ذي قار - علي عبد الخضر
لقد مرت على الشعب العراقي حقب تاريخية طويلة لم ينعم فيها بالاستقرار كالشعوب الأخرى بسبب ما عاناه من جور الأنظمة القمعية التي تعاقبت على حكمه وقيدت حريته وإرادته من النهوض ، إلاّ أن الوعي الوطني الرافض للاستبداد لدى أبناء الشعب أصبح ينضج بمرور الوقت والأيام وصارت المواجهة مع الديكتاتوريات تأخذ طابعا جهاديا وقادت الفصائل الثورية العراقية كفاحا مسلحا ضد أشرس نظام إجرامي عرفه تاريخ العراق الحديث ودفع الشعب العراقي الدماء الشريفة ثمنا لتلك المواجهة غير المتكافئة إلاّ من التسلح بالإيمان لقضيته والإرادة الصلبة لتحريره وإسقاط النظام الصدامي التي انتهت بالنصر لصالح الشعب .
ومن ثم بدأت حقبة جديدة هي مرحلة تأسيس حياة سياسية ديمقراطية تسودها العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان وإعادة بناء ما خربته الأيدي العابثة التي تعاقبت على حكم العراق ، وكان للقوى الوطنية السياسية التي قارعت النظام المباد ، وهي قوى معروفة انضوت في ( الائتلاف العراقي الموحد ) ، الدور الأبرز في قيادة وتوجيه المرحلة الجديدة لما تمتلكه من عزم وإخلاص وقاعدة شعبية عريضة وتاريخ جهادي أهلّها لذلك وتمخضت جهودها عن تحقيق انجازات تاريخية لعل أهمها كتابة الدستور ونيل السيادة وبناء دولة المؤسسات وتشكيل الجيش والشرطة والقوى الأمنية الأخرى الفاعلة واعمار البنى التحتية ومواجهة الإرهاب والجريمة والانفتاح على المجتمع الدولي وغيرها من الانجازات الأخرى .
بيد أن ذلك لم يكن بالأمر اليسير فقد تعرض الشعب العراقي للقتل والتهجير والتدمير من قبل التحالف البعثي التكفيري وقوى الجريمة والتطرف المعادية للعملية السياسية الجديدة ، مما أعاق الإسراع من عملية التقدم ، ووضع العراقيل أمام التجربة الديمقراطية الحديثة ، وساهم في خلق الفساد المالي والإداري وإشاعة العنف والمظاهر السيئة في مختلف مفاصل الحياة .
وبالرغم من ذلك فقد استمرت عجلة العملية السياسية السلمية بالتحرك قاطعة أشواطا مهمة بفضل حكمة القيادات الوطنية ومن خلفها جماهيرها التي قدمت التضحيات الجسام ، حتى انتهت اليوم بانجاز مشروع ( الائتلاف الوطني العراقي ) لإكمال تلك المسيرة ، فولد هذا الائتلاف عملاقا متماسكا بشخصياته ومكوناته وبرامجه وأطروحاته ، ولعل مبادرته الأخيرة في تضمين موازنة 2010 من بنود مهمة من شانها رفع مستوى موارد المحافظات المالية وإنعاش اقتصادها وتفعيل اللامركزية الإدارية مما يصب بصالح حركة الاعمار وتقديم الخدمات فيها ، وكذلك توزيع التعيينات على المواطنين بشكل عادل حسب الكفاءة والحاجة الحقيقية بعيدا عن المحسوبية والحزبية والرشاوى ، إضافة إلى تقليل المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاث وتحويلها لمرض السرطان ، وهذا يكشف عن قوة القرار التي يمتلكها ( الائتلاف الوطني العراقي ) داخل قبة البرلمان ، وموضوعية ودقة قراراته وبرامجه وقربها من الشارع العراقي .إلاّ أن البعض ، وبدوافع سياسية ، يحاول التقليل من شان هذا الانجاز السياسي الوطني ، ويطلق الإشاعات كقولهم أن الائتلاف الوطني أوقف التعيينات من اجل عرقلة عمل الحكومة ، وغيرها من الشائعات الرخيصة بغية تحريض الشارع العراقي وتشكيكه بقياداته .
وقد فاتهم أن المواطن العراقي أصبح اليوم أكثر وعيا وأعمق فهما لمجريات الأحداث ، واستشعاره بمن يسعى لخدمته بشكل واقعي بعيدا عن الشعرات الآنية التي يطلقها الآخرون . من هنا استطلعنا آراء بعض المواطنين الذين أشادوا بالائتلاف وبرامجه وثمرات القرارات الأخيرة التي ضمنّها في الموازنة العامة للعام الحالي .
مظفر الزيدي ، وهو منسق قائمة الائتلاف الوطني العراقي في محافظة ذي قار ، قال لنا : لقد كانت المرحلة السابقة التي قادها آنذاك ( الائتلاف العراقي الموحد ) هي مرحلة تأسيس الدولة العراقية الجديدة من حيث وضع الدستور والأطر القانونية وإعادة البنى التحتية ونيل السيادة ، واليوم وبعد تشكيل ( الائتلاف الوطني العراقي ) فانه يسعى الآن للعمل للمرحلة القادمة من ناحية تقديم الخدمات للمواطن وتفعيل الدستور ، وهي مرحلة مكملة للمرحلة السابقة .
وأضاف : إن ما طرحه الائتلاف الوطني العراقي من مشروع موازنة 2010 يعتبر في غاية الأهمية وهو ليس موجه ضد احد لأنه لا يخص حزبا معينا أو فئة معينة ، والعملية السياسية عملية متحركة ، وإنما هو مشروع إصلاحي من شانه رفع مستوى الخدمات في المحافظات وتحفيزها وخصوصا المنتجة للنفط ، وبالتالي الابتعاد عن المركزية التي أثبتت فشلها ، وخطوة بالاتجاه الصحيح لإنضاج مشروع وطني ضمن إطار الدستور .
بدوره قال المواطن مطشر العوادي ، يعمل تاجرا : أقول للذين يتهمون الائتلاف الوطني العراقي انه يعمل دعاية انتخابية ، ليس من العيب أن تكون الدعاية الانتخابية هي خدمة المواطن ، وقد اعتدنا على سماع الشائعات ومحاولات التسقيط للمشاريع الوطنية ، ولكن المهم هو أن يحقق الائتلاف الوطني العراقي هدفه ويثبت مشروعه على ارض الواقع ، ونحن كجماهير مع هذا الائتلاف لأنه يمثل مختلف توجهات ومكونات الشعب .
وتابع : للأسف الشديد أن القوى السياسية التي تشيع أن الائتلاف أوقف التعيينات هي التي رأيناها من خلال مكاتبها تقوم بالتعيينات وفق اعتبارات حزبية ومحسوبية وتقديم الرشاوى ، وهذا لا يصب بالمصلحة العامة ويحرم الناس المستحقين من فرص التعيين ، واعتقد أن تشكيل مجلس خدمة اتحادي يضم خبراء من شانه أن يأتي بناس كفوئين يخدمون في مفاصل الدولة المختلفة .
أما مرتضى ياسر ، مدرس ، فأشار إلى : إننا نلاحظ الائتلاف اليوم أكثر تماسكا لوحدة الأهداف والبرامج الوطنية التي تجمعه وتقارب وجهات النظر حول القضايا المختلفة التي تشغل الساحة السياسية العراقية ، كما انه لا توجد فيه جهة واحدة تتفرد باتخاذ القرارات ، وما نسمعه من إشاعات بان الائتلاف تشكل ضد الحكومة الحالية فهذا قول غريب ويثير السخرية ، لان الائتلاف كما هو معلوم دعا جميع المكونات المعروفة للانضواء تحته ، كما انه هو من جاء بهذه الحكومة وهو مشارك فاعل فيها من خلال وزرائه ، وأيضا أقول أن الحكومة ليست حكرا على شخص معين أو جهة واحدة ، وما تحقق من انجازات هي بجهود مشتركة لكل القوى الوطنية .
هذا وتوقع مواطنون أن تكون هناك مشاركة واسعة في الانتخابات المقبلة لا تقل عن الملاحم السابقة التي صنعها الشعب ، بالرغم من تشكيك المشككين ونيل المبغضين ، وأشار كثيرون إلى أن الائتلاف الوطني العراقي سيحظى بفرص طيبة للحصول على أصوات تؤهله لدور هام في البرلمان المقبل وتشكيل الحكومة القادمة .
https://telegram.me/buratha