لم يستطع المسؤولون العراقيون سوى الكشف عن القليل من الحقائق المتعلقة بقضية اعتقال العديد من المسؤولين في وزارات امنية عراقية بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري للاطاحة بحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وفيما عبر رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان العراقي عن استغرابه ازاء العملية برمتها، تحدثت انباء عن ان عملية الاعتقال تمت من قبل جهاز خاص لمكافحة الارهاب يشرف عليه المالكي شخصيا.
وكان اللواء عبد الكريم خلف، المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، قد اعلن أول من أمس عن اعتقال 23 مسؤولا من وزارة الداخلية مؤخرا وان لدى عدد كبير منهم ارتباطات بحزب «العودة»، الذي يسعى لاعادة حزب البعث المنحل الى السلطة مجددا في العراق. غير ان اللواء خلف قال ايضا إنه لا يوجد دليل على ان المشتبه فيهم في المراحل الاولية للتخطيط للقيام بانقلاب عسكري ضد رئيس الوزراء.
من جهته، أكد هادي العامري، النائب عن الائتلاف الموحد ورئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان «عدم وجود محاولة انقلاب على الحكومة العراقية»، وأظهر استغرابه ازاء الأمر قائلا لـ«الشرق الاوسط» «لم نسمع من قبل ان تقوم قوات من الشرطة بانقلاب عسكري على الحكومات، فكيف اذا كان غالبية المتهمين من شرطة المرور وعدد من ضباط وزارة الدفاع، لكن الغالبية من وزارة الداخلية».
وأضاف العامري انه «جرت عمليات اعتقال مجموعة من ضباط وزارتي الدفاع والداخلية والاغلبية من الداخلية، وأعلى رتبة تم اعتقالها رتبة عميد في شرطة المرور»، وأكد ان «معلومات توفرت بان حزب البعث المنحل حاول اجراء اتصال بهؤلاء الضباط، الأمر الذي حدا برفع هذه المعلومات الى القضاء فارتأى القاضي التحقق من المعلومات فتم استصدار أوامر اعتقال على هذا الأساس، والتحقيق مستمر مع المجموعة لبيان معرفة خلفية تأمين اتصال حزب البعث المنحل معهم»، مضيفاً «ان التحقيق سيكشف صحة تلك المعلومات، وقطعاً إذا ثبت الأمر فانهم سيحاسبون وفق القانون وخلافه سوف يتم اطلاق سراحهم».
من جانبه، قال المستشار الأمني لوزارة الداخلية الفريق عدنان ثابت، ان التحقيق لازال جارياً مع المعتقلين، وأكد لـ«الشرق الأوسط» ان «لجنة تحقيق خاصة تقوم بعملية التحقيق، الذي لم يسفر الى الآن عن نتائجه النهائية».
وشدد ثابت «ان ما حصل خلال اليومين الماضين ليس انقلاباً على الحكومة، ولكن، هناك احتمال بوجود تنظيم معين يشتبه به يتورط به المعتقلون»، مشيراً الى ان «ليس لدى المعتقلين وحدات عسكرية تمكنهم من عملية الانقلاب وعليه فان فكرة المؤامرة بعيدة جدا». وأضاف الفريق ثابت ان «المعلومات (حول نشاطات المشتبه فيهم) موجودة لدى الاستخبارات منذ مدة، وان هناك متابعة من قبل الاجهزة الامنية، وعندما أصبح (الوقت) مهيئا للقيام بالإجراءات الأصولية تمت عملية الاعتقال».
من ناحيته، أكد عبد الستار البيرقدار، المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى، ان المجلس لا يصدر أوامر الاعتقال، وأكد لـ«الشرق الاوسط» «ان المحاكم المرتبطة بمجلس القضاء الاعلى والتي تبلغ نحو 500 محكمة هي التي تصدر تلك الأوامر» وشدد البيرقدار «ان مجلس القضاء لا يعرف جميع الأوامر القضائية الصادرة من تلك المحاكم».
من جهته، قال النائب الكردي المستقل محمود عثمان لصحيفة «نيويورك تايمز» إن «هذه القصص المتضاربة وانعدام الشفافية ادى الى اعتقاد البعض بأن هذه القضية تم تحريكها سياسيا وان لها علاقة بالانتخابات المحلية».
وكشف مستشار لوزير الداخلية العراقي جواد البولاني، رفض الكشف عن اسمه، عن قائمة بأسماء ورتب 24 عنصرا من المشتبه فيهم، وتتراوح الرتب بين ملازم ونقيب ومقدم وجنرال. وبحسب المستشار، فان المالكي كان يحث على اعتقال عدد من المسؤولين في وزارة الداخلية، غير ان البولاني كان يصر على انهم أبرياء.
ووجد البولاني نفسه أمام الأمر الواقع عندما قبلت وزارات اخرى تشكيل اللجنة التحقيقية، الأمر الذي اضطره الى ان يعطي موافقته على الامر، بحسب المستشار الذي عزا الرواية الى المنافسة السياسية بين البولاني، الذي يؤسس حزبا وهو «الحزب الدستوري العراقي»، وبين المالكي.
غير ان مسؤولين في الوزارة قالوا ان وزير الداخلية دعم بشكل كامل عملية تشكيل هذه اللجنة. وجدير بالذكر ان البولاني كان مسافرا خارج العراق
https://telegram.me/buratha