النجف الاشرف - خضر الياس
أقامت أسرة آل الحكيم الكريمة الذكرى السنوية لرحيل مرجع الطائفة الإمام آية الله العظمى السيد محسن الحكيم (رضي الله عنه) .
وحضر تخليد الذكرى السنوية العطرة عدد كبير من علماء الدين وشيوخ عشائر وطلبة وعلماء وأساتذة الحوزة العلمية الشريفة إضافة إلى حضور عدد من السياسيين العراقيين وحضور أساتذة وطلبة وعمداء الكليات والطلبة .
ألقيت خلال تخليد الذكرى قصائد شعرية حملت الرثاء الكبير والتخليد لسمو ومكانة الإمام الحكيم وأثرها على الواقع العراقي الوطني او العربي او الإسلامي .
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عمار الحكيم ( دامت بركاته) ألقى كلمة خلال المناسبة التي أقيمت اليوم الجمعة ، قال فيها :
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
أقف اليوم في هذا المسجد الكريم الذي يحمل في تاريخه الطويل الكثير من الذكريات لنحتفي بالذكرى الواحدة والأربعين من رحيل مرجع الطائفة الإمام السيد محسن الحكيم (قدس سره الشريف) .
وبعد مرور العقود الأربعة لازالت المشاعر الجياشة والعواطف النبيلة والاحاسيس الصادقة ، منكم ايها الشرفاء تجاه هذا الرمز الكبير والمرجع العظيم.
أننا في مثل هذا اليوم نستذكر ايضا قائمة طويلة من الشهداء من ابنائه ومن اسرته وعشيرته ونستذكر ايضا اولئك الذين غادروا الحياة في ظروف اشبه ماتكون بالشهادة وفي مقدمتهم سماحة اية الله العظمى السيد يوسف الحكيم (قدس سره الشريف) ، نقف اليوم لنستذكر كل اولئك الشهداء وتلك التضحيات التي قدمتها بتواضع وافتخار واعتزاز كبير اسرة الامام الحكيم (قدس سره) .
حينما نقف عند هذه الشخصية فاننا نقف عند محطة مهمة من محطات تاريخنا المعاصر وحينما نستذكر شخصية الامام الحكيم ( رض ) انما نستذكر علما من اعلام المرجعية الدينية ببصماتها الواضحة ومواقفها الخالدة .
الامام الحكيم ذو شخصية مميزة في العديد من الجوانب والاصعدة وسمعنا الكثير وعلى مدار العقود الاربعة الماضية عن شخصيته الفذة في الجوانب العلمية والعملية والثقافية والاجتماعية والسياسية وغيرها وكلما وقفنا في محطة من هذه المحطات وعند درس من دروس هذه الشخصية المعطاء وجدنا وقعا في نفوسنا وتاثيرا في واقعنا وحاضرنا واستشراقنا في مستقبلنا .
الامام الحكيم لم يكن شخصية صنعت ووظفت وانطلقت لتكون خاصة باولئك المعاشرين الذين عايشوه وعاصروه ، وانما وضعت منهجا لازال يتحرك في الامة وضعت سياقات عمل لازالت تمثل الاطار المهم في حركة المرجعية الدينية .. هذا الحصن الحصين لشعبنا وامتنا .
كان عارفا بالله وكان فقهيا ولازال الى اليوم وبعد مرور كل هذه العقود من الزمن لازالت مؤلفاته مثار الاهتمام والتداول لدى كبار الفقهاء والعلماء .
الامام الحكيم كان منفتحا على الامة بسعتها الواسعة ويستوعب هموما ويضع البلسم لجروحها ومعاناتها وهمومها .
كان من خصائصه ومميزاته التمتع بالرؤيا الثاقبة التي لاتحصل الى بعناية من الله حيث كان ينظر بعين الله .
فحينما كان ينظر الى بعض الامور كانت فيما بعد تتبين مصداقيتها ودقتها ،فالامام الحكيم كانت له رؤيا ثاقبة في العديد من القضايا ، وكان انسانا منقطعا الى الله .
وتابع سماحته " الامام الحكيم كان يستثمر المناسبات الدينية ليحولها الى محطات تعبويا يعبأ فيها الامة يربط فيها الامة الى مبادئ الدينية والشعائر والمرجعية ونشر المعرفة بين الناس وتعريفهم بحقوقهم ويحول هذه الاحتفالات الى احتفالات كبرى تهز العراق بكل مواقعه.
الامام الحكيم قام بتأسيس العشرات من المكتبات العامة والتي ساهمت فيما بعد بتنوير الرأي العام ورفع المستوى الثقافي للشباب حيث كان يهتم بمستوى الشبيبية ويجعلها تعتز بهويتها الاسلامية والدينية .
وكان الامام الحكيم اول مرجعا يوفد عددا من الشخصيات العلمية والفقهية كوكلاء له في كافة أرجاء العراق حيث كانت هذه الشخصيات محور التقاء الناس وتجمعها حول مرجعيتها وبذلك اصبح شأن عظيم كبير للمرحعية واعتزاز بالهوية الدينية وهذا مايسجل للامام الحكيم في إجراءاته الاصلاحية لكي تاخذ المرجعية الدينية مدياتها الواسعة في التاثير على الوضع الاجتماعية والسياسي العام ، وعلى مدار 10 سنوات من مرجعية الامام الحكيم تعامل مع اوضاع غاية في الحساسية حيث حصلت في مرجعيته 5 انقلابات عسكرية.
ومع حساسية ذلك الواقع الا ان الامام الحكيم استطاع التعامل معه وان يثبت دعائم الحوزة العلمية وتاخذ المرجعية الشان الاكبر .
تصدى الامام الحكيم لقضايا مهمة في الساحة العربية والاسلامية لم يكن لها علاقة بالطائفة الشيعية بالخصوص بل تخص اغلب الطوائف العراقية خصوصا والعربية عموما ، وخاصة حرمة قتال الاكراد ودعمه للقضية الفلسطينية والكثير من المسائل التي حدث في مصر وايران وباكستان وغيرها من المدن الاسلامية ، والكثير من القضايا التي جعلت من المرجعية الدينية محطة مفصلية في التاريخ الاسلامي .
يمكن تخليص القول ان مرجعية الامام الحكيم بانها مرجعية التصدي ، التصدي لهموم الامة وقضايا المجتمع ، وهذه من السمات المهمة في مرجعية الامام الحكيم وهي السمة حساسة ومهمة نجدها في سلوك وأداء وبرامج المراجع العظام الذين نجدهم الى يومنا الحاضر نسأل الله ان يديم وجودهم وظله وفيئهم علينا جميعا .
المرجعية الدينية هذا موقعها وهذا شانها ودورها هي صمام الأمان وهي المحطة المهمة التي بها تصان الحقوق وبها تعزز الهوية وبها يحفظ تماسك المجتمع وهذا ما لاحظناه في المرجعيات الدينية التي نتنعم بوجودها اليوم وفي مقدمتهم الإمام السيد السيستاني وسماحة المرجع الديني الكبير اية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم وسماحة الشيخ الفياض والشيخ النجفي ، نجد ان لهم مثل هذه الادوار اليوم .
من جانبه أكد سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد حسين الحكيم في حديث ( للمركزالاعلامي للبلاغ) حول شخصية الامام الحكيم (قدس سره الشريف ) " مثّل الامام الحكيم دورا كبيرا بما له من امتدادات ليس فقط في الحوزة العلمية من خلال حضروه العلمي ومرجعيته العليا وانما من خلال امتدادته الجماهيرية حيث مثلت بعض التفاعلات الجماهيرية مع مواقف الامام الحكيم( قده) اوسع مظاهرات في تاريخ العراق في ذلك العصر مثلا حينما تحرك الى الحج وحينما ودعت الجماهير جثمانه الطاهر كان له ذلك التشييع المليوني وحينما كانت تتفاعل معه في قضايا الوطن الكبرى ليس فقط على مستوى شيعة ال البيت وانما على مستوى العراق والمساحات الاوسع خارج العراق من خلال العلاقات العراقية الشيعية الاسلامية العامة ومن خلال العلاقات العراقية - الانسانية بشكل واسع نجد ان هذا الاحتفال والتابين يمثل شيئا بسيطا من الوفاء لهذه الشخصية.
وتابع " نحن اليوم بامس الحاجة الى ان ندرس هذا التاثير الكبير للمرجعية الدينية وكيف يمكن ان يقوم بالدور الايجابي الذي لايمكن لاحد ان يتنكر له كما نجده اليوم في المرجعيات الكبرى الى ورثت الامام الحكيم وقامت بدورها في المحافظة على هذه القيم وهذه الثوابت من خلال مرجعياتنا المعاصرة المتمثلة بمرجعية اية الله العظمى السيد السيستاني ومرجعية اية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم وكذلك المراجع الاخرون الذين لهم دورهم في بناء العراق وفي التعبير عن الوجه المشرف للاسلام في العراق ، وهذه حقيقة لايختلف عليها اثنان في العراق اليوم ."
وحضر المجلس التأبيني السنوي عدد من علماء وابناء الاسرة الكريمة لال الحكيم فضلا عن حضور العلامة الدكتور محمد بحر العلوم ومحافظ النجف السابق اسعد ابو كلل ونائب المحافظ السابق عبد الحسين عبطان و العديد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والجامعية.
https://telegram.me/buratha