بعد انقضاء ثلثي المهلة التي حددها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لإجراء إصلاحات داخلية في عمل الوزارات وإدارات المحافظات لمعرفة مدى نجاحها أو فشلها والمحددة بمئة يوم، لاتزال الأوساط السياسية والشعبية منقسمة على نفسها حول ماهية الإصلاحات التي سيجريها المالكي، وما قد تستطيع الحكومة ممثلة برئاسة الوزراء من تقديمه للمواطن البسيط حول الخدمات أو الخطط الاستثمارية، وما هي ردود أفعال الشارع العراقي والأحزاب والكتل السياسية داخل قبة البرلمان حول هذه المهلة في حال انقضاء الفترة دون إصلاحات ملموسة، فضلاً عن بروز تساؤلات عدة أزاء مصير الحكومة والبرلمان العراقي حينها.النائب عن كتلة الأحرار جواد الحسناوي توقع "إرباكاً للعملية السياسية وإعادة انتخابات مجلس النواب بعد انقضاء المئة يوم" التي وصفها بأنها "طوق فرضه المالكي على نفسه وعلى العملية السياسية". مشيرا إلى "إن الحكومة ستجعل مجلس النواب باستطاعته محاسبة ما فرضته الحكومة على نفسها، لاسيما أن المئة يوم ليس بالإمكان تقديم الخدمات خلالها" مبيناً "إن المئة يوم ستكون الحد الفاصل مابين استمرار الحكومة من عدمها وه ما سيؤدي الى إرباك العملية السياسية".وأوضح الحسناوي "إن كل الخيارات مطروحة بعد المئة بما فيها سحب الثقة عن الحكومة وتشكيل حكومة جديدة ومن بين الاحتمالات القائمة الانتخابات المبكرة ومن المحتمل ليس على مجالس المحافظات فقط وإنما تجر إلى مجلس النواب".مؤكداً "إن العملية السياسية معرضة للإرباك وشلل تام بعد المئة يوم" مبيناً "إن المهلة معمول بها عالمياً ولكن فهمت بالعراق مغلوطة والعمل بها دوليا هو لوضع سياسة ورسم خطط وليس لتقديم خدمات وخصوصاً في العراق الذي يعاني من انعدام الخدمات في الاصل".وقد اتهم التيار الصدري في بيان سابق له، رئيس الوزراء "بالتنصل من تحمل مسؤولية تعثر الحكومة في عملها واتجاهه لتحميل وزرائه مسؤولية أي إخفاق، بعدما أعلن عن محاسبة الوزراء الذين تخفق وزاراتهم في مهامها بعد مهلة زمنية أمدها 100 يوم". النجيفي وفي تصريحات سابقة له، أكد أن مهلة الـ 100 يوم "غير ملزمة لأي طرف خارج إطار الحكومة" لافتا إلى "أن المهلة لم يتم الاتفاق عليها مع أي سلطة، وهو تقييم داخلي ونحن غير معنيين به".من جهتها، قالت النائبة عن التحالف الكردستاني اشواق الجاف "إن المؤسسات الحكومية والبرلمانية ستواجه أزمة جديدة ومشكلة كبيرة بعد المهلة التي حددها رئيس الوزراء".وبينت الجاف في تصريح لـ"ومع" إن الوضع لن يتغير بعد المئة يوم وذلك لبقاء المسبب الأول والأخير ألا وهو الفساد الإداري في هيكلية الوزارات وعدم التعاون من اجل القضاء عليه" موضحة "إن الوزراء وعدوا بتقديم تقارير قبل نهاية كل شهر من المهلة المحددة إلى البرلمان حول أعمالهم لكن إلى ألان لم يقدم أي وزير اي شيء من هذا القبيل".وعزت الجاف عدم مطالبة البرلمان الوزراء بالتقارير التي وعدو بها "لانشغاله بقضايا أخرى ليس لها أهمية، منها الانشغال بنواب رئيس الجمهورية" على حد قولها.مشيرة إلى "إن الشعب العراقي يتطلع إلى الخدمات من الكهرباء والقضاء على البطالة والفساد، إلا أن مجلس النواب تناسا دوره الرقابي بمحاسبة الوزراء عن أعمالهم وانشغل بأمور أخرى" متوقعةً ، حدوث أزمة جديدة تواجه العرق والعملية السياسية برمتها في ظل الوضع الذي وصفته "بالمعقد والمتردي وعدم وجود التعاون بين الوزراء والعاملين في الوزارة".وكان المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي علق في تصريح سابق عن مهلة اليوم، بقوله "إن مهلة المئة يوم باعتبارها نهجاً متبعاً في معظم دول العالم لتقييم وإصلاح الأداء الحكومي وفق البرنامج الذي تضعه الحكومة لنفسها، وهذا الإجراء واقعي في مناطق أخرى من العالم، وذلك لان تلك الدول مؤسساتها قائمة على أهداف إستراتيجية وسياسات مخططة ومدروسة، بينما العراق بلد لم يصل إلى هذه المرحلة من قيام مؤسساته وفق سياسات ثابته ومدروسة من خلال التخطيط للمشاريع التنموية المطلوبة، ومن هنا فإن المائة يوم غير كافية للإصلاح ولترميم ما يمكن ترميمه".إلى ذلك كشفت النائبة عن كتلة الفضيلة سوزان السعد عن احتمالية تفجر الوضع بعد المئة يوم، خاصة تزامنا مع اقتراب موسم الصيف وشهر رمضان".وقالت السعد في تصريح لـ"ومع" أن المحافظات ستثور بعد المئة وأولها البصرة لما تعانيه من تردي فضيع في الخدمات وعدم ملاحظة أي بادرة واضحة للمئة يوم في المحافظة" مشيرةً إلى "استحالة إرجاع كل شيء على ما كان عليه وتقديم الخدمات خلال مدة المئة يوم، وخاصة الكهرباء التي تحتاج إلى فترة والصيف على الأبواب مما ينذر بتفجر الوضع وخروج المظاهرات من جديد"، وكانت مدينة البصرة قد شهدت في العشرين من يونيو 2010 تظاهرات عارمة أمام مجلس محافظة البصرة للمطالبة بتحسين الخدمات بصورة عامة والكهرباء بشكل خاص، والتي أدت إلى مقتل شخص وجرح اثنان آخران عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص في الهواء لتفريق التظاهرة. مشددين فيها على إقالة المحافظ والمسؤولين عن دوائر الكهرباء.ومن الجدير بالذكر، أن محافظات العراق شهدت تظاهرات شعبية يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط/فبراير الماضي، شارك فيها العديد من فئات وشرائح الشعب العراقي، وخصوصاً في العاصمة العراقية بغداد، والتي طالب فيها المتظاهرين بتوفير الخدمات والقضاء على الفساد الإداري والمالي المتفشي في الوزارات والدوائر الحكومية.حيث شهدت هذه التظاهرات اشتباكات بين القوات الأمنية والمتظاهرين والتي أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى والقتلى بين الجانبين، ودفعت تلك المظاهرات العديد من المحافظين ورؤساء مجالس البلدية إلى تقديم استقالتهما، وكان على رأسهم استقالة محافظ البصرة شلتاغ عبود الذي طالب أهالي البصرة بإقالته.وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمهل في 27 من شباط الماضي، الوزارات وإدارات المحافظات مائة يوم لتقييم عملها ومعرفة مدى نجاحها أو فشلها، مؤكدا أن الوزارات ستشهد تغييرات كبيرة وفق نتائج التقييم. أنتهى
https://telegram.me/buratha
