أكد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي أن "المرجعية الدينية لا تتدخل في الانتخابات إلا لتشجيع الناخبين للذهاب إلى صناديق الاقتراع لضمان نزاهتها وحصول الجميع على الفرصة المناسبة للمشاركة"، مشيراً إلى أنها "جهة راعية وليست طرفا مع أو ضد أي فريق عراقي داخل العملية السياسية". ووصف فخامة النائب، في حوار أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط، نشر الخميس 14-1-2010، الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها في 7-3-2010 بأنها في غاية الاهمية كونها ستحدد المسارات خلال السنوات الاربع القادمة، مضيفاً "إننا في منعطف الطريق بين بناء دولة المؤسسات والديمقراطية والتنمية المستدامة ومرحلة البقاء عند عقلية الماضي من شعارات ديماغوجية تخدع اكثر مما تحقق وتعيد مركبات الممارسات السابقة المعتاشة على الازمات الداخلية او الخارجية".واعرب نائب رئيس الجمهورية عن خشيته من حدوث خروقات او تدخلات اقليمية خارجية في العملية الانتخابية، مؤكداً "هذا اشد ما نخشاه، لان قوة الانتخابات بل قوة النظام هي في نزاهة الانتخابات، كلما كانت الانتخابات نزيهة، تم الاعتراف والاقرار العميق والعملي بها، وكلما تم التلاعب بالانتخابات، فان الديمقراطية ستتآكل وسيخرج فرد بعد فرد، وفريق بعد فريق من العملية الانتخابية بل السياسية لتفقد البلاد اهم وسائل اقرار السياسات وتداول السلطة واختيار ممثلي الشعب". وأوضح نائب رئيس الجمهورية ردا على سؤال حول سبل التصدي لعمليات التزوير التي شكا منها غالبية السياسيين في الانتخابات الماضية، انه "بسبب ما حصل سابقا، وبعد نقاشات مفصلة مع جميع الاطراف، بادرنا في رئاسة الجمهورية بطرح مشروع قانون قواعد السلوك الانتخابي، ونحن لا نقصد بذلك جهة واحدة، بل نقصد الجميع بما في ذلك مجلس الرئاسة، فوجود جميع الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية برئاسة المفوضية العليا للانتخابات والامم المتحدة هي خير ضمان للشفافية وكشف او منع اي تزوير".وبشأن فلسفة فخامته في إدارة الدولة وموضوع تداخل الدين والسياسة في العراق، قال إن "الدستور العراقي يذكر ان دين الدولة هو الاسلام لكنه لا يشيد دولة دينية بالمعنى المتداول للكلمة، وبالمقابل افرد الدستور واجبا مهما للدولة وهو عدم السماح بالمس بالدين"، مبيناً "أن الدين والسياسة متداخلان ليس في العالم الاسلامي فقط، بل في العالم المسيحي واليهودي والبوذي والكونفوشيوسي وغيرها"، معتبرا أن "الأصل في السياسة هو امكانية وجود حركات دينية او علماء دين في عالم السياسة، وكان الامر هكذا تاريخيا وسيبقى مستقبلا ايضا، هنا وفي بقية ارجاء العالم". واكد نائب رئيس الجمهورية أن "الأصل هو تأسيس نظام يعتمد سلطة الشعب عن طريق صوت واحد لكل مواطن، وان تفضي الانتخابات الى تأسيس حكومة منتخبة على اساس الارادة الشعبية، وليس على اساس تزييف ارادة الشعب او الاستيلاء على ارادته، ولا فرق ان يتم التزييف والاستيلاء من هيئة دينية او غير دينية". وعن برنامجه الانتخابي، اكد فخامة النائب أن "جوهره هو حماية الشعب وبناء الدولة الراشدة الخادمة للشعب لتستطيع انجاز المهام الامنية والخدمية التي باتت حاجة ضرورية بعد كل هذه التضحيات وسنوات الحرمان وانهاء ملفات الماضي والانطلاق نحو المستقبل". وفي معرض اجابته على سؤال بشأن ترشحه لرئاسة الحكومة المقبلة، أوضح فخامة النائب ان "المجلس الاعلى الاسلامي العراقي لم يتخذ بعد قراره رسميا في هذا الموضوع، واعتقد ان عليه ان يناقش مسألة رئاسة الوزراء الان بصراحة ووضوح، وكذلك ان يتم بحث الموضوع مع الائتلاف الوطني العراقي وبقية القوى الوطنية، لان ترك النقاشات الى ما بعد الانتخابات وتأخير تشكيل الحكومة قد يكون على حساب المصلحة العامة". وبخصوص المرشح الاوفر حظا لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، قال نائب رئيس الجمهورية "اما المرشح الاوفر حظا، فهذا سؤال مفخخ لن اجيب عليه.. واعتقد ان المنافسة ستكون بين عدد قليل جدا من المرشحين، مع الاخذ في الاعتبار ان المفاجآت من طبيعة الانتخابات.. انها كلعبة كرة القدم لا تحسم الا بصفارة الحكم".وعن تقييمه لعمل الحكومة العراقية بعد اربع سنوات من تشكيلها، بيّن فخامة النائب أن "التجربة العراقية تقدمت لان عملية التغيير حملت زخما كبيرا حرر العراق من اثقال الماضي، نجاحات الحكومة اقل من المتوقع وكان بامكانها ان تعمل اكثر من ذلك بكثير"، مضيفا "البعض يتحدث عن تقدم هنا او هناك وهذا امر صحيح، لكنه لا يتكلم عن التراجع هنا او هناك، بل هو لا يتكلم عن نسبية التقدم؛ فالتضحيات والجهود المبذولة كان يمكن ان تعطي اكثر من ذلك بكثير".نائب رئيس الجمهورية تابع بالقول "لقد دخل للدولة مثلا خلال السنوات الاربعة الماضية اكثر من 150 مليار دولار، وهذا مبلغ ضخم يحدث ثورة اقتصادية في اي بلد آخر لكنه لم يحسن كثيرا من مستوى الخدمات والتنمية وغيرها، نحن نتغنى بشق شارع بسيط هنا، ومحطة توليد كهرباء او تحلية مياه هناك، لا تعادل كلها مواكبة التطور السكاني الذي يحصل والذي يقدر بمليون مواطن سنويا، فكيف سننتشل شعبنا من الحالة المزرية التي هو عليها في جميع المجالات والقطاعات التي سببتها حروب صدام والاوضاع المزرية السابقة وما يسببه الفساد واعمال الادارة الفاشلة اليوم".وفي معرض رده على سؤال بشأن تقييمه لتجربة مجلس الرئاسة، قال فخامته "مجلس الرئاسة كان فاعلا الى حد ما مع مجلس النواب، لكن علاقته بالركن الثاني للسلطة التنفيذية واقصد بذلك مجلس الوزراء لم تكن موفقة، ولست من المناصرين لتكرار تجربة مجلس الرئاسة واعتقد اننا يجب ان نذهب الى ما طالب به الدستور"، مضيفا "ان لجنة التعديلات الدستورية قد انضجت اطروحة المجلس الاتحادي الذي يسمح بتحقيق توافق سريع بين القوى والمكونات السياسية، فان ضاق الوقت في هذه الدورة لمجلس النواب، او تعذر تحقيق الثلثين لاقرار القانون، فيمكن استغلال توازنات الدورة القادمة لتكون باكورة المجلس الجديد تحقيق ذلك، فحسم المسألة غاية من الاهمية".فيما يتعلق بتحالف الائتلاف الوطني مع قائمة رئيس الوزراء، أوضح نائب رئيس الجمهورية متسائلا "هل كان سبب عدم تحالف المالكي مع الائتلاف العراقي هو ارتفاع سقف مطالب حزب الدعوة، ووضعه شرط تجديد رئاسة الحكومة له؟، هذا سؤال يوجه للاخوة في الدعوة، وبقدر تعلق الامر بنا كائتلاف وطني او مجلس اعلى، فاعتقد - وقد اكون مخطئا- ان عدم الانضمام الى الائتلاف كان في جوهره مسألة الحصة اكثر منها اي شيء اخر".
https://telegram.me/buratha