نفى البنك المركزي العراقي امس الاثنين، انباء تحدثت عن إلغائه مزاد العملات اليومي ما تسبب بانخفاض سعر الدينار امام الدولار، مؤكدا انه يطبق "سياسة تعقيم" ضد غسيل الاموال الذي تمارسه بعض شركات التوسط المالي في البلاد.
لكن اصحاب شركات صرافة حذروا من مخاطر تراجع حجم تداول العملة الصعبة على الاسواق المحلية، مشيرين الى ان مطالبة البنك المركزي بـ"الرقم الضريبي" سيساعد على تهريب العملة بسبب توقف التحويلات الخارجية.
وتراجعت بشكل حاد مبيعات البنك المركزي من الدولار خلال الايام الماضية، على خلفية تقديم البنك طلبا لشركات الصرافة وجهات التحويل، بكشوفات تتضمن اسماء الزبائن ومعلومات اخرى عنهم.
ولم يتضح سبب رفض معظم الزبائن لطلبات البنك المركزي عرض كشوفات ضريبية، الا ان مصادر مالية رجحت لـ"العالم" ان يكون الامر على خلفية "مخاوف من كشف الوضع المالي لجهات سياسية او شركات كبيرة وما الى ذلك".
وتمتع الدينار العراقي باستقرار ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة ادت الى رفع قيمته مقابل الدولار من 3 آلاف للدولار الواحد الى 1.7 الف دينار.
وقلل البنك المركزي العراقي من شأن تراجع مبيعاته من الدولار على مدى الأيام القليلة الماضية، معبرا عن عدم خشيته من إحجام الزبائن، ومؤكدا قدرته الكبيرة في تخطيه الأزمة.
وفي تصريح لـ "العالم" أقر مستشار البنك المركزي مظهر محمد صالح بتراجع المبيعات، عازيا ذلك الى ما أسماها بـ "السياسة التعقيمية التي ينتهجها المركزي حاليا". مشيرا الى ان ذلك يعود الى "مطالبة البنك المركزي لشركات الوساطة المالية بتقديم رقم الحساب الضريبي لزبائنها".
وقال صالح بان هذا الاجراء ذلك يأتي في "إطار التنسيق بين السياستين النقدية والمالية"، مؤكدا بأن من شأن هذه السياسية الجديدة التي اتبعها البنك المركزي ان "تضمن سياسة نقدية سليمة بعيدة عن غسيل الأموال والطرق غير المشروعة".
ويتابع المستشار البارز للبنك المركزي العراقي حديثه بالقول "كان هذا الاجراء سببا في إحجام الزبائن، ولا نعلم السبب الذي يقف وراء ذلك طالما نتحدث عن وسائل قانونية، الأمر الذي يضع هؤلاء الزبائن في دائرة الاتهام جراء الخوف من الجهاز الضريبي ربما".
وبشأن ردة فعل شركات التوسط المالية على السياسة الجديدة التي اتبعها البنك المركزي، يرى مظهر ذلك "ليس الا مسألة وقت وقد يأخذ أياما"، ويشدد على ان "الغاية منه هو الضغط من أجل التراجع عن سياستنا النقدية الحالية".
وبشأن الاثار الجانبية لتراجع مزاد البنك المركزي على اسعار الصرف في الاسواق المحلية، يقول صالح أن "البنك يتمتع بقدرة كبيرة على تخطيها بما يمكنه من ارجاع الصرف الى أي سعر يشاء. لا نخشى اشاعات المضاربين وأصحاب الغايات التجارية الأخرى".
وحول حالة الجمود التي باتت تلف نشاط البنك المركزي مؤخرا، لفت صالح الى ان "يوم الثلاثاء سيشهد معطيات جديدة من خلال توسع البنك في عرض العملة الاجنبية لزبائن المركزي وهم المصارف، بالشكل الذي لايخالف قانون مكافحة غسيل الأموال ولا يخالف التنسيق مع السياسة المالية في مجال الإيرادات الضريبية".
ويؤكد المستشار البارز للبنك المركزي بأن "هذا التوسع مكن المركزي لحد الآن من جمع أكبر احتياطي في تاريخ العراق وهو 53 مليار دولار"، لافتا الى ان الاخير "يبيع ما يقرب من 35 مليار دولار سنويا، بمعنى أنها تحول ثلثي إيرادات النفط".
ويعقد البنك المركزي خمس جلسات اسبوعيا لبيع وشراء العملات الأجنبية، ويتقاضى عمولة عن البيع النقدي والحوالات الخارجية مقدارها 13 دينارا لكل دولار.
وفي السياق ذاته، حذر خبير مالي من مخاطر تراجع مبيعات العملة على الاسواق المحلية، متوقعا انتعاش تهريب العملة بسبب اجراءات البنك المركزي الاخيرة.
وفي حديث لـ "العالم" قال أمير مطر وهو صاحب شركة صرافة معروفة في بغداد، ان "البنك المركزي العراقي لم يبع سوى عشرين مليون دولار، في حين كان يبيع حتى قبل عشرة ايام، ما يقرب من مائتي مليون يوميا".
ويضيف بأن "السوق العراقية بحاجة الى ما لا يقل عن 150 مليون دولار يوميا، لكن انخفاض مبيعات الدولار من شأنها التأثير على أسعار المواد الاستهلاكية، والمتضرر سيكون المواطن بالدرجة الأولى". وعزا الصراف تراجع مبيعات مزاد البنك المركزي الى "خلافات الاخير مع وزارة المالية".
وحول مطالبة البنك المركزي لشركات التوسط المالي كشف الرقم الضريبي لزبائنها، يرى ان ذلك "سيوقف المزاد بشكل نهائي، بسبب رفض الزبائن"، ويؤكد بانه "سيسهم في تهريب العملة، بسبب توقف الحوالات مما سينعكس سلبا على العملة الوطنية".
ولفت الصراف الى ان "ارتفاع سعر صرف الدولار بلغ رقما قياسيا اليوم (امس) الاثنين"، مبينا أنه "غير مسيطر عليه حاليا".
https://telegram.me/buratha

