وأضاف: هناك بعض الحقائق تظهر من خلال الأوراق عن منجز خدمي ما ولكن هذا غير كاف وإنما هناك بقعة من الأرض لابد أن يكون هذا المنجز الخدمي عليها، و ليس من العيب على شخص مسؤول سواء كان مديرا أم لا أن يذهب إلى الموقع المدعى عليه توفير هذه الخدمة ويرى بنفسه وإنما العيب أن لا يدري شيئا وإنما يكتفي بعرض كثير من الأشياء المنجزة عن طريق أوراق وبالنتيجة سيحكم عليه حكما سلبيا لان الذي قرأه لا يتماشى ولا يتطابق مع الواقع الموجود، والجانب الخدمي مرتبط بحياة الناس وبعض الجوانب الخدمية تحتاج إلى وقت للانجاز، أما أن يكون المشروع قبل سنتين أو ثلاث ويعتبر من منجزات الوزارة الفلانية ولم ينجز منه إلا وضع حجر الأساس فقط فإن المواطن لا ترضيه هذه الطريقة في التعامل مع المسائل المرتبطة بحياته اليومية.
وتطرق إلى بعض معاناة السلطة التنفيذية بقوله:أن السلطة التنفيذية تعاني من مواجهتها لمجموعة من القوانين التي تكبلها – وهذا ما سمعناه من أكثر من شخص في السلطة التنفيذية- وان هناك مشكلة حقيقية تكمن في صلب التشريع وهذه المشكلة هي إن هناك مجموعة من الأجهزة الرقابية(دائرة تفتيش، هيئة النزاهة، دائرة الرقابة المالية) تأخذ بتلابيب الذي يريد أن يعمل وكلها تحاول قدر الإمكان أن تنظف أي عمل من الخلل مما جعل السلطة التنفيذية تشعر أن عيون هذه الأجهزة أصبحت مكبلات لأية خطوة، حتى أن هناك بعض الموظفين الكبار باتوا يخشون من المحاسبة على أي حاجة يرومون إنشاءها لأنفسهم، مشيرا إلى: أننا لا نريد أن نلغي دوائر التفتيش ولا النزاهة ولا الرقابة لكن هذه الدوائر لا بد أن تكون بمستوى ما نريد لمن أراد أن يعمل ولا تكون دوائر معطلة وإنما دوائر فاعلة.
وأوضح سماحته: أن الذي يريد أن يعمل يخاف والذي يتحمل المسؤولية يبحث عمن يحميه فهل تكون الطريقة الصحيحة للحل أن ندفع مالا للمفتش العام والنزاهة حتى يغض النظر، لأننا عندما نسأل المسؤول التنفيذي عن المشاكل يقول: مشكلتي فأن القوانين الموضوعة في كل دائرة لا تتماشى مع ما يراد منا، فانا مقيد وأخاف الوقوع تحت طائلة المسؤولية وأنا غير مستعد على تحمل هذا.
وتساءل سماحته عن الحل لهذه المشكلة قائلا: عندما يخشى الإنسان على سمعته فانه يحاول ان ينسحب فما هو الحل ؟ مجيبا بقوله: إذا كنا نظن أن كل مسؤول سارق فلا يمكن أن يعمل، لذلك لا بد من حالة وسطية تدفع بهذا أن يعمل وتدفع بهذا أن يراقب، خاصة وان سمعة الناس ليست أمرا سهلا ولمجرد أن أشك بالموظف ألجأ إلى أن انشر في الصحف أو اكتب أن فلانا متهم بكذا وهذا غير صحيح، ويفترض فهذه الهيئات الرقابية أن تحافظ على المال العام وان لا تتحول إلى حركة تعطيلية للجهات التنفيذية، ويجب أن تجتمع الهيئات في سبيل أن يقوّم احدها الآخر وان تكون الرقابة للتنفيذي لغرض التقويم، من اجل بناء هذا البلد وازدهاره على الوجه الصحيح.
أما النقطة الأخيرة التي عرج عليها سماحته فكانت مسالة الانتخابات حيث قال: الأمر الأول الذي أحب أن انوه إليه أن العتبات المقدسة لن تدعم أية قائمة بعينها، وما يقال بعكس ذلك فهو عارٍ من الصحة، وأما الأمر الثاني فهو ما نسمع به من عزوف بعض الأخوة عن المشاركة في أصل الانتخابات ويذكرون ما يعتقدون انه مبرر لذلك، ولكن التعامل مع القضايا الأساسية لا بد أن نتعامل معها بالعقل لا بالعاطفة، موضحا: أننا في بداية تأسيس ولا بد من وجود أخطاء فيها، وليس من الصحيح أن يلوم الشخص نفسه على مشاركته في الانتخابات، وليس ذلك بالطريق الصحيح لبناء دولة، لأن الخروج للانتخاب سابقا كان بمنتهى الصحة والجرأة، وأما إذا كانت هناك مشكلة فإنها موجودة في الشخص الذي رشح، والذي ربما كان غير عارف ماذا يفعل تارة، وتارة أخرى تخونه قدرته على الفعل رغم معرفته، أما ذهاب الناخب للصندوق فقد كان صحيحا تماما.
وبين سماحته: إن الانتخابات التي تجري في العالم ما هي إلا ظاهرة حضارية وهي بمثابة تنافس على تغيير الوضع السياسي، ولذلك على المواطن أن لا يجعل بعض المشاكل التي تروج لها بعض الأطراف سببا لتقعده عن همته، وان لا يكون افتقار التجربة الماضية إلى النجاح سببا في عدم مشاركته، فلا شك أن التجربة القادمة ستجنبنا بعض المساوئ، وهكذا التي بعدها، وبهذه الطريقة نصنع بلدا متطورا، أما الجلوس وعدم المشاركة فإنها عملية تعطيلية ليس فيها إلا الخطأ، والصحيح هو المشاركة وانتخاب من ثبت لديك استحقاقه لصوتك.
واختتم سماحته الخطبة بكلمة وجهها للمرشحين قائلا: أما فيما يخص المرشحين فإننا ندعوهم إلى عدم إطلاق وعود اكبر من مقدرتكم وصلاحياتكم التي منحكم إياها القانون في سبيل جذب المواطنين لصالحكم، كما إننا حينما ندعو الناس إلى الخروج فلا بد عليكم أن تكونوا بمستوى خروج الناس.
https://telegram.me/buratha