انتقد إعلاميون عراقيون، الاثنين، قيام مراسل فضائية البغدادية منتظر الزيدي بإلقاء حذاءيه على الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال مؤتمره الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء نوري المالكي أمس الأحد مبينين أنه يفتقر للمهنية، لكن أحدهم رأى أنه وجه رسالة للأمريكيين بضرورة مغادرة البلاد.
فقد أستنكر الإعلامي د.هاشم حسن في اتصال مع (أصوات العراق) الحادث مبديا عدم استبعاده أن يكون “نفذ لحساب أجندة سياسية مدفوعة الثمن”. وقال حسن التدريسي في كلية الإعلام جامعة بغداد حاليا “استنكر هذا الحادث وأدينه”، مبينا “أنه لا يستبعد أن يكون الحادث نفذ لحساب أجندة سياسية مدفوعة الثمن ومخطط لها كرد فعل على الاتفاقية الأمنية لوجود الكثير من الجهات المتضررة منها في العراق”.
وأضاف د.هاشم حسن الذي شغل العديد من المواقع الإعلامية والنقابية من قبل، أن هذا الصحفي “لا يمثل إلا نفسه وهو شخصية غير معروفة للإعلام العراقي وأن تصرفه لا ينعكس على حرية الإعلام”، منوها إلى أن ادانته للحادث “ليست دفاعا عن بوش وإنما عن اخلاقيات المهنة”. وأوضح حسن أنه “حتى لو كان الزيدي نفذ العملية بحثا عن الاثارة فانها اثارة أو شهرة من النوع السيئ”، منوها إلى أن على الصحفي أن “يختار وسائل أكثر مهنية وتعبيرا عن مستوى الحرية الموجوده بالعراق حاليا لاثارة الانتباه”.
وافاد حسن أن تصرف الزيدي “سيدفع الحكومة لتشديد الاجراءات الأمنية”، مستدركا “لكنها لن تصل إلى مستوى القمع أو التحفظ الذي تميز به النظام السابق”. وتابع الإعلامي د.هاشم حسن أن الحكومة “ستلجأ لممارسة حقها القانوني”، وأردف أن “من حق رئيس الوزراء أن يقيم دعوى قضائية على الصحفي الزيدي كما أن بإمكان فضائية البغدادية الدفاع عنه والبحث عن الدوافع الكامنة وراء الحادث”.
وقال رئيس تحرير جريدة الصباح شبه الرسمية التي تصدرها شبكة الإعلام العراقي، فلاح المشعل لـ(أصوات العراق) إن السلوك الذي أقدم عليه منتظر الزيدي “لا يتصل بحرية الإعلام بقدر ما يعبر عن فوضى وسذاجة”، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس المنتهية ولايته بوش “جاءت في وقت تشهد فيه الساحة العراقية احتدام بسبب توقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة”.
وبين المشعل أنه كان يتوجب على الزيدي أن “يسأل بوش أسئلة تحشره في زاوية محرجة لينتزع منه اجابات بشأن العديد من القضايا المثيرة للجدل”، لافتا إلى أن “هناك فرق بين حرية الكلمة وحرية السلوك وفي الأمس شاهدنا سلوك الحذاء الذي يعد غريبا علينا”. وأضاف المشعل أن الزيدي “أما أن يكون مدفوع الأجر أو أنه عمد إلى سلوك أرعن بدافع شخصي”، وتابع “نحن الآن نتمتع بقدر معين ولا بأس به من الحرية لكن هذه الحرية ينبغي أن تدفعنا إلى رسم مستقبل أفضل لبلدنا”، بحسب قوله.
واستطرد المشعل “لا اعتقد أن الصحافة العراقية ستتعرض إلى عقوبة”، مستدركا أنه “حتى الصحفي يمكن أن يخضع لعقوبات تأديبية حيث أن القانون والدستور أعطى لنا حرية التعبير ولكن لم يعط لنا حرية التجاوز”.وأعرب رئيس تحرير الصباح عن اعتقاده أن منتظر الزيدي “يمكن أن يحاكم على سلوكه فقط”.
لكن الكاتب الصحفي محمد السعيدي الذي يعمل في مؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية، أبدى رأيا مغايرا مفاده أن ما فعله منتظر الزيدي “يعد بالمقايس المنطقية السلوك الذي ينبغي أن يفعله كل عراقي غيور على أرضه وشعبه”.وقال السعيدي لـ(أصوات العراق) إن التعبير عن الانفعالات “يتحدد بوسائل معينة لأن الانفعالات بحد ذاتها عبارة عن آليات يوظفها الجهاز النفسي لاشباع حاجات معينة أو دفع ضرر معين”.
ومضى السعيدي في تحليله النفسي للحادث مبينا أن “آليات التعبير هذه تحدث على وفق المنظور الثقافي والقيمي للمجتمع الذي يعيش به الفرد”، وتابع من هنا فان ما فعله الزيدي “يعد بالمقايس المنطقية السلوك الذي يتوجب أن يفعله كل عراقي غيور على أرضه وشعبه”.
وأردف “لم يكن بمقدور الزيدي التعبير عن غضبه ازاء ما فعله بوش وجيشه بالعراقيين من نهب وقتل وتشريد إلا هذا التصرف”، منوها إلى أنه “يعد ضمن المنظومة الثقافية والقيمية غير المعولمة للمجتمع العراقي أقسى أنواع الإهانة والرد الحاسم الذي يضمن بين طياته الدلالات الرمزية لاستنكار الظلم وبما يوازي حجم المشكلة التي سعى بوش لوضع العراق فيها”، على حد قوله. وبين السعيدي أن العراق بأمس الحاجة اليوم لإرسال رسائل للجانب الامريكي بأنه بات “غير مرحب به داخل العراق وعليه رزم حقائبة وترك العراق لأهله”.
وخلص الكاتب والصحفي محمد السعيدي إلى القول إن “ما يراه الفرد أو الجماعة سلوكا غير سوي أو غير مضطرب أو غير حضاري يراه الآخر الذي يتحدد بمنظومة ثقافية معينة سلوكا سويا بل هو السلوك المطلوب وغيره يعد سلوكا شاذا أو مضطربا”.
أما رئيس تحرير جريدة الأهالي الاسبوعية السياسية العامة المستقلة هافال زاخوي فقال لـ(أصوات العراق) إن “ما حصل قد يكون من حق للصحفيين العراقيين للتعبير عن انتقادهم الحكومة بسبب بعض الضغوط التي تمارس بحقهم وعلى أجهزة الإعلام”، مستدركا “لكن ممارسة هذا الحق ليست مشروعة في كل الأحوال والظروف”.
وعد زاخوي ما جرى أمس بـ”الأمر المخزي للإعلام العراقي”، شارحا لأن “المهنية الصحفية لا تتطلب أن يقوم مراسل صحفي برمي حذاءيه أمام الرئيس بوش الذي يحل ضيفا على العراق حيث ضرب الصحفي كل تقاليد الإعلام الحر عرض الحائط”، على حد تعبيره.
وأوضح رئيس تحرير جريدة الأهالي أنه كان من الأجدر بالزيدي “احراج الرئيس بوش بسؤال ذكي واسلوب حضاري”، مشيرا إلى أن تصرف الزيدي كان “بعيدا كل البعد عن المهنية وأقرب للتهريج”، بحسب قوله. وتوقع زاخوي أن تعمد الحكومة إلى “وضع ضوابط قانونية لتحديد دخول الصحفيين إلى المنطقة الخضراء أو أن تعمد إلى وضع بعض أجهزة الإعلام تحت الرقابة أو ربما إلى عدم التجاوب مع أجهزة الإعلام”.
https://telegram.me/buratha