على الرغم من تصريحات المسؤولين العسكريين والسياسيين في محافظة ديالى عن تحسن الأوضاع الأمنية في مناطق المحافظة وخصوصا خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن اتباع اهل البيت عليهم السلام في المحافظة مازالوا متخوفين من إقامة الشعائر الدينية الخاصة بيوم عاشوراء، وتستند مخاوف شيعة ديالى من إقامة هذه الشعائر، إلى الإرث الكبير الذي تركته الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة الارهابي خلال السنوات الخمس الماضية التي شهدت هجمات التنظيم المتواصلة على من يمارس هذه الطقوس، إضافة إلى أن الوضع الأمني الذي مازال هشا في بعض مناطق المحافظة، يثير قلق شيعة ديالى من تكرار تلك الهجمات.
مواطن: الرايات الحسينية قد تسبب مشاكل لرافعيها
ويقول سعد التميمي، 35 سنة، الذي يسكن في منطقة التحرير، 3 كم جنوب غرب بعقوبة، في حديث لـ"نيوزماتيك" إن "رفعه بعض الرايات التي تشير إلى يوم عاشوراء في أعلى منزله، جاء بعد تردد كبير وتحذيرات من قبل أقاربه بعدم رفع هذه الرايات، لأنها قد تسبب مشاكل كبيرة له ولعائلته المتكونة من خمسة إفراد".
ويضيف التميمي الذي كانت أسرته مهجرة من مدينة بعقوبة خلال العامين 2006 و2007 وعاد إلى منطقة التحرير، مؤخرا أنه "قرر رفع الرايات التي تشير إلى يوم عاشوراء رغم تردده في البداية ومخاوف أقاربه من أن يؤدي رفع هذه الرايات إلى استهدافه من قبل الجماعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة الارهابي .
ويتابع التميمي "لقد ترددت كثير في بداية شهر محرم في رفع الرايات رغم قرب منزلي من مركز الشرطة، بسبب الذكريات المؤلمة التي مازالت في مخيلتي عن هجمات الارهابيين على السكان الشيعة خلال السنوات الخمس الماضية في بعقوبة إثناء شعائر عاشوراء".
ويروي التميمي كيف "قامت الجماعات الارهابية المسلحة بخطف طفل لا يتجاوز عمره الخمس سنوات، لأن أسرته كانت تقيم مراسيم عاشوراء خلال فترة العنف الطائفي في منطقة التحرير، ثم قام بقتله وحرقه ووضعه لاحقا في إناء كبير أمام منزل أسرته لتحذير جميع الأسر الشيعية من إقامة شعائر عاشوراء".
السنة والشيعة يتعاونون في إقامة الشعائر الحسينية
من جانبه يقول المؤذن في حسينية شفته بمدينة بعقوبة محمد الزبيدي إنه "رغم أن الجماعات الارهابية المسلحة دمرت، خلال سنوات العنف الطائفي، اغلب الحسينيات والجوامع الشيعية التي كانت تحيي ذكرى عاشوراء، إلا إن حسينية مدينة شفته بقت الوحيدة التي لم تستطع الجماعات الارهابية المسلحة تدميرها".
ويضيف الزبيدي في حديث لـ"نيوزماتيك" إن "أهالي منطقة شفته من السنة والشيعة تعاونوا فيما بينهم للحفاظ على نسيجهم الاجتماعي، وإقامة شعائر عاشوراء، رغم أعمال العنف الطائفي التي كانت تعصف بمدينة بعقوبة".
ويشير الزبيدي إلى أن "حسينية شفته تعرضت إلى هجومين انتحاريين، الأول كان في شهر رمضان من العام 2007، والثاني في شهر محرم من العام 2008، والذي استهدف مؤتمرا للمصالحة الوطنية".
إقبال على الشعائر الحسينية في بعض المناطق
ورغم مخاوف السكان الشيعة من إقامة الطقوس الخاصة بعاشوراء في محافظة ديالى نتيجة الهجمات خلال السنوات الماضية، إلا أن عام 2009 شهد إقبالا على ممارسة هذه الطقوس بعد عودة الاستقرار الأمني النسبي إلى بعض مناطق ديالى.
ويقول رئيس هيئة الحج والعمرة في محافظة ديالى مثنى علي مهدي إن "مطلع العام الحالي شهد إقبالا كبير من أهالي محافظة ديالى بمختلف طوائفهم على المشاركة في إحياء ذكرى عاشوراء في المحافظة".
ويستدرك مهدي القول إنه "رغم المشاركة الكبيرة نسبيا في مراسيم عاشوراء في محافظة ديالى، إلا أن الكثير من الأسر المهجرة التي عادت إلى منازلها في المحافظة مازالت تخشى من إقامة هذه الطقوس، بسبب تخوفها من استهداف الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة".
ويلفت مهدي إلى أن "سكان منطقة حي المصطفى (3كم شرق بعقوبة) بدأوا مؤخرا بإعمار الحسينية الموجودة في المنطقة، لغرض إقامة الشعائر الدينية الخاصة بيوم عاشوراء خلال العام الحالي".
ضغوط على الأسر المهجرة العائدة لمنعها من إقامة الشعائر
ويقول رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى علي التميمي إن "قيادة الشرطة في المحافظة أعدت خططا أمنية لحماية المواكب الحسينية في اغلب مناطق المحافظة".
ويوضح التميمي في حديث لـ"نيوزماتيك" أن "قيادة شرطة محافظة ديالى شكلت داخل مقرات مديريات الشرطة في الأقضية والنواحي دوريات أمنية لتوفير الحماية للحسينيات والأماكن التي تقام بها شعائر ذكرى عاشوراء".
لكن التميمي يؤكد "وجود ضغوط من قبل بعض الجهات" التي لم يسمها، في مركز مدينة بعقوبة على الأسر المهجرة العائدة إلى منازلها "لمنعها من ممارسة طقوس يوم عاشوراء، خصوصا في منطقة الأحمير" 11 كم شمال بعقوبة.
ويطالب التميمي قيادة شرطة محافظة ديالى بـ"تحمل مسؤولياتها الكاملة في حماية الشعائر التي سيقيمها سكان المحافظة بمناسبة يوم عاشوراء"، محملا في الوقت نفسه قيادة شرطة المحافظة "مسؤولية أي اختراق امني قد يحدث خلال هذه المراسيم".
وأدت إعمال العنف الطائفي في محافظة ديالى إلى تهجير نحو 28 ألف عائلة اغلبها من الطائفة الشيعية، إضافة إلى تدمير النسبة الأكبر من الحسينيات والمراقد المقدسة لدى الشيعة الإمامية، المتوزعة في مناطق عدة من محافظة ديالى.
وكان أكثر من 40 مسجدا ومزارا وحسينية قد تعرضت للتدمير في اغلب أقضية ونواحي محافظة ديالى إبان فترة التدهور الأمني بين العامين 2006-2007، حيث تؤكد القيادات الأمنية أن عملية تدمير المزارات والمراقد واستهداف دور العبادة كانت عملية منظمة تقوم بها جهات ارهابية مسلحة.
https://telegram.me/buratha