أنهت محكمة الجنايات العراقية العليا المختصة بمحاكمة أركان النظام السابق، أعمالها بإصدارها أمس أحكاما ضد المتهمين بقضية ما أطلق عليه تصفية البارزانيين، باعتبار أن هذا الملف هو آخر القضايا الكبرى بوصفها جريمة إبادة جماعية في مهام المحكمة، حسبما أكد القاضي رائد جوحي أحد مؤسسي هذه المحكمة.
وقال القاضي رائد جوحي : أن "قضاة محكمة الجنايات العراقية العليا عقدوا سلسلة اجتماعات لبحث موضوع إنهاء أعمال المحكمة بعدما أنجزت أكثر من 97 في المائة من المهام الموكلة إليها ووقعوا على وثيقة تقترح أن يكون يوم 30 حزيران القادم هو آخر أيام عمل المحكمة"، مشيرا إلى أنه "تم إعداد مشروع من داخل المحكمة لإنهاء أعمالها ورفعه إلى رئاسة مجلس الوزراء وليأخذ طريقه إلى مجلس النواب".
وأوضح القاضي جوحي أن "محكمة الجنايات العراقية العليا هي إحدى مؤسسات العدالة الانتقالية التي تشكلت في ظروف معينة من أجل مهام محددة، وهي محاكمة أركان النظام السابق، وهذا مثبت في المادة 134 من الدستور العراقي"، منوها إلى أن "في القانون رقم 1 من عام 2003، الذي بموجبه تشكلت المحكمة باسم (محكمة الجنايات الخاصة)، كانت هناك إشارة إلى أن السقف الزمني لعمل المحكمة هو 5 سنوات، لكن هذا السقف الزمني تم رفعه حسب القانون 10 من عام 2005 الذي بموجبه تغير اسم المحكمة إلى (محكمة الجنايات العراقية العليا)".
وأشار إلى أن "مثل هذه المحاكم التي تتشكل للنظر بقضايا معينة وذات مهمة محددة ينتهي عملها عادة بانتهاء مهامها تماما مثلما حدث بمحكمة نورمبرغ الشهيرة التي تعد محاكماتها من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر"، وتناولت المحاكمات في فترتها الأولى، مجرمي حرب القيادة النازية بعد سقوط الرايخ الثالث، وفي الفترة الثانية، تمت محاكمة الأطباء الذين أجروا التجارب الطبية على البشر.
وقال موضحا أن "محكمتنا كانت قد نظرت في 14 قضية رئيسية تتعلق بجرائم حرب وجرائم إبادة ضد الإنسانية تفرعت عنها عشرات الآلاف من القضايا المتصلة بالرئيسية، فمثلا كان على قضاة التحقيق والقضاة والادعاء العام الاستماع إلى شكاوى وشهادات وملفات الآلاف من الأشخاص، وقد عمل على إنجاز قضاياها أكثر من 60 قاضيا و18 مدعيا عاما و100 محقق و80 مساعدا قانونيا عملوا على إنجاز القضايا الرئيسية الـ14 التي حاكمت 55 مطلوبا من أركان النظام السابق ووفرت العدالة للمشتكين والمتهمين الذين هيأت لهم محاميي الدفاع وفق معايير حقوق الإنسان".
ونبه القاضي جوحي إلى أن "هناك محاكم جنائية أخرى سوف تنظر في أي قضية تتصل بمهام محكمة الجنايات العليا وتحكم وفق قوانين هذه المحكمة بعد إنهاء أعمالها، وسوف نوفر بذلك الوقت والجهد على المشتكين والمتهمين والمحكمة، وسنسهم بسرعة إنجاز القضايا وتحقيق العدالة"، مشيرا إلى أنه "حسب المادة 29 من قانون المحكمة، فإن هناك ولاية مشتركة بين محكمتنا ومحاكم مجلس القضاء الأعلى، وهذا يعني أن من حق المحاكم الأخرى النظر في الدعاوى المرفوعة إلى محكمة الجنايات العليا".
وأكد جوحي الذي يعد أول قاض عراقي يحقق مع الطاغية المقبور صدام حسين، في العالم العربي أن "محكمتنا اعتمدت المهنية العالية والعدالة وطبقت القوانين النافذة وعملت وفق المعايير الدولية بموضوع محاكم الجنايات التي تنظر في قضايا جرائم ضد الإنسانية، وهي أول محكمة من نوعها عربيا"، مذكرا بمقترح جامعة الدول العربية عام 2004 بخصوص إنشاء محكمة جنايات عربية على غرار المحكمة الدولية للنظر في قضايا تتعلق بجرائم الإبادة وتقديم الرؤساء أو المسؤولين العرب الذين يقترفون جرائم بحق شعوبهم ويمكنهم في حال تشكيل مثل هذه المحكمة الاستفادة من تجربتنا".
ونوه القاضي جوحي إلى أن "محكمة الجنايات العليا بعثت برسائل واضحة إلى كل من تسول له نفسه من المسؤولين مهما كانت مناصبهم، بأن العدالة سوف تقتص منه إذا ما مارس أي جريمة ضد الشعب، وبأنه لن يكون بمنأى عن القضاء والقانون، وبرسائل إلى الناس بأن حقوقهم لن تهدر ولن يكونوا ضحايا ما دام هناك قضاء نزيه وعادل، وهكذا رأينا أن العدالة اقتصت من صدام حسين وأركان نظامه لاقترافهم جرائم ضد شعبنا"، مشيرا إلى "قناعة القضاة والمشتكين بعدالة المحكمة وبمهنيتها العالية".
https://telegram.me/buratha

