في خطوة تعكس تصاعد تنافس الاحزاب السياسية وجهات حكومية للتنافس على النفوذ داخل النقابات والمنظمات المهنية في البلاد، وجهت لجنة منظمات المجتمع المدني انتقادات لاذعة للحكومة بسبب تجميدها الانتخابات العمالية، متهمة الاخيرة بالسعي لتسييس الانشطة المهنية، وشددت على ضرورة الاحتكام للدستور في ذلك.
بدورها عزت وزارة الدولة لشؤون منظمات المجتمع المدني الغاء الانتخابات العمالية الى "عمليات تزوير واسعة" تمارسها بعض الجهات لتحقيق مكاسب خاصة.
وكانت الحكومة اصدرت قرارين في نيسان الماضي سُحب بموجبهما الاعتراف بالاتحاد العام لنقابات العمال في العراق والنقابات التابعة له، وبدلاً من ذلك جرى تشكيل لجنة تحضيرية وزارية استحوذت بموجبهما على جميع تنظيمات الاتحاد والأصول المالية والإشراف على الانتخابات النقابية المقبلة.
ويكافح عمال العراق لالغاء قانون العمل رقم 150 لسنة 1987 الذي حول العمال الى موظفين في الدولة وقانون تنظيم العمل النقابي رقم 72 لسنة ذاتها.
وقرر وزير الدولة لشؤون منظمات المجتمع المدني تجميد نتائج الانتخابات العمالية التي انطلقت في 5 من آيار الماضي بعد ورود معلومات تفيد منح بعض الجهات السياسية "بطاقات مزورة لمئات الاشخاص" بهدف ترجيح كفتها داخل بعض النقابات، كما افاد مصدر رفيع في الوزارة لـ "العالم" امس.
وفي تصريح لـ "العالم" امس الاحد، وصف علي محسن التميمي، رئيس لجنة منظمات المجتمع المدني النيابية، تدخل الحكومة في الانتخابات العمالية بـ"السابقة الخطيرة".
لافتا الى ان ايقاف الانتخابات لم يجر للمرة الاولى ولا الاخيرة، فقد اوقفت ذات الانتخابات عام 2008 وفي 2009 كذلك، "وقبل موعدها المحدد بـ 48 ساعة بعد ان نجحت بافتتاح 100 مركز في بغداد و200 مركز في جميع المحافظات وبإقبال كبير ومن دون ضغوط سياسية على اساس ان جميع القيادات النقابية الجديدة متكونة من الشباب المستقلين".
ويؤكد التميمي بان قرار وزير شؤون المجتمع المدني ورئيس اللجنة الوزارية بـ"التريث" هو "امر مخالف لضوابط اللجنة التحضيرية المصادق عليها من مجلس الوزراء، وتعتبر قراراتها نافذة بعد ان تصادق الجهات الحكومية الاعضاء في اللجنة، وهي هيئة المساءلة والعدالة ووزارة الامن الوطني وهيئة النزاهة ووزارة الدولة لشؤون منظمات المجتمع المدني، على مقرراتها".
ويرى النائب الصدري بان "المصادقة على نتائج الانتخابات التي اجريت في 5 - 5 ستسهم في رفع شارة الحجز على جميع ممتلكات واموال النقابات العمالية". ويرفض رئيس لجنة منظمات المجتمع المدني النيابية تدخل اللجنة الوزارية في نتائج الانتخابات ويشدد على مرجعية اللجنة التحضيرية ومحكمة القضاء العمالي التي "مهمتهما البت في الطعون والشكاوى". ويعتبر التميمي من يروج لفكرة تزوير الانتخابات بـ"قلة من المفلسين الذين لم يتمكنوا من تقديم شيء لهذه الطبقة خلال فترة توليهم قيادة هذه النقابات، لا سيما وان وزارة المجتمع المدني اكدت سير الانتخابات من دون خروق خلال عملية الاقتراع".
وكان اتحاد النقابات في بريطانيا دعا الخميس الماضي الحكومة العراقية إلى عدم التدخل في شؤون الحركة النقابية العمالية العراقية"، مهددا بالسعي إلى رفض انضمام المندوب العراقي للمشاركة في مؤتمر العمل الدولي، حسب بيان للسكرتير العام للاتحاد.
ويتابع النائب عن كتلة الاحرار التابع للتيار الصدري بالقول "تأجيل اعلان نتائج هذه الانتخابات يتم تحت وطأة ضغوط حزبية كبيرة ودوافع سياسية من اجل السيطرة على هذه النقابات ومن جهات مختلفة".
ويضيف "ايقاف نتائج الانتخابات يقف وراءه بعض المتحزبين داخل المكتب التنفيذي للاتحاد من الذين ارادوا الوصول عبر هذه الانتخابات الى اعلى مرحلة وبدون انتخابات".
ويؤكد التميمي بان "اللجنة التحضيرية منتخبة من قبل النقابات وبعلم رئيس اللجنة الوزارية ووزارة المجتمع المدني ونظامها الداخلي مصادق عليه من قبل مجلس الوزارء".
ويشدد رئيس لجنة منظمات المجتمع المدني النيابية على ان "دور الوزارة داعم وهذا حسب الدستور وفق المادة 45 بان الدولة تدعم كافة مؤسسات المجتمع المدني مع الاحتفاظ بأستقلاليتها". ويحمل النائب الصدري "قيادات داخل اتحادات نقابات العمال وقوى سياسية" قال انها "تحاول السيطرة على هذه النقابات".
مؤكدا بان "لا مشكلة مع العمال، والسياسيون يريدون تمرير افكارهم عبر هذه الطبقة العاملة وتحت مسميات مختلفة"، رافضا الكشف عن هذه الجهات.
وكان امين الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق هادي علي لفته اشتكى في حديث لـ "العالم" بمناسبة عيد العمال من "رغبة السلطة في الهيمنة على الطبقة العمالية عبر تعطيل الانتخابات المفترض اجراؤها منذ عام 2008".
https://telegram.me/buratha

