العراق بيتنا
لا احد غير أهل ديالى أنفسهم يعرف حجم البلاءات والكوارث التي حلت بهذه المحافظة التي تقع شرق بغداد وحتى الحدود الإيرانية، هذه المحافظة المعروفة بخيرها ونهرها وشجرها وكرمها. ذاقت منذ منتصف عام 2006 إلى منتصف 2008 ما لا يخطر على بال احد من البلاءات والويلات والنكبات، حيث سقطت تماما بيد تنظيم القاعدة الإرهابي عدا الشارع الذي تقع فيه بناية المحافظة ومدينة خانقين التي تقع في أقصى الشرق قرب الحدود الايرانبة.
لقد استباح الإرهابيون هذه المحافظة أرضا وبيوتا وبشرا وشجرا، فكان مشهد الرؤوس المقطوعة موزعة على الأرصفة والطرقات في المدن والقرى و المبازل مشهدا اعتاد أهل ديالى رؤيته كل صباح. كما اعتادوا أن يسمعوا دوي الانفجارات التي تنسف بيوت العوائل التي تم ذبح أو تهجير أصحابها. ومنظر البساتين الغناء وهي تحترق، فتوقفت مظاهر الحياة فيها ولم تعد إليها إلا بعد عمليات بشائر الخير الأولى والثانية التي تمكنت إلى حد ما من تطهير المحافظة من الإرهاب بدعم وإسناد الصحوات وما سمي بمكاتب الإسناد. فتنفس أهل ديالى الصعداء، وعاد المهجرون إلى مدنهم وقراهم ليجدوها كأنها تعرضت إلى زلزال، أما مساكنهم فوجدوها محض ركام.
إلا إن هذه البحبوحة من الأمن و الأمان التي شهدتها المحافظة لم تدم طويلا حيث قام تنظيم القاعدة في المحافظة منذ مطلع العام الحالي بعمليات إرهابية عديدة في المحافظة وكان أكثرها دموية الانفجار المزدوج الذي نفذته القاعدة في 26 آذار من العام الحالي في مركز قضاء الخالص مستهدفين سوقا شعبيا قديما في المدينة وادى إلى استشهاد 54 وجرح 106 من أهالي الخالص وانهيار العشرات من البيوت والمحلات على رؤوس أصحابها.
مساء الجمعة 21 مايس وقبيل الغروب حيث حركة المارة على أشدها في سوق الخالص عاود المجرمون فعلتهم ففجروا سيارة مفخخة في مكان ليس ببعيد عن الانفجار السابق وفي ذات المكان الذي ضربته سيارة مفخخة عام 2006 واوقعت في حينه عشرات الشهداء والجرحى، الحصيلة لانفجار الجمعة 30 شهيدا و 80 جريحا وانهيار العشرات من البيوت والمحلات أيضا.
في ناحية السعدية 60 كم شرق مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى والتي تقع شرق بحيرة حمرين التي تفصل بيتها وقضاء المقدادية قامت عناصر من القاعدة صباح يوم الاثنين 17/5 /2010 باقتياد إمام وخطيب جامع ناحية السعدية الشيخ الجليل 70 عاما من منزله وذبحه وتعليق رأسه على احد الأعمدة وسط المدينة في ظل غياب كامل للقوات الأمنية.
في اليوم نفسه الذي نفذت فيه جريمة السعدية وفي قرية البو شاهين التي تقع في ناحية المنصورية شمال قضاء المقدادية اقتحمت عناصر القاعدة منزل الشيخ هاشم طارق واقتادته إلى حديقة منزله وأطلقت عليه وابلا من الرصاص وتركته جثة هامدة بعد إن غادرت المكان.
في 20/5/2010 اقتحمت قوة خاصة من وزارة الداخلية احد المعاقل الرئيسية لتنظيم القاعدة في منطقة الداينية التابعة لقضاء بلدروز 70 كم جنوب شرق بعقوبة واشتبكت القوة بمواجهات عنيفة مع الإرهابيين استمرت لأربع ساعات، أسفرت عن قتل 5 إرهابيين واعتقال اثنين منهم كما جرح سبعة من أفراد القوة المهاجمة، وتم العثور على مخبأ للأسلحة والاعتدة و 13 حزاما ناسفا وعدد من العبوات الناسفة. وهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها اشتباك بين عناصر القاعدة والقوات الأمنية منذ نهاية 2008 حيث فقد تنظيم القاعدة قدرته على الاشتباك مع القوات الأمنية منذ ذلك الحين.
المهتمون في الوضع الأمني في ديالى قلقون من تصاعد نشاطات القاعدة في المحافظة التي بدأت تنشط مطلع العام الحالي وركزت هجماتها على مركز قضاء الخالص هذه المدينة التي قاومت تنظيم القاعدة ببسالة وتمكنت من الصمود مع إن المدينة كانت محاطة من معظم الجهات بقرى تعد من معاقل الإرهاب في المحافظة آنذاك.
أسباب تصاعد نشاط القاعدة مؤخرا يعزى إلى اصرار تنظيم القاعدة على استعادة السيطرة على أجزاء من هذه المحافظة كمرحلة أولى ولا سيما الحزام الشمالي الشرقي الذي يبدأ من سلسلة تلال حمرين وناحية السعدية مرورا بناحية المنصورية وقرى الخالص لتصل إلى ناحية العظيم ومن ثم الاتصال والتواصل مع قواعد تنظيم القاعدة في كركوك ، لان القاعدة تخطط الآن لمرحلة ما بعد انسحاب القوات الأمريكية المقرر نهاية العام الحالي لاستعادة السيطرة على هذه المحافظة وبالتالي تهديد امن بغداد من جديد،
وهناك عدة عوامل مساعدة تقدم تسهيلات لتنظيم القاعدة أهمها الطبيعة الجغرافية في تلال حمرين والمساحات الشاسعة من البساتين التي تساعد على إخفاء الكثير من تحركات القاعدة، وكذلك اختراق تنظيم القاعدة لبعض كبار ضباط الأجهزة الأمنية لتسهيل تنفيذ بعض العمليات كما حصل في تفجير مستشفى عام بعقوبة الذي ثبت بان ضابط برتبة عقيد كان يقف ورائه. وضعف الجهد ألاستخباراتي، إضافة إلى تعاون بعض كبار المسؤولين المحليين مع هذا التنظيم، بعضهم تم إلقاء القبض عليهم من ضمنهم أعضاء في مجلس المحافظة ورئيس جامعة ديالى. وبعضهم صدرت بحقهم مذكرات قبض فاختفوا عن الأنظار
https://telegram.me/buratha