تحولت قضية الطيار العراقي السابق طارق محمد رمضان، «الشاهد الوحيد» في قضية ضرب بلدة حلبجة في اقليم كردستان العراق والمفقود حاليا، الى حديث شؤون الساعة في الاوساط الشعبية والاعلامية والسياسية والمنتديات الثقافية والاجتماعية في الاقليم.
فبعد التظاهرة التي نظمتها أسر وذوو الضحايا في بلدة حلبجة في 27 ديسمبر الماضي للمطالبة بالكشف عن مصير ذلك الطيار، نظم العشرات من أسر وعائلات الضحايا والمصابين تظاهرة اخرى صباح أمس امام مقر البرلمان في اربيل عاصمة اقليم كردستان، طالبوا فيها البرلمان والحكومة بالتدخل في هذه القضية المصيرية والعمل على الكشف عن ملابسات اختفاء ذلك الطيار الذي يمتلك معلومات مؤكدة عن تفاصيل كارثة قصف حلبجة، بحسب بعض المصادر.
وقال طارق جوهر المستشار الاعلامي لرئيس البرلمان، ان «وفدا مشتركا، من جمعية الدفاع عن حقوق ضحايا الاسلحة الكيماوية في حلبجة وبعض المنظمات الجماهيرية التي تشرف على تنظيم هذه المظاهرة، التقى اليوم (أمس) برئيس البرلمان عدنان المفتي ونائبه الدكتور كمال كركوكي اللذين شرحا للوفد بإسهاب موقف البرلمان الواضح والصريح من عملية اختفاء الطيار السابق رمضان وضرورة العمل عبر القنوات القانونية والاصولية للكشف عن مصيره واحضاره الى المحكمة التي تحاكم اركان النظام السابق في قضية حلبجة».
وأضاف جوهر في حديث خاص لـ«الشرق الاوسط» أن «رئاسة البرلمان تسلمت مذكرة خطية من ممثلي ضحايا كارثة حلبجة تضمنت عدة مطالب أبرزها، العمل الجاد والعاجل لتسليم الطيار المختفي طارق رمضان الى محكمة الجنايات العليا في العراق لمحاكمته مع اركان النظام السابق المتورطين في تنفيذ مجزرة حلبجة، وان يعمل البرلمان والسلطات المختصة في الاقليم على ادانة المسؤولين الضالعين في تسهيل عملية هروب الطيار المذكور وكشف اعترافاتهم عبر وسائل الاعلام ليطلع عليها الرأي العام الكردستاني والعراقي والعالمي، وان يقر ويعترف جهاز الامن الكردي (الاسايش) في مدينة السليمانية بارتكابه ذلك الخطأ ويطالب بالاعتذار الرسمي من سكان الاقليم عموما وسكان حلبجة على نحو خاص».
وأوضح جوهر أن ممثلي سكان حلبجة والمشاركين في التظاهرة كانوا يعتزمون اعلان اعتصام شامل أمام مبنى البرلمان لحين الكشف عن ملابسات اختفاء الطيار، إلا انهم عدلوا عن قرارهم بعد الاستماع الى التوضيحات التي قدمها رئيس البرلمان ونائبه بهذا الخصوص والوعود التي قطعاها لسكان حلبجة والرأي العام بهذا الخصوص، وأضاف «لقد أشاد ممثلو الضحايا بمواقف البرلمان الكردستاني الذي كان سباقا في اعلان موقفه بهذا الشأن في آخر جلسة عقدها قبل نهاية العام الماضي والتي قرر فيها تشكيل لجنة خاصة وتكليف اللجنة الداخلية في البرلمان بمتابعة الموضوع وإجراء تحقيق دقيق في الأمر ورفع تقرير مفصل بنتائجه الى رئاسة البرلمان في اقرب وقت ممكن»، مضيفا أن اللجنة المذكورة باشرت مهامها منذ بداية هذا الاسبوع وستحيل نتائج التحقيق الى رئاسة البرلمان في غضون اسبوعين او ثلاثة.
من جانبه، قال لقمان عبد القادر رئيس جمعية الدفاع عن حقوق ضحايا فاجعة حلبجة، لقد «نظمنا تظاهرة في حلبجة قبل نهاية العام الماضي ورفعنا مذكرة الى حكومة الاقليم والبرلمان والجهات العليا ذات العلاقة بغية الكشف عن مصير الطيار الهارب، وتلقينا وعودا بأن يكون آخر موعد للحصول على رد على مطالبنا يوم الاول من الشهر الحالي، ولم نحصل على أي رد من تلك الجهات، لذلك قررنا ان نتظاهر ونعتصم امام البرلمان، لحين الحصول على رد واضح وصريح لمطالبنا وإلا سنلجأ الى أسلوب يعكس آراء ومشاعر ذوي الضحايا»، من دون الاشارة الى تفاصيل او طبيعة ذلك الاسلوب.
وفي الشأن ذاته أصدرت منظمة (جاك) الكردية غير الحكومية المدافعة عن حقوق ضحايا حملات الانفال والاسلحة الكيماوية في كردستان، بيانا أكدت فيه أن فرع المنظمة في هولندا سينضم مظاهرة مماثلة غدا امام مقر السفارة الاميركية في امستردام احتجاجا على عملية اخفاء الطيار المذكور، وسترفع مذكرة بهذا الشأن الى السفارة العراقية في هولندا وممثلية حكومة اقليم كردستان هناك.
هذا وكان مدير جهاز الامن الكردي في السليمانية العميد حسن نوري قد أعلن في وقت سابق أن جهازه لا يمتلك اي معلومات عن الطيار طارق رمضان وانه لا يوجد معتقل بهذا الاسم في سجون الاسايش في السليمانية، فيما اعلنت جمعية الدفاع عن حقوق ضحايا كارثة حلبجة وعلى لسان متحدثها الرسمي كامل عبد القادر أنها «لا تثق بتوضيحات مدير الاسايش وتعتبرها سيناريو أعد خصيصا للتعتيم على الحقائق».
يذكر ان القاضي محمد العريبي رئيس محكمة الجنايات العليا التي تحاكم اركان النظام السابق في قضية حلبجة، كان قد اعلن في الجلسة للمحاكمة المنعقدة بتاريخ 21 ديسمبر (كانون الاول) الماضي، ان المحكمة تلقت كتابا رسميا من مديرية الاسايش في السليمانية يفيد بأن الطيار طارق رمضان الذي كان معتقلا لديها قد فر من السجن بتاريخ 25 نوفمبر الماضي اي قبل بدء المحاكمة بشهر تقريبا، وذلك اثناء نقله الى المستشفى لتقلي العلاج إثر وعكة صحية.
هذا وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد دعا الطيارين في سلاح الجو العراقي السابق للتوجه الى كردستان، وتعهد بتوفير الحماية لهم عام 2005 عندما استهدفت حملة اغتيالات واسعة النطاق الطيارين السابقين في بغداد والمدن العراقية الاخرى التي كانت تعاني من تدهور وانفلات أمنيين.
https://telegram.me/buratha