تسنى لنا اثناء زيارتنا للجمهورية الاسلامية، برفقة السيد رئيس الجمهورية، لحضور المنتدى الثالث لقمة الدول المصدرة للغاز، ان نشهد الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الخارجية، والسفارة العراقية في طهران، لتنظيم موضوع سمات الدخول للزوار الايرانيين، بمناسبة اربعينية الامام الحسين عليه السلام.. وشهدنا الحركة الدؤوبة للسيد السفير وباقي الموظفين، واخُبرنا انه تم افتتاح 11 قنصلية في مدن ايران المختلفة، لاصدار سمات الدخول، وذلك ليتسنى تلبية الطلب الهائل، ولتوفير جهد التنقل على زوار الحسين عليه السلام.. واخُبرنا ان عدد السمات الممنوحة في اليوم الواحد قد وصل الى اكثر من 120 الف سمة.. وان قنصلية طهران بمفردها اصدرت يوم الاثنين الماضي فقط 65 الف سمة.. وان هذا الامر سيستمر الى يوم الاثنين القادم، وانه استناداً لهذه المعطيات، فان عدد الزوار الايرانيين سيتجاوز 2 مليون زائر. ولاشك ان جهداً مماثلاً يبذل في بقية سفارات وقنصليات العراق في عدد كبير من الدول، مما يتطلب تهنئة الاخوة في وزارة الخارجية على هذا الجهد الكبير.
اثناء اللقاء ببعض الاخوة والاخوات في السفارة، لاحظت الفخر والاعتزاز لديهم بانهم يقومون بواجباتهم الدينية ويخدمون الامام الحسين عليه السلام، وفي نفس الوقت يوفرون لخزينة الدولة مبالغ كبيرة من الواردات، تأتي في هذه الظروف الصعبة.. فرسم السمة هو 30 دولاراً. وبعملية حسابية بسيطة يعني ان اكثر من 60 مليون دولاراً ستدخل الخزينة خلال ايام قليلة، وهو ما سيعزز الميزان التجاري للدولة، والميزان التجاري هو قيمة السلع والخدمات المنظورة المستوردة والمصدرة بين بلدين.. عدا ما سيصرفه الزوار من مبالغ، اضافة لكميات عظيمة من التبرعات والمواد الغذائية والايوائية ووسائط النقل، والتي ستعزز كلها من "ميزان المدفوعات" ("الميزان التجاري" زائداً الموارد غير المنظورة والاستثمارات والاعانات، الخ)، وهذا كله صحيح بالنسبة للزيارة الاربعينية، بل هو صحيح عند احتساب الزيارات خلال السنة، ولدى الطرفين.
في خضم هذا الحديث مع الاخوة والاخوات، افترضنا ان عدد الزوار السنوي سيكون 3 مليون زائر.. ثم سألنا كم يصرف الزائر.. فاختلف الرأي بين 200 دولاراً الى 500 دولاراً.. فلو افترضنا انه سيصرف 300 دولاراً للنقل والاقامة والطعام والمشتريات والهدايا، فان "ميزان المدفوعات" العراقي سيحقق 900 مليون دولاراً اضافة الى 90 مليون دولاراً، "للميزان التجاري" كرسم سمة دخول والتي تدخل مباشرة خزينة الدولة، اي ما مجموعه مليار دولار سنوياً تقريباً. وهنا سألنا عن توقعاتهم لو الغيت سمات الدخول ورسومها، فما هي تقديراتهم للاعداد.. كان الجواب قاطعاً من الجميع ان العدد قد يتضاعف. ليصل الى 5 او 6 مليون زائر سنوياً واكثر. افترضنا ان العدد سيكون سنوياً 5 مليون زائر.. معنى ذلك ان ما سيحققه ميزان المدفوعات من زيادة سيكون 1.5 مليار دولار، كموارد كلية تدخل البلاد، وهو اكثر بوضوح من الفائدة المتحققة عند فرض سمات الدخول واقل كلفة بالضرورة. فالفوائد هنا منظورة وغير منظورة للمواطنين والمصالح، من مخازن واسواق ومطاعم وفنادق ووسائط نقل وطائرات وغيرها.
بالطبع سيزداد عدد الزوار العراقيين لايران ايضاً.. وستخرج بالمقابل بعض الاموال.. لكننا اذا نظرنا للمسألة ككل فان ذلك سيعزز العلاقات بالجارة ايران، ويوسع من الدورة الاقتصادية بكثير لما فيه مصلحة البلدين، ويفتح العلاقات والاسواق والمصالح.. كما يعززها مع عشرات الدول التي يرغب مواطنوها زيارة ليس العتبات المقدسة فقط، بل ايضاً المواقع الدينية الاسلامية وغير الاسلامية الاخري.. والتي تجعل من الزيارات الدينية ليس عامل وحدة واثراء ديني ونفسي وروحي وحضاري وتاريخي فقط، بل عامل اثراء اقتصادي ايضاً، ستحسدنا عليه الكثير من البلدان.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha