شرح مصدر عراقي قريب من الرئيس جلال طالباني، لـ «الراي»، الاسباب التي تجعل الفتور وغياب الثقة يخيمان على العلاقات القائمة بين دمشق وبغداد منذ سنوات عدة. واشار الى ان المأخذ الأول للعراقيين على السوريين، الرغبة التي اظهرتها دمشق في استغلال العلاقة مع اي طرف عراقي، اكان في السلطة أو المعارضة، من أجل تأكيد انها لاعب اساسي على «الساحة» العراقية وأن لا حل في العراق من دون أخذ موقفها ومصالحها في الاعتبار.وأوضح المصدر، وهو شخصية كانت تشغل الى ما قبل فترة قصيرة موقعا مهما في ديوان الرئاسة، ان من بين الأسباب التي أدت الى غياب الثقة بين البلدين، «الرفض السوري لأي نوع من الوضوح في العلاقات على اسس ومبادئ واتفاقات محددة».وعاد بالذاكرة الى المرحلة التي تلت تولي طالباني الرئاسة وزيارته لدمشق في 14 يناير 2007 ولقائه الرئيس بشار الأسد. وقال ان منذ اليوم الأول لانتخاب زعيم أحد الحزبين الكرديين الكبيرين رئيسا للجمهورية، راحت دمشق تلح عليه كي يزورها. وبعدما زاد الالحاح، بعث طالباني رسائل عدة عبر مبعوثين سوريين وغير سوريين التقوه، فحواها أنه على استعداد للتوجه الى دمشق، شرط الاعداد الجيّد للزيارة. وكان الرد السوري باستمرار أن لا حاجة الى مثل هذا الاعداد للزيارة وتحديد المواضيع التي ستبحث فيها والنتائج التي يمكن ان تسفر عنها، ما دام طالباني يزور بلدا شقيقا اقام فيه سنوات عدة عندما كان في المعارضة، اضافة الى أنه كان يتنقل أحيانا بجواز سوري ولا يزال يحتفظ بشقة في دمشق.وكشف المصدر نفسه، أن الرئيس العراقي عرض الموضوع على كبار مساعديه الذين اكدوا ان زيارة رئيس الجمهورية العراقية لأي دولة من الدول لا يمكن أن تكون على اساس «العلاقات الأخوية» و«العواطف»، بل المطلوب الدخول في التفاصيل وجعل الزيارة ترتدي طابعا عمليا انطلاقا من جدول أعمال واضح كل الوضوح يؤدي الى نتائج «ملموسة».وامام هذا الموقف الذي اتخذه مساعدو طالباني، ارتأى الأخير ارسال مبعوث الى دمشق لاجراء اتصالات تستهدف وضع جدول أعمال للزيارة بدل ان يكتفي الجانبان بالحديث عن العلاقات الودية والأخوية والعناق على الطريقة العربية.ورغم أن المبعوث لم يعد من دمشق بالمطلوب لجهة جدول الأعمال والنتائج التي يمكن أن تتحقق، اصر طالباني على تلبية الدعوة في ضوء العلاقة التاريخية التي ربطته بدمشق منذ السبعينات. وبالفعل تمت الزيارة في اجواء مريحة. واستُقبل طالباني بحفاوة بالغة وتلقى شفويا كل الوعود التي كان يطمح اليها وعاد الى بغداد مسرورا، لكن من دون اتفاقات محددة من أي نوع كان.وقال المصدر ان الرئيس العراقي ما لبث ان اصيب بخيبة كبيرة بعد مرور أيام قليلة على الزيارة، اذ اعلن رسميا في دمشق أن الرئيس بشار الأسد، استقبل الشيخ حارث الضاري، وهو من زعماء السنة في العراق، ومن الذين يتخذون موقفا في غاية الضراوة من التغييرات التي شهدها العراق منذ ازاحة صدام حسين ونظامه في ابريل 2003. وتابع المصدر أن أكثر ما فاجأ طالباني، البيان الرسمي الذي صدر بعد استقبال الاسد، للضاري، وجاء فيه ان دمشق «تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف العراقية».وخلص المصدر الى ان الرئيس العراقي اكتشف في تلك اللحظة ان النظام في دمشق معني بأن يكون «لاعبا» في العراق، ويرفض ان تكون سورية مجرد دولة على علاقة طبيعية بدولة جارة، كما الحال بين سائر الدول في العالم.
المرصد العراقي
https://telegram.me/buratha