اتفق محللان سياسيان على أن تصريحات النائب سامي العسكري التي عد فيها استقالة رئيس البرلمان خطوة تمهيدية لإقالة رئيس الوزراء، وردود الأفعال التي اثارتها جزءا من الحملة الانتخابية لتحفيز المواطنين على المشاركة في الانتخابات، في حين عدها صحفي معبرة عن مصلحة شخصية وحزبية.
فقد عقب المحلل السياسي عباس الياسري على تصريحات النائب سامي العسكري التي عد فيها استقالة رئيس البرلمان محمود المشهداني خطوة تمهيدية لطرح الثقة بحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي تمهيدا لإقالتها بعد ذلك،
وأيده في ذلك المحلل الكردي ريبين رسول الذي بين أن هذه التصريحات ما هي “إلا جزء من الحملة الانتخابية والتصعيد الإعلامي المصاحب لها لتحفيز المواطنين على المشاركة في الانتخابات ودعم القوائم التي يؤمنون بها وإثارت مخاوفهم من إمكانية حدوث تغير حكومي في أثناء العملية السياسية”.
وكان النائب سامي العسكري الذي ينتمي لحزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، قال بالندوة الشهرية لمركز الجنوب للدراسات الإستراتيجية في مدينة الناصرية (يوم 29 كانون الأول ديسمبر 2008) إن هناك مخططا وضعت تفاصيله في منتجع دوكان السياحي (60 كم شمال غرب السليمانية التي تقع على بعد 364 كم شمال العاصمة بغداد)، يوم العاشر من كانون الأول ديسمبر الجاري بحضور رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس إقليم كردستان العراق، لتولية أحد أعضاء الحزب الإسلامي رئاسة مجلس النواب تمهيدا لطرح الثقة برئيس الوزراء نوري المالكي لتتم إقالته بمرحلة لاحقة.
وأعرب المحلل عباس الياسري عن توقعه بأن تشهد الأيام المقبلة “الكثير من مثل هذه التصريحات التي ليس لها أي أثر على أرض الواقع”، مستطردا “لأن الكل يعرف أن حكومة المالكي مدعومة بشكل قوي من المجلس الأعلى والأطراف المشتركة في الحكومة وهذا الدعم متواصل”.
وأضاف الياسري أن “التصريحات المتبادلة كانت مواقف شخصية لا تمثل كتلة ولا حزب”، منوها إلى أن الرد الذي صدر عن نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي “لم يحمل الموضوع أكثر من حجمة الطبيعي”.
وكان نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي نفى في بيان اصدره السبت (الثالث من كانون الثاني يناير 2009) الاتهامات التي وجهها له النائب العسكري بأنه “عراب” لمساعي الاطاحة برئيس الوزراء نوري المالكي بعد استقالة رئيس مجلس النواب محمود المشهدانيـ مبينا بحسب البيان أن الدستور وضع آليات محددة لأي تغيير حكومي وهذا أمر طبيعي منذ سنوات، أما غير الطبيعي فهو إثارة المخاوف من وجود محاولات للإطاحة بالحكومة عبر تصريحات تتحدث عن مؤامرات.
وذكر الياسري أن “النجاحات التي حققتها حكومة المالكي كفيلة بالرد على أي طرف يطالب بتبديلها أو تغيير رئيسها”، وتابع أن الحكومة “تحقق الآن إنجازات متلاحقة وسريعة منها الملف الأمني وتسلم المنطقة الخضراء والقصر الجمهوري”، على حد تعبيره.
أما المحلل الكردي ريبين رسول فاعرب لوكالة (أصوات العراق) عن اعتقاده أن التراشق الذي يدور الآن بين الأطراف السياسية العراقية “ناجم عن عدم وجود رؤية مشتركة في كيفية بناء الدولة العراقية”، مبينا أن ذلك “يثير مخاوف البعض من الأطراف داخل العملية السياسية”. وذكر أن هذه التصريحات تهدف إلى “تحفيز المواطنين للمشاركة في الانتخابات والتصويت للقوائم التي يؤمنون بها من خلال إثارة مخاوفهم من إمكانية حدوث تغير حكومي”.
وأفاد رسول أن هذا التراشق الإعلامي “يدل على أن حكومة المالكي فقدت ثقة بعض الأطراف داخل العمليه السياسية المشاركة بالعملية السياسية خاصة الكردية منها والائتلاف الشيعي والمجلس الأعلى الحليف الرئيس لحزب الدعوة الذي أوصل المالكي إلى الحكم”.
يذكر أن رئيس ديوان رئاسة حكومة إقليم كردستان العراق فؤاد حسين نفى هو الآخر الثلاثاء (30 كانون الأول ديسمبر 2008) أن تكون الاجتماعات التي عقدت في منتجع دوكان السياحي قد تطرقت لموضوع إقالة رئيس البرلمان من قريب أو بعيد. وتابع رسول أن هذه الخلافات “ربما أصبحت عميقة بما يكفي الآن لمحاولة الإطاحة بالمالكي والتفكير ببديل آخر له”، مستدركا “لكنني استبعد تغيير المالكي لأن ذلك سيؤدي إلى تراجع العملية السياسية”، بحسب قوله.
وكانت العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان شهدت عام 2008 الماضي العديد من الأزمات على خلفية مواضيع الميزانية المخصصة للإقليم ودخول الجيش إلى قضاء خانقين المتنازع عليه والمادة 140 على سبيل المثال لا الحصر.
من جانبه قال رئيس تحرير جريدة وادي الرافدين طه عارف لوكالة (أصوات العراق) إن ما يجري حاليا من مناورات وتصريحات “يدور في إطار المصلحة الشخصية دون التفكير بمصالح الشعب والمشاكل التي يعاني منها”، مشيرا إلى أن “الجميع يدورون في فلك الكراسي والمناصب وخاصة الأحزاب”.
وبشأن المالكي ذكر عارف “أنه باعتقادي أفضل من تولى منصب رئاسة الوزراء”، منوها إلى أن “أهم ما عمله على مدى سنتين هو المصالحة الوطنية والاتفاقية الأمنية التي وقف الجميع ضده بشأنها لكنه استطاع أن يحققها ويوقعها مع الأمريكان محققا الكثير من المكاسب التي نأمل أن تتجسد على أرض الواقع عام 2009″. وتساءل عارف “ما الذي فعله المشهداني للشعب الذي انتخبه سوى الضرب بمطرقتة في جلسات البرلمان وشتم النواب واتهامهم بالعمالة وبعدها يعتذر”، بحسب قوله.
وكان البرلمان قبل استقالة رئيسه محمود المشهداني وطلبه الإحالة على التقاعد في جلسة استثنائية عقدها في الـ23 من كانون الأول ديسمبر الماضي على خلفية المشادة التي حدثت بين المشهداني وأعضاء من لجنتي الأمن والدفاع والقانونية وإطلاقه عبارات عدت “مهينة” دفعت بالكثير من أعضاء البرلمان لمطالبته بالاستقالة.
وبشأن الانتخابات أعرب عارف عن توقعه بأن الاقبال عليها سيكون ضعيفا جدا”، محملا المسؤولين عن الأحزاب إلا ما ندر مسؤولية ذلك “لأنهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية قبل مصلحة الشعب الذي يضعوه كشماعة يعلقون عليها مشاكلهم”.
وشدد عارف على أن أعضاء الأحزاب “يتحدثون عن الديمقراطية ولا يعرفون ما هي ويتحدثون عن حقوق الإنسان ولا يفهمون ما هي هذه الحقوق”، وتابع أنهم يتصورون أن “الحقوق تمنح بالكلام فقط متناسين أن حقوق الإنسان تعني أن توفر له الدولة الحقوق والحياة الكريمة في مجالات الحياة كافة”.
https://telegram.me/buratha