وقال في حوار خاص مع الوكالة الوطنية العراقية للانباء/نينا/ :"ان انتخابات مجالس المحافظات مهمة للغاية .فكل انتخابات جديدة هي تأكيد وتربية ستربي بمرور الايام مبدأ الانتخابات كسياسة في تداول السلطة وانتخاب المسؤول ومراقبته, أي ستربي على الية وثقافة تختلف كلياً عن ثقافة الاستبداد والاستفراد والانقلابات و/ البيان رقم واحد / الذي كان هو الشكل الوحيد لتداول السلطة ومجيء الحاكم ومحاسبته او معاقبته".
واضاف :" ان الانتخابات مهمة ايضاً لانها فرصة لتصادم المناهج والافكار والشخصيات والقوى السياسية لمعرفة اوزانها ومدى انسجامها مع رغبات ناخبيها والمواطن. وهي مهمة لانها تأتي بعد اربع سنوات من الانتخابات الماضية وتسبق الانتخابات التشريعية باشهر قليلة وهو ما قد يحدد مستقبل البلاد للفترة القريبة القادمة".
و بشان المخاوف من حدوث خروقات وتزوير في هذه الانتخابات، قال عبد المهدي :" ان مخاوف التزوير موجودة لكن هناك مضادات عديدة، منها ان المفوضية، كما هو شأن المفوضية السابقة، عكست استقلالية غير قليلة رغم كل الضغوطات, فالمهنية تتطور بشكل جيد اضافة الى وجود الامم المتحدة".
وذكر :" ان من المضادات ايضاً وجود المراقبين الاجانب والصحفيين, ومن العوامل المهمة ايضاً في كشف التزوير العدد الكبير من المراقبين للقوى السياسية ، الذين من حقهم مراقبة كل مراحل العملية الانتخابية. ولعل العامل الاهم هو الحريات الواسعة الموجودة اليوم في العراق والتي سمحت بهذا العدد الكبير من المرشحين والقوائم ، وهو ما سمح وسيسمح بمشاركة جماهيرية واسعة وحملات انتخابية كشفت عن تعبئة كبيرة ستكون عوناً كبيراً لكل من يريد انتخابات نزيهة تعتمد على رأي الشعب وسوطاً مؤلماً لكل من يريد التلاعب".
وحول اتهام المجلس الأعلى الإسلامي العراقي باستغلال الشعائر الحسينية لأغراض انتخابية ودفع اموال لشراء الاصوات ،اشار عبد المهدي الى:" ان استغلال امر ما يعني احتكاره, فعندما يدعي طرف معين انه يمثل الوطنية وينفي الوطنية عن غيره كذباً وزوراً فهذا استغلال للوطنية, وعندما يريد طرف ما استغلال الدين فانه ينسبه لنفسه ويكفر الاخرين, وعندما يريد طرف ما استغلال المرجعية مثلاً فانه يدعي دعمها له ورفضها للاخرين, اما ان يدعم الشعائر والدين والمرجعية فهذا امر طبيعي لا يمثل أي استغلال . لذلك فالاتهامات هي للتخويف والايهام وليست حقيقة واقعة".
وتابع:"ان ما نقوم به لا يختلف عن الاخرين, عندما يثير المسيحيون همم اخوانهم لانتخابهم او عندما يثير التركمان او الكرد او العرب همم ابناء جلدتهم لانتخابهم باثارة موضوعات قريبة لفهمهم ، فلن يقول احد ان هؤلاء يستخدمون رموزاً احتكروها لانفسهم ونفوها عن الاخرين.. او انهم يستخدمون اموراً مستهجنة غير مقبولة ".
وبين عبد المهدي :"ان المجلس الاعلى لم يختر تاريخ الانتخابات، بل اختارته المفوضية العليا للانتخابات . والمجلس الاعلى يقيم هذه الشعائر في كل عام سواء اكانت هناك انتخابات ام لم تكن. وهو يقيم الشعائر الان وكان يقيمها عندما كانت اقامتها تكلف الانسان حياته وماله ولم يتوقف عنها. فماذا يعمل؟ هل يمتنع عن اقامتها لكي لا يتهم بانه يستغل الشعائر الحسينية؟ هذا امر غير مفهوم".
وتساءل:"اذا كان الجمهور متمسكاً بالشعائر، واذا كان استذكار مأساة الحسين عليه السلام امرا مطلوبا وصحيحا ويؤكد عليه الدستور ويطلبه المسلم وغير المسلم ، فليقمها كل من يعتقد انها ستجلب له حب الناس . والمجلس الاعلى لم ينكرها على غيره . وهناك الكثير من القوى السياسية تقيم الشعائر الحسينية ، فهل سنتهم كل من اقامها بانه يستغل الشعائر لاغراض سياسية . ليدقق كائن من كان بمراسمنا وقرائنا ومسيراتنا وكلماتنا في هذا العام وليقارنوها بالاعوام الماضية هل تغيرت ام انها هي ذاتها".
وتابع:" اذا قلنا ان الحسين عليه السلام هو رمز الحرية والعدل وانه استشهد لرفض الظلم والجبروت فهل ذلك استغلال سيء ام جيد؟. وهل لا يقبل هذا الامر بينما يقبل ان نقول مثلاً اننا تعلمنا من الثورة الفرنسية دروساً في المساواة والاخوة والحرية؟ واذا اقام المسيحيون احتفالات رأس السنة الميلادية او ولادة سيدنا المسيح فهل هم يستغلون اموراً دينية لعملية سياسية باتت على الابواب؟ وهل عندما يذهب الرئيس باراك اوباما بعد تسلم الادارة الى الكنيسة، فهل سيتهم بانه يستغل الدين ام انه يقوم بما يقوم به غالبية شعبه".
واعرب عن اعتقاده:"بان البعض لا يريد مراجعة سياسته التي تبقيه مراوحاً في مكانه، ولا يفهم شعبه، ولا يرى اهمية العامل الديني او الشعائر الحسينية والطقوس الدينية لدى كل دين وطائفة . وكلامه في هذا المجال ليس حرصاً على النزاهة ومساواة المواطنين ومراعاة القوانين والانظمة، بل ليعزل الاخرين عن مصادر قوتهم التي هي عقائد الناس ومشاعرها ومصالحها ، وليؤسس لنفسه دائرة خاصة نخبوية تسلطية تمنحه القوة على الاخرين والشعب".
واستطرد عبد المهدي قائلا:" ان البعض يستسهل اتهام الاخرين ولا يريد ان يدرس مصادر القوة لدى البعض والضعف لدى اخرين.. اما مسألة الاموال فلا نملك اكثر من كثيرين غيرنا".
وافاد:"ان قوى سياسية تكاد ان تكون غير معروفة اغرقت الشوارع باللافتات والملصقات والضوئيات، فمن اين اتت بهذه الاموال؟ قوى فردية استخدمت الجوال الذي يكلف مئات الالاف من الدولارات لبث دعاية انتخابية. اما المجلس الاعلى ، المؤسسة العريضة الواسعة ، والذي يعمل منذ عقود ولديه مئات الالاف من الانصار والمؤيدين والعاملين في مؤسساته فهو الذي يسأل عن الاموال؟ قوة ورصيد المجلس الاعلى هو نهجه وسياساته ووجوده بين الجماهير وجدية قيادته وولاء قاعدته وتوازن برامجه التي تجمع بين الدفاع عن الشعب العراقي و معتقداته الدينية والمذهبية والقومية والخدمية والاقتصادية والوطنية".
واضاف :" ان المجلس الاعلى برهن في الانتخابات السابقة وفي هذه الحملة وسيبرهن في هذه الانتخابات انه كان من اكبر القوى السياسية في البلاد . وانه ما زال يتمتع بنفوذ عظيم واسع ومتزايد ".
و بشان توقعاته للخارطة السياسية بعد الانتخابات ، قال عبد المهدي :" اعتقد ان الخارطة السياسية ستؤكد نفسها بشكل عام ، والمجلس الأعلى سيتقدم ولا شك وبنسب واضحة . وسبب ذلك هو التاريخ الطويل لهذه القوى وبناؤها شبكات العلاقات والتنظيمات الجماهيرية الواسعة وتقاليد العمل المتطورة. ومن يريد التقدم والصعود يجب ان يبذل جهوداً متواصلة مع الجمهور في كل يوم من ايام السنة. اما العمل الموسمي والمجيء قبل اسابيع او اشهر من الانتخابات والاعتقاد ان مجرد اطلاق شعار او شعارين، او اتهام جهة او جهتين فهذا لن ينفع كثيراً. ولن تنفع الاموال ولن ينفع سوى الانغمار في قضايا شعبنا الحقيقية والمعاشة فعلاً وليست تلك المتصورة او المرسومة في الخيال فقط".
وحول امكانية التئام الائتلاف العراقي الموحد من جديد بعد انتخابات مجالس المحافظات للمشاركة في الانتخابات البرلمانية ، قال :" لاشك ان الانتخابات ستولد حراكاً جديداً داخل الائتلاف العراقي الموحد . وستمثل تجربة جديدة ستكون حاضرة في كل نقاش قادم. وفي الانتخابات الماضية صوت الجمهور بورقتين في نفس اليوم.. الاولى للانتخابات التشريعية والثانية لانتخابات مجالس المحافظات. وفي الثانية نزلت قوى الائتلاف عموماً منفردة، بينما كانت مؤتلفة في الانتخابات التشريعية. الان ايضاً تذهب قوى الائتلاف منفردة، واعتقادي ان امام الائتلاف فرصة ممتازة بعد الانتخابات لتطوير وتوحيد كيانه اذا ما استخلصت العبر والدروس من هذه التجربة القيمة".
https://telegram.me/buratha