قال الرئيس جلال طالباني إن الاهتمام بالشبيبة و معالجة مشاكلها و تلبية احتياجاتها و مطالبها المشروعة يشكل هدفا اساسيا لنا في عراقنا الجديد، العراق الديمقراطي الفيدرالي المستقل و الموحد. واضاف طالباني في رسالة وجهها لمناسبة اليوم العالمي للشباب الذي صادف يوم امس الثاني عشر من آب :" مازالت امامنا كقيادات دولة و مؤسسات و مجتمع، مسؤوليات كثيرة تتطلب فيما تتطلبه وضع ستراتيجيات شاملة لنهوض الهياكل التعليمية و الخدمية تترافق مع المباشرة المطلوبة بتوفير الفرص اللازمة للشباب من اجل حياة كريمة لائقة بإنسان هذا العصر و من إجل اتاحة المجال و السبل الكفيلة بتفتح طاقاتهم و استثمارها ايجابيا لصالحهم و صالح مجتمعاتهم ككل".
واشار الرئيس طالباني الى ان الاحصاءات تؤكد أننا شعب شاب، حيث تشكل الشريحة العمرية للشباب أكثرية اجتماعية، سواء في المدن او في الريف، و هذا ما يؤكد بدوره خطورة المشكلات مثلما يؤكد اهمية العمل من اجل وضع الحلول التي تخدم عملية البناء المجتمعي، و كان مهما في هذا السياق الشعار الذي تبنته وزارة الشباب والرياضة وهي تحتفي باليوم العالمي للشباب (شباب العراق هدف التنمية الوطنية و محورها) الامر الذي يتطلب عملا حثيثا يتعاضد فيه الجهد الحكومي مع عمل منظمات المجتمع المدني و المؤسسات الدينية و مراكز البحوث و الدراسات و هو عمل يستحقه الشباب العراقي و يحتاج اليه المجتمع و الدولة في السعي الى مواصلة بناء العراق الجديد.
وتابع طالباني : يكرس العالم يوم الـثاني عشر من آب في كل عام للشباب و للاحتفاء بهم، تقديرا من المجتمع الدولي لأهمية دورهم، فهم بناة العالم، و اعترافا بضخامة المشكلات التي يعانيها الشباب و التي لا تسهم بإعاقة حصولهم على ادوارهم في الحياة و في المجتمعات فحسب، و انما تعطل ايضا مجمل التنمية البشرية و الاقتصادية و الثقافية لأي مجتمع تتضخم فيه مشكلات الشباب و تتعاظم المعيقات ازاءهم.
واضاف : في المجتمعات التي تتجه نحو التنمية و البناء و نحو محاولة اعادة التحامها بالتقدم والحضارة الانسانية المعاصرة، يكون دور الشباب و موقعهم من التحولات المطلوبة في بلدانهم معيارا مهما لمدى حيوية المجتمعات و قابلياتها لاستثمار مواردها البشرية المنتجة و المعطاء، و عادة ما يكون الشباب في المركز من تلك الموارد.
واشار الرئيس طالباني الى ان هذه الظواهر تتضح بشكل جلي في ضوء تجربة بلدنا الذي استبعد فيه الشباب على مدى اكثر من ثلاثة عقود، عن مسار التنمية بكل مسؤولياتها، حين عمدت الدكتاتورية الى تعطيل دورهم، بل و زجهم في حروب متكررة واستنزاف مرحلتهم العمرية الخلاقة في الجبهات و الخنادق بعيدا عن اماكن انطلاق طاقاتهم الايجابية لصالح بناء بلدهم و تطويره و تنميته، بل إن التنمية تعطلت على مدى تلك العقود و تراجعت مستويات البناء و التمدن و التحديث التي انتجها المجتمع و الدولة في عقود ما قبل الدكتاتورية و ذلك بغياب الشباب و تعطيلهم و تدمير طاقاتهم في نزاعات الحروب العدوانية الظالمة التي تورطت بها الدولة و المجتمع.
وقال طالباني : كان لاستثمار الشباب لطاقاتهم و قابلياتهم للتحدي و مواجهة التعسف و طغيان السلطة من خلال امتناع عشرات الآلاف منهم عن الانسياق في الحروب و الاندراج في سياسة عسكرة المجتمع و اضطرار مئات الالوف منهم الى مغادرة البلد نحو المنافي و دول اللجوء الانساني و وقوف آلاف اخرى ضد الدكتاتورية من خلال العمل السياسي السري او الانتفاضي ضد السلطة المبادة او الاشتراك في الحرب الثورية التي انطلقت في جبال كردستان و اهوار العراق، كان كل هذا من مظاهر التعبير عن دور الشباب العراقي و حسن استخدامه سياسيا طاقاته و قدراته، ففيما كان بطش السلطة و زجها بالشباب في السجون او تغييبهم في المقابر الجماعية، المظهر الأكثر سوداوية للتعبير عن سوء استخدام السلطة و عن تدمير المجتمع و تحطيم بناه البشرية بينما كان حصة الشابات العراقيات من كل هذا الظلم و القهر حصة مضاعفة و هن يرزحن تحت اعباء ثقيلة.
وشدد الرئيس طالباني على ان الشباب مازال الضحية الاساس لتلك السياسات الغاشمة، ومازالت مشاكل الزواج و العنوسة و الترمل الى جانب مشاكل التعليم و العمل و السكن و العلاج و القدرة على السفر و السياحة، هي المظاهر الاكثر و ضوحا للتعبير عن تفريط الدكتاتورية بالحقوق و المصالح و الخدمات التي كانت ملزمة بتوفيرها للشباب و هي التي احتكرت كل شيء لتمنع كل شيء لايخدم اهدافها و نزعاتها و سلوكها المنحرف.
واكد الرئيس طالباني ان هذه المعضلات هي المشكلات الحقيقية التي مازال المجتمع بشكل عام و ليس الشباب حصرا، ضحيتها و رازحا تحت معاناتها رغم انفتاح أفق الحريات بعد اسقاط الدكتاتورية سنة 2003 و رغم التحسن الملحوظ في المداخيل، الا ان التركة ثقيلة و ان الصعوبات و العوائق التي واجهت عملية اعادة بناء الدولة لن تحل دون معالجة تلك المشكلات جذريا فحسب، و انما ايضا وضعت المجتمع و بشكل اكبر شبابه في مواجهة قوى الارهاب و الجريمة و بؤر الفساد، و هي مواجهة أخرت في امكانية ترميم الاوضاع و الظروف التي خلفتها الدكتاتورية، لقد أخرتها لكنها لم تمنعها.
https://telegram.me/buratha