أولت الصحف البغدادية الصادرة، الثلاثاء، اهتماما ملحوظا بواقعة مراسل فضائية البغدادية وتداعياتها على واقع الصحافة العراقية، ففي حين طالبت إحداها الحكومة باتباع السبل القانونية بالتعامل مع الزيدي انتقدت صحف أخرى العملية مبينة أنها عمل طائش سيكون له تداعياته على الواقع الإعلامي.
وكان المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأمريكي جورج بوش مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مساء أمس الأول الأحد شهد حادثة هي الأولى من نوعها تمثلت برمي الصحفي العراقي منتظر الزيدي فردتي حذائه على الرئيس الأمريكي الذي تفاداهما معلقا أن ما فعله الصحفي ليس جديدا ولا يعبر عن رأي العراقيين.
قال الكاتب مالوم أبو رغيف في مقال نشرته صحيفة الأمة العراقية بعنوان (عندما يكون الحذاء وسيلة تعبير صحفي) إن “لا أحد بالطبع يعتقد أن الدافع وراء العمل الطائش الذي قام به مراسل فضائية البغدادية منتظر الزيدي هو دافع وطني فالصحفي لا يعبر عن وطنيته وحبه لبلده برمي الأحذية ولا بالبصاق والشتائم والقبيح من الالفاظ”، مبينا أن “هذه موروثات بعثية رأيناها وعايشناها في عهد الفساد العام وانتهاك حقوق الإنسان الكامل والشامل في عهد البعث الصدامي”.
وأضاف الكاتب “لم يخل مؤتمر حضره مسؤول بعثي من الالفاظ القبيحة والتصرفات اللامسؤولة لقد اصبحت هذه التصرفات غير السوية صفات ملازمة للسلوك البعثي تميزه عن سواه وتعطيه شهادة سوء السلوك ورداءة السيرة”، وتابع “هل من أحد ينسى الهارب عزة الدوري وقلة أدبه اينما حضر في مؤتمرات قمم العربان ..؟”.وبشأن دور الصحفي قال الكاتب إن “الصحفي سلاحه الكلمة وقوة وجراءة ودقة السؤال وليس الحذاء والشتائم لكنها مدرسة وتربية البعث اللتين تجذرتا ليس في نفوس صغار الصحفيين حسب، بل وحتى في نفوس كبار السياسيين وتهديداتهم باستخدام القندرة في التعامل”، بحسب الصحيفة.
وتابع الكاتب قائلا “هو ليس عملا بطوليا خارقا ولا جراءة لا يقدم عليها إلا الشجعان ولا هو تحد يندر من يجترحه بل عمل يضر بالصحافة وبالصحفيين قبل غيرهم ويعطي العذر للسلطات مهما كانت ديمقراطيتها لاتخاذ اقسى التدابير ليس لمنع ما تكرر من جلافة التصرف وحمقه بل لمنع ما هو أخطر”.وتساءل الكاتب “ماذا لو أن إسلاميا من انصار القاعدة أو معتوها من عشاق حور العين استطاع التسلل بصفة صحفي عبر احدى الفضائيات العربانية أو العراقية التي حولت الوطنية إلى سوق للمزايدات وكان معه سلاح ابيض أو أسود أو أصفر هل من أحد يستطيع أن يضمن العواقب..؟”.
وقال أبو رغيف بحسب صوت الأمة “إن أكثر ما يلفت الانتباه هو بث الفضائية البغدادية بعد الحادثة والبيان التي اصدرته بعد اعتقال مراسلها منتظر الزيدي فقد قامت هذه الفضائية بإذاعة الأغاني والأناشيد الوطنية والموسيقى الحماسية وكأن معركة مصيرية قد نشبت وكأن المعركة قد حسمت وأن كف المعادلة قد تغير ونهضنا من القاع إلى القمة بينما الأمر لا يتعدى أن صحفيا بائسا قذف فردتي حذائه على الرئيس بوش الذي فسر ذلك بأن المراسل يريد أن يجلب الانتباه”.
وأستطرد أن ذلك “يذكرنا بانتصارات العربان وبطولات صدام وأمجاد أمة العربان”. وزاد بحسب الصحيفة “أما البيان الذي أصدره مجلس إدارة القناة البغدادية فهو بيان غريب أيضا فهو إذ لم يشر إلى الحادثة لا من قريب أو من بعيد ولم يوضح لماذا هذا الصخب من الأناشيد والأغاني (الوطنية) إلا أنه يطالب السلطات العراقية بالإفراج عن منتظر الزيدي لأن العهد الجديد قد وعد بالديمقراطية وحرية التعبير”.
وأضاف أن قناة البغدادية “تطرقت في بيانها إلى المقابر الجماعية والاعتقالات العشوائية ومصادرة حرية التعبير إلا أنها وقفت من دون تسمية المرحلة بالبعثية أو الصدامية واكتفت بإشارة باهتة يفهم منها محاولة عدم اغضاب العربان ولا البعثيين والصداميين بتحديد مرحلة المقبور صدام فقالت العهد الدكتاتوري”.
وتساءل الكاتب في ختام مقاله “هل لنا أن نسأل الفضائية البغدادية عن علاقة حرية التعبير بقذف الأحذية؟ ولماذا لا يحاول المثقفون والصحفيون والادباء والفنانون أن يستخدموا عقولهم وافكارهم ولغتهم والسنتهم بدلا من استخدام الايدي والاحذية؟ وهل أصبح الحذاء كلمة؟ أم يا ترى أن صحفيي البغدادية يعبرون عن افكارهم باحذيتهم مثل ما عبرت المقاومة الشريفة جدا عن فهمها للديمقراطية بقطع رؤوس العراقيين”.
وفي سياق ذي صلة قال سلام الحيدري رئيس تحرير صحيفة المواطن (يومية مستقلة) في مقال له بعنوان (محنة المؤتمر الصحفي إلى أين) “نعتقد-غير جازمين- أن الرئيس بوش سوف لن يتوقف عند الحدث المهين وانما سيتجاوزه بمرحه المعهود”.
وأضاف الحيدري “غير أن الإدارة المقبلة في حساباتها الثقافة العراقية الجديدة في التعامل مع الضيوف الكبار ولا ندري على وجه الدقة انعكاسات هذه الحادثة على مجمل العلاقة العراقية-الأمريكية وبخاصة إذا تذكرنا أن هناك آراء معارضة للمعاهدة الأمنية من قبل أطراف أمريكية عديدة إذ يعتقد هؤلاء أن بنود المعاهدة تأتي لصالح العراق أكثر مما تصب لصالح بلدهم”.
وأضاف الكاتب في مقاله أن “أغرب ما سمعته أن فضائية البغدادية تعتبر الحدث مجرد تعبير عن وجهة نظر الفاعل!! إذ أن هناك تبني واحتضان ودفاع وان وجهات النظر يعبر عنها بطرق غير مسبوقة سوى ما شاهدناه في ساحة الفردوس وقبلها مع أحد رجال الدين الكبار”.
وأوضح الحيدري في جريدة المواطن “ندرك حجم الاحراج الذي وقع فيه السيد المالكي إذ أن الإهانة كانت موجهة إليه بشكل غير مباشر كما ندرك حجم الاحراج الذي وقع فيه كبار المسؤولين في الدولة لأنهم على تواصل وتماس مع الجانب الآخر لإدارة المصالح العراقية المعلقة”، مبينا أن “عزاؤنا أن مثل هذه الأفعال ربما تصدر من الأفراد في أي مجتمع كان هذا على الأقل ما يدركه العقلاء من السياسيين وغيرهم”.
واستدرك الحيدري بحسب الصحيفة “وبما أن (صاحبنا) ينتمي إلى الأسرة الإعلامية وما يجب أن تكون عليه من أدب وخلق وحضارة في التعامل والتساؤل والحوار فان فعلته سوف لن تذهب سدى من دون انعكاسات على الواقع الإعلامي”
وختم الكاتب سلام الحيدري مقاله في صحيفة المواطن قائلا “إذ أن الشراكة حسبما نصت عليه المعاهدة تتضمن تطوير واقع الصحافة العراقية والإعلام بشكل عام فان رسالة الزيدي الموجهة إلى الرئيس بوش لا تمثل سوى خلقه ورأيه وربما تمثل كذلك الفضائية التي يمثلها والتي تقف اليوم بموقف الدفاع وتبرير هذه الفعلة الرخيصة”.
https://telegram.me/buratha