اتفق خبيران اقتصاديان على ان تخفيض المديونية العراقية لدول نادي باريس بنسبة 80% يسهم بتحويل الأموال المرصودة للتسديد نحو الاعمار والتنمية، فيما اعتبر اقتصادي ان تلك الديون ليست مهمة كونها مجمدة.
وقالت مديرة مركز بحوث السوق بجامعة بغداد منى الموسوي ان تخفيض الديون هو “الطريق نحو الانفتاح للأرصدة العراقية المجمدة” لأنه “يصب لصالح التنمية الاقتصادية بكافة قطاعاتها”. واضافت الموسوي لـ(اصوات العراق) ان تلك المبالغ التي خفضت “سيتم استثمارها بتطوير الاقتصاد العراقي، حيث سترصد مزيد من المبالغ لاعادة احياء البنى التحتية بدل تسديدها كديون”، إذ يعد ذلك “دليلا على نجاح الحكومة بالالتزام بالاتفاقية مع صندوق النقد الدولي وتوظيفها لصالح الاقتصاد العراقي”.
وأعلن البنك المركزي العراقي الخميس الماضي عن “نجاح” برنامج العراق الاقتصادي في ضوء نتائج المراجعة النهائية لاتفاقية الترتيبات المساندة الموقعة بين العراق وصندوق النقد الدولي ما سيرتب شطب بقية متعلقات المديونية الخارجية على العراق لتصل نسبة اجمالي الديون المشطوبة على العراق الى 80%.
بدوره، قال الخبير المالي ومستشار البنك المركزي مظهر محمد صالح لـ(اصوات العراق) ان العراق “كان مثقلا بديون بلغت 125 مليار دولار، وبتعويضات حرب الكويت التي جعلته مطالب باكثر من 53 مليار دولار”. وأوضح لـ(أصوات العراق) ان “الدبلوماسية العراقية نجحت في المرحلة الاولى من خفض الديون العراقية”، حيث مثلت ديون نادي باريس “مديونية الدول الـ19 وهي تمثل بحكم القانون والعرف الدولي معيار لتسديد كل المديونات الاخرى”.
ونادي باريس الاقتصادي هو مجموعة غير رسمية من الممولين من 19 دولة من اغنى بلدان العالم والتي تقدم خدمات مالية مثل اعادة جدولة الديون وتخفيفها او الغاءها ويقوم صندوق النقد الدولي بتحديد اسماء تلك الدول.واضاف صالح ان النادي اشترط ان “يعيد العراق ترتيب اوضاعه الاقتصادية عن طريق اتفاقية الترتيبات المساندة مع صندوق النقد” للتخفيض.
ولفت الى ان هذه الاوضاع استمرت “ثلاث سنوات وانتهت بنجاح العراق بتلبية جميع معايير الصندوق من حيث تصحيح مساراته الاقتصادية”، إذ أن “التخفيض الذي حصل عليه العراق يعادل 100 مليار دولار”. وحول ما يعنيه التخفيض بالنسبة للمواطن العراقي قال ان ذلك “سيؤثر بشكل كبير على تحويل اتجاه الاموال من تسديد الديون وفوائدها الى ما لانهاية بسبب ضخامة حجمها الى مشاريع التنمية والبناء والاعمار”.
وتقسم الديون العراقية الى اربع مجموعات، وهي دول نادي باريس الدائنة وتمثل 19 دولة قدرت مديونيتها بين 45ـ50 مليار دولار، والتي خفضت بنسبة 80%، فيما اسقطت الولايات المتحدة وهي احد اعضاء النادي ديونها بنسبة 100% وروسيا التي خفضت بنسبة 90% في شباط 2008 .
اما الدول الدائنة من غير اعضاء نادي باريس قدرت مديونيتها بما يزيد عن20 مليار دولار، اضافة الى دول الخليج الدائنة وهي كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة، حيث قدرت مطالباتها بين 30ـ40 مليار دولار، وكذلك الدائنون التجاريون والتي قدرت مطالباتها بحدود 20 مليار دولار.
واعتبر صالح ان “المرحلة الثانية من الدبلوماسية العراقية ستكون نجاحها في ايقاف نزيف تعويضات الحرب” وذلك لأن “مشروطيات الحرب انتهت وتبدلت الاشياء”، اما المرحلة الثالثة فستكون “اغلاق ملفات الدعاوى الاخرى التي ظهرت في الولايات المتحدة وهو ما يحتاج جهدا مكثفا”. وحول طبيعة العلاقة مع صندوق النقد الدولي بعد ايفاء الديون، قال ان العراق “بلد مؤسس لصندوق النقد والعلاقات بينهما مريحة، وما يربطنا مع الصندوق ليس الا التقرير السنوي الذي يظهر كل عام”. وبين أن التقرير “يقيم الآليات والتطور الاقتصادي العراقي ليظهر طبيعة المسار الاقتصادي” وان العراق “واحد من 188 بلدا بالعالم يتناوله التقرير، ولاتوجد مشروطيات، ولكن هناك علاقات تفاهم تصب بمصلحة الاقتصاد العراقي”.
وقدمت كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة مطالباتها على العراق، وجرت زيارات لعدد من هذه الدول بشأن مطالباتها، الا ان وزارة المالية تعتقد بأن تسويتها تتم وفقا “لاتفاقات سياسية”، عدا حكومة دولة الامارات التي اتخذت قرارا خلال زيارة رئيس الوزراء لها باطفاء جميع ديونها على العراق التي قالت بأنها تبلغ سبعة مليارات دولار.
اما دائنو القطاع الخاص فقد تمكن العراق من شراء ديون عدد من دائنيه، التي تقل عن 35 مليون دولار بما يعادل 10,25 سنت للدولار، فقد تم شراء مايقارب 4,456 مليار دولار أي بتخفيض يقارب 90%. فيما تم مبادلة الديون التي تزيد عن 35 مليون دولار بكل دائن من دائني القطاع الخاص بسندات بقيمة 20% مقابل 100% من الدين وفوائد تسدد بأقساط نصف سنوية على مدى ثمان سنوات اعتبارا من عام 2020 ولغاية 2028.
https://telegram.me/buratha