عزت الكتلة الصدرية تجميد قانون "تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث" الى تراجع مظاهر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الاشهر الماضية، مشيرة إلى ان ذلك حفز الكتل السياسية على التمسك بمصالحها وامتيازاتها.
أما التحالف الكردستاني، فأرجع عدم التصويت على القانون، رغم اتمام قراءته الثانية، الى "تلاعب بالمسودات"، والارباك الذي حدث بسبب ذلك، فيما أعربت كتلة شهيد المحراب عن استغرابها لعدم تمرير القانون خلال الفصل التشريعي السابق، لكنها اكدت وجود اجماع على اقرار التخفيض.
يشار إلى أن الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت خلال شباط الماضي في عموم المحافظات، دفعت مجلس الوزراء مطلع آذار الماضي، الى المصادقة على مشروع قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة، وتحويله إلى مجلس النواب لإقراره.
وتراوحت نسب التخفيض بين 40 في المئة و80 في المئة، وتم تخفيض رواتب رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب من 50 مليون دينار إلى 12 مليون دينار، فيما تم تخفيض مخصصات الرؤساء الثلاثة ونوابهم بنسبة 80 في المئة.ويواجه اقرار القانون، الذي يشكل مطلبا شعبيا ملحا، تحديات واسعة لاجهاضه. وكان مجلس النواب ارجأ مرارا التصويت عليه بعد اتمام قراءته الثانية.
النائب عن كتلة الاحرار الصدري عبد الستار البياتي، قال لـ "العالم" أمس الاثنين، إن "توقف الشارع العراقي عن المطالبة بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث، حفز كثيرا من المتنفذين والكتل السياسية على عدم تمرير قانون التخفيض رغم قراءته قراءة ثانية، على اعتبار ان التخفيض سيضر بمصالحها وامتيازاتها".
وتابع البياتي ان "ممثلي تيار الاحرار تقدموا بمقترح حينها، نص على وجوب اقرار القانون وتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث، وايضا الوزراء واعضاء البرلمان لمقدار يكفي فقط لتكاليف معيشتهم اليومية، بهدف تقليل الفروق في المداخيل بين جميع موظفي الحكومة العراقية، وهذا سيحقق المساواة للجميع".وبشأن حديث بعض الكتل المعارضة للقانون، عن حاجة الرئاسات والنواب والوزراء الى مخصصات تسد التزاماتهم المالية والاجتماعية، يرى النائب الصدري، أن "هذا التبرير فيه شيء من الواقعية، وكثيرا ما تطرق ابوابنا للامور مختلفة"، لكنه يستدرك بان "ظاهرة الرواتب العالية والامتيازات غير المبررة، يجب ان لا تستمر في هذا البلد، كونها سياسة ستوثر على ميزانية العراق باثر رجعي".
ويوضح النائب الصدري "كما يعلم الجميع، فان نظام التقاعد للدرجات الخاصة، والذي يمكن أن يشمل الدرجات غير الخاصة مستقبلا، سيكون باحتساب 80 في المئة من الراتب الذي كان يتقاضاه قبل التقاعد".
ويؤكد ان ذلك "سيحمل ميزانية الدولة مبالغ طائلة خلال السنوات المقبلة، تحت بند تقاعد المسؤولين الكبار، وهذا الامر لا يخص اعضاء مجلس النواب فقط بل درجات حكومية كثيرة".ويشير البياتي الى ان "تخفيض الرواتب سيشمل الجميع دون استثناء، وهناك فقرة في القانون الجديد تنص على تخفيض رواتب بعض الدرجات بأثر رجعي، اي أن عليهم اعادة فارق الرواتب لميزانية الدولة، وهنا اكرر ان التخفيض سيشمل الرئاسات الثلاث واعضاء مجلس النواب والوزراء والوكلاء واصحاب الدرجات الخاصة، وموظفي الرئاسات الثلاث".
وعن مخاوف بعض موظفي الرئاسات الثلاث من تخفيض رواتبهم، ما قد يؤثر على حياتهم الاجتماعية، يؤكد البياتي "التخفيض غير تابع لاجتهادات شخصية ورغبات البعض في التخفيض او العكس، لأن قانونا سيصدر، والقوانين ملزمة للجميع دون استثناء، ولا وجود لشخص فوق القانون في العراق".
ويتابع ان "القانون الجديد سيخفض رواتب الموظفين بالاجماع، وليس هناك تمييز بين موظفي الرئاسات الثلاث وموظفي امانة العاصمة الذين يتحملون مختلف انواع الاعباء"، مبينا "أجد ان الحل الامثل لجميع المشاكل هو اعادة الرواتب المتساوية لجميع الطبقات، وشرائح الموظفين".
ويقر النائب الصدري بحاجة بعض المواقع الوظيفية لمصروفات اضافية، مقترحا "احتساب فروق لهم، شرط ان لا تكون كبيرة".
لكنه يشدد في الوقت نفسه، على "رفض وصول راتب موظف في مجلس الوزراء او رئاسة الجمهورية او البرلمان، إلى ما يعادل راتب وزير او وكيل وزير"، معتبرا أن "حساسية الموقع لا تستدعي تقاضي هكذا رواتب عالية".
من جهتها تؤكد النائب عن كتلة الفضيلة كميلة الموسوي، وجود "عقبات كثيرة حالت دون تمرير القانون، تتعلق بمجلس النواب ومجلس الوزراء"، مشيرة الى "وجود اعتراضات من جهات سياسية على القانون".
وتشير الموسوي في تصريحات لـ "العالم" أمس، إلى أن "مشروع قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث ستفعّل قراءته مرة اخرى، خلال الفترة المقبلة".
لكن النائبة التحالف الكردستاني أشواق الجاف، ، تنفي وجود عرقلة سياسية تحول دون اقرار قانون تخفيض الرواتب، موضحة أن "المشكلة تكمن في موضوع أراه اخطر بكثير، وهي تغيير نسخ القانون بعد كل قراءة".
وتضيف الجاف في مقابلة مع "العالم" أمس "عندما قرئ القانون القراءة الاولى تسلمنا مسودات، وبعد القراءة الثانية تسلمنا مسودات ايضا، وجدناها تختلف تماما عما اتفقت عليه الكتل من بنود".
وتؤكد النائبة الكردية ان اختلاف المسودات دفع بعض "الكتل إلى الاعتراض على السياسة التي اتبعت في تغيير المسودات، بشكل مختلف عن المتفق عليه، وهذا يعني وجود اكثر من مسودة".
وتؤكد ان التلاعب بالنسخ حدث "رغم ان جميع الكتل بدون استثناء متفقة على وجوب صدور هذا القانون، وتحقيق التخفيض بالرواتب".
وبشأن الجهة التي تقف وراء عملية التلاعب بالنسخ، تقول "لا اعني وجود جهة تعمدت هذا الامر، لكن جميع النواب اعترضوا على ذلك"، مضيفة "عند اجراء مناقشات، يجب ان تنظم مسودة بما تم الاتفاق عليه وتوزيعه، ولا يجوز طبع شيء مختلف، وقد طالب الجميع بذلك".
وبشأن موارد التغيير التي ادخلت على مسودات القانون، توضح الجاف أن "من بين هذه الاختلافات هو مقدار راتب عضو البرلمان، فتم الاتفاق على تخصيص راتب مقداره 10 ملايين، لكن في المسودة أدرج مبلغ 8 ملايين".
وعما اذا كانت هناك حاجة لتخصيص رواتب كبيرة للبرلمانيين، تؤكد الجاف أن "اعضاء البرلمان لديهم التزامات كثيرة تجاه المواطنين ويقومون بواجبات كثيرة، لكن بكل صراحة لم يكن هذا الامر سبب تأجيل اقرار القانون، فالكل صوت على التخفيض".
اما النائب عن كتلة شهيد المحراب علي شبر، فيذهب إلى أن "الكل راغب بالتخفيض شرط اقرار قانون محبوك"، لافتا إلى أن القانون "كان يفترض اقراره في الفصل التشريعي الاول، ولا اعلم أسباب تأجيل اقراره طوال هذه الفترة".
ويتابع شبر "بعض البرلمانيين بينوا ان عليهم مسؤوليات وواجبات والتزامات تحتاج إلى تكاليف اضافية، إذ يجب عليهم أن يقفوا إلى جانب المواطنين الذين انتخبوهم، والفقراء والمراجعين لهم، والتخفيض قد يخل بتلك الالتزامات".
ويضيف "لكن رغم ذلك، فإن الجميع متفق على التخفيض في رواتب الدرجات العليا، ورفع رواتب الدرجات الدنيا، لتحقيق نوع من المساواة وتقليل الفوارق بالدخول".
https://telegram.me/buratha

