجتمع أن يجسدها من خلال العمل والأداء ورضا الله تعالى .إلى ذلك شدد سماحته على أن علياً لم يكن يبحث عن دنيا ولم يكن يفكر بالشهرة والعظمة وكان بإمكانه ان يداهن ويساير ليحصل على أفضل الفرص فضلا عن أن المصلحة العامة هي المعيار والغاية في سلوك ونهج علي ( ع ) ، ولم يكن يجامل أو يحابب على حساب مصالح الناس ...
كما لم يكن عنده (ع) حب الأنا ، مشيراً إلى واقعة الأحزاب المعروفة وقتله لعمرو بن عبد ود العامري ومقولته " ما أردت أن أشرك غضبي في إرادة ربي " حيث أرادها خالصة لوجه الله تعالى . كما استعرض سماحته المزيد من الصفات المتميزة لأمير المؤمنين (ع) قائلاً : " علي لايعرف الخوف وبات على فراش النبي الأكرم ( ص ) وهم يعلم ان الأعداء يريدون قتله وهو بذلك فدى رسول الله بنفسه لأن في ذلك رضا الله تعالى ...وعلي لايعرف الخوف حتى من نار جهنم بقولة منادياً ربه " يارب ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك ....علي زاهد في الدنيا ولكن له تفسيره الخاص بالزهد وليس كما نفهمه ، وهو لم يطلّق الدنيا على إطلاقها ، بل تمسك بالدنيا في وجهها المشرق الذي يوصل الانسان والمجتمع الى الحياة والاعمار والازدهار لانه كان يريد ان يرسم ملامح الدنيا الخدومة ، الدنيا التي تقف لتعالج مشاكل الناس ، وعلي وضع الحدود لهذه الدنيا حتى تنطلق وتبقى أسيرة له ومنفعلة بفعله ومساراته الخيّرة التي يضعها علي ليس بالضد من الغنى والرفاه وليس بالضد من الدنيا في إطارها الصحيح وإنما هو بالضد من الدنيا الجامحة علي يعتبر ان الفقر ظاهرة إدانة للمجتمع والأغنياء ، وهي ظاهرة مرضية وليس المرض ان يكون الإنسان غنياً ولكن المرض ان يكون غنياً ولايساعد الفقراء " .https://telegram.me/buratha