ذي قار – علي عبد الخضر
في ظل غياب سياسة ومخططات إستراتيجية اقتصادية واضحة ، ومتوازنة بحيث تستطيع رفع دخل الفرد العراقي وقوته الشرائية ، وتحسين مستواه المعيشي ، وإنعاش البنى التحتية الاقتصادية ، وفي الوقت ذاته تقدر من السيطرة على التضخم وعشوائية الأسعار ، لا زال المواطن العراقي ، من شريحة الموظفين والكسبة وذوي الدخل المحدود ، يعاني من غلاء أسعار السلع المختلفة وارتفاعها التدريجي ، وصعوبة مواجهة تلبية متطلبات الحياة اليومية الضرورية . يحدث ذلك بالرغم من الركود الاقتصادي وانخفاض الأسعار في الأسواق العالمية ، وبالرغم من أن كثيرا من السلع التي تدخل الأسواق العراقية هي من النوعية الرديئة.
استطلعنا أوضاع بعض المواطنين ، وآراء بعض الباعة والمتسوقين لمعرفة بعض جوانب الموضوع ، فقال لنا أبو احمد ( صاحب محل تجاري لبيع الأجهزة الكهربائية والمواد المنزلية ) : الأسعار لم تنخفض ، وترتفع ببطء ، بسبب ارتفاع أجور النقل ، وأجور العمال ، وارتفاع إيجارات المحال التجارية ، مضيفا أن تداول السلع بأيدي وسطاء عديدين ، من صدورها من المنشأ الأجنبي وحتى وصولها إلى المستهلك العراقي ، يضيف سببا مهما في ارتفاع أسعارها .
عبدالامير ( مدرس شاب ) يقول : بالرغم من أني أتقاضى راتبا شهريا مقداره خمسمائة ألف دينار ، إلا إني اسكن في دار متواضعة جدا في احد الأحياء العشوائية ( تجاوز ) ، لان إيجارات البيوت تتراوح من ( 200 – 300 ) ألف دينار شهريا ، مختتما قوله بالتساؤل : فماذا يتبقى من الراتب ليفي بمتطلبات المعيشة اليومية وأنا لدي خمسة أطفال ؟ فكل شيء أصبح غاليا ، والسوق مرتفعة .
الملفت للنظر أن الفواكه والخضر قد ارتفعت أسعارها في موسم الصيف الحالي ضعف ما كانت عليه في المواسم السابقة ، فسعر الطماطة ارتفع من (500 دينار ) ليصبح مؤخرا ( 1000 دينار ) للكيلو الواحد ، كأغلب الخضروات الأخرى ( الباذنجان ، الخيار ، البطاطا ) التي تشكل وجبة المائدة اليومية للعائلة العراقية ، وأسعار الفواكه المختلفة تتراوح من ( 2000- 3000 ) دينار للكيلوغرام الواحد .
أما سعر اللحم ارتفع مؤخرا إلى ( 10000 ) دينار للكيلو الواحد بعد أن كان ( 8000 ) دينار .
وفي عودة لجولتنا الاستطلاعية ، أوضح ستار حميد ( كاسب ، والمعيل الوحيد لعائلة مكونة من تسعة أفراد ) : دخلي الشهري لا يتجاوز 250 ألف دينار ، واسكن أنا وعائلتي مع شقيقتي وبناتها في دار بسيطة ورثته عن زوجها المتوفي ، وأنا المعيل الوحيد للعائلتين .
ويصف ( ستار ) معاناته المعيشية : السوق يرتفع بشكل غير محسوس ، وأصبحت علينا ديون كثيرة ، خاصة وان ( الكمية ) متقطعة ، هذا من غير ما ندفعه شهريا ( لمولدة الحي الكهربائية ) ، كما أني دفعت مؤخرا ( 65 ألف دينار ) عن أجور متراكمة لدائرة الماء ، فضلا عن شراء الغاز ، والعلاجات ، وملابس الأطفال ومتطلباتهم الأخرى ، خاصة في أيام الدوام في المدارس .
قصص كثيرة ، توضح معاناة حقيقية ، تجعل من الفرد العراقي ، همه الوحيد هو أن يكدح طوال الوقت ، لتوفير إيجار البيت ، وعيشة كفاف كريمة له ولعائلته ، أو كما يعبر الناس بلهجتهم الدارجة : ( نعمة يرادلها شكران من ترجع للبيت وبيدك علاكة للأطفال ) .
وعندما توجهنا بالسؤال لأصحاب بيع اللحوم عن سبب ارتفاع سعر اللحم مؤخرا ، أوضحوا أن سبب ذلك يعود لارتفاع أسعار الماشية ، لان هناك طلب متزايد من المحافظات الأخرى ، وخاصة البصرة وبغداد ، على شراء الماشية من محافظة ذي قار .
أما باعة الفواكه والخضر فأفادوا : إن سبب ارتفاع أسعارها لهذا الموسم ، يعود لشحتها ، نتيجة قرار الحكومة منع استيراد الفواكه والخضروات من الدول المجاورة ، بحجة تشجيع المنتج المحلي ، وهذا ما شاركهم فيه متسوقون ، منتقدين هذا القرار الذي يدعم المزارعين من جهة ، ويضر بالمستهلكين من جهة أخرى !
متسوقون آخرون أعربوا عن قلقهم وهم يستقبلون شهر رمضان الكريم بهكذا غلاء ، متوقعين من ارتفاعها أكثر كلما يقترب الشهر ويزداد الطلب على المواد الغذائية .
حسن صيوان ( عضو مجلس بلدي في قضاء الشطرة في ذي قار ) انتقد عدم وجود لجان اقتصادية فاعلة في المجالس المحلية ، تراقب السوق عن كثب ، وتضع الدراسات والتوصيات التي من شانها تخفيف عبء الأزمات الاقتصادية عن كاهل المواطنين .
جدير بالذكر أن البرلمان العراقي اقر الأسابيع السابقة ( قانون حماية المستهلك ) ، بيد أن إقرار هذا القانون ، على ما يبدو ، لم يؤثر إيجابا لصالح المستهلك العراقي حتى هذه اللحظة ، وربما يبقى الفرد العراقي ، ولفترة ليست قصيرة ، يعاني من وطأة الغلاء ، التي هي ليست اقل حدة من أزمات أخرى تصبغ حياة العراقيين بعتمة كئيبة ، ما لم تكون هناك حلولا جادة قريبة من حياة المواطن العراقي ، وتستشعر همومه ومعاناته .
https://telegram.me/buratha