المكتب الاعلامي لنائب رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح
شارك نائب رئيس الوزراء الدكتور برهم احمد صالح السبت 13 كانون الاول 2008 في مؤتمر حوار المنامة الخامس للامن الاقليمي في مملكة البحرين، واستعرض خلال الكلمة التي القاها الاوضاع والمستجدات التي يشهدها العراق على الصعيدين الامني والسياسي وما لها من تداعيات على الساحة الاقليمية اضافة الى التحديات المستمرة والحرب على الارهاب والتي تتطلب جهود مكثفة من جميع الاطراف لتحقيق الامن والاستقرار في العراق والمنطقة.
وقد ذكر بأنه من غير الممكن انكار ان الحالة الانتقالية التي يمر بها العراق هي صعبة ومسببة للاحباط للبعض بالنسبة للعراقيين واصدقاء العراق، ولكننا في الوقت الذي نقر بوجود المشاكل والتحديات يجب علينا ايضا ان نقر بان هناك تطورا ملحوظا قد تحقق. وبالرغم من الرحلة الشاقة المتمثلة في السنوات القليلة الماضية، فقد استطاع العراقيون ان يتجنبوا حربا اهلية مدمرة حيث رفضوا وبجميع خلفياتهم واعراقهم الايديولوجيات والافكار المتطرفة والمفرقة. ولم تنمو قوات الامن العراقية في عددها وعدتها فقط وانما نمت ايضا من حيث المهارة والثقة بالنفس. واليوم فان الجيش والشرطة العراقيون ياخذون بزمام الامور في بدء وقيادة العمليات في كافة انحاء العراق وكسب ثقة وتأييد الشعب.
وقد قال السيد نائب رئيس الوزراء بأنه بعد مضي خمس سنوات من تحرير العراق، فأن الوقت كان قد حان لكل من الولايات المتحدة والحكومة العراقية لتحديد حالة القوات الامريكية في العراق بشكل اكثر وضوحا وفي سياق الشراكة ضد الارهاب وردع اي عدوان. وقد ذكر بان الحكومة قد انتهت من مفاوضاتها بشأن المعاهدة الامنية واتفاقية الاطار الاستراتيجي للصداقة والتعاون مع الولايات المتحدة وقد صادق عليهما مجلس النواب العراقي مؤخرا، واعتبر هذا انجازا هاما بالنسبة للعراقيين وللشراكة مع الولايات المتحدة، وتوقع ان يقوم مجلس الامن في وقت قريب بانهاء القيود المفروضة على السيادة العراقية والتي كانت قد فرضت في اعقاب غزو صدام للكويت في عام 1991 والخروج من البند السابع.
وقد اكد ان الوقت قد حان لان يستعيد العراق مكانته القانونية الدولية، وان الاتفاقية الامنية تحدد بوضوح جداول زمنية لاعادة انتشار القوات الامريكية من العراق، حيث ستقوم القوات العسكرية الامريكية بالخروج من مراكز المدن بحلول حزيران 2009 ويتم تحويل جميع محافظات العراق الى السيطرة الامنية العراقية. وقد ذكر بانه في نفس الوقت، فأن العراقيين ماضون في تطوير قدراتهم الامنية بمساعدة الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي، وان القوات العراقية ستكون قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها الامنية في الوقت الذي ستقوم قوات الولايات المتحدة بالانتقال بعيدا عن العراق.
كما اشار الى ان الاتفاقية تنص بوضوح على ان العراق سوف لن تستخدم اراضيه كقاعدة لانطلاق اية اعمال عدوانية ضد جيرانه ونحن كلنا امل ان يتفهمو بأن الهدف من الاتفاقية هو اقرار دائم للاستقرار والازدهار للعراق ، كما ينبغي ان تعتبر انجازا كبيرا لمصالحها ايضا. وقد ذكر بأن العراقيون وقياداتهم السياسية قد ناقشوا الاتفاقية بشكل مكثف وصريح، وكان من الملحوظ بأن اغلبية برلمانية ساحقة قد صوتت على الاتفاقية متجاوزة الانتماءات الطائفية والعرقية، وواعية بذلك ان هذه الاتفاقيات ضرورية من اجل تحقيق طويل الامد لامن واستقرار العراق واستعادة سيادته.
وفي سياق كلمته، فقد ذكر السيد نائب رئيس الوزراء بأنه في الوقت الذي تعتبر فيه مواجهة الهجمات الارهابية الاولوية بالنسبة للعراقيين واصدقائهم، فأن الساحة السياسية لاتزال بحاجة الى العمل الجاد اكثر من اي وقت مضى، حيث قال "نعم، لقد حققنا انجازات سياسية هامة ولكننا لا نزال بحاجة الى حل للقضايا السياسية الاساسية مثل التعديلات الدستورية والحدود الداخلية وادارة الموارد المالية وقانون النفط على سبيل المثال، وهناك الان اعترافا متزايدا بضرورة معالجة الاسباب الاساسية لعدم تحقق الاستقرار السياسي الذي يعاني منه البلاد، هذا اضافة الى انتخابات مجالس المحافظات المقبلة ومن ثم انتخابات مجلس النواب والتي ستجعل التحدي اصعب".
كما القى السيد نائب رئيس الوزراء الضوء على تنامي الاقتصاد العراقي والجهود التي تبذلها الحكومة العراقية في المضي نحو الارتقاء بالواقع الاقتصادي واهمية تشجيع القطاع الخاص والمصرفي وتوفير فرص العمل. وقد ذكر بأن تسخير قدرات العراق البشرية والثروات الطبيعية امر حاسم لتحقيق الرؤية المتمثلة في تحقيق عراق ديمقراطي ينعم بالسلم، وأن العراق المعاصر يعيش في مفارقة مؤلمة، فهو بلد لا نظير له من حيث وفرة الموارد الطبيعية والبشرية، ومع ذلك فأن تلك الموارد قد تحولت في السابق الى وسائل قمع وحرب وعدوان.
وقد اشار ايضا ان السنوات الخمس الماضية لم تكن سهلة نظرا للتحديات الامنية وحالات عدم اليقين السياسي. ومع ذلك، فقد حدثت تطورات اقتصادية كبيرة، حيث تم التمكن من خفض التضخم الاساسي السنوي من 36 بالمئة في نهاية عام 2006 الى 12 بالمئة الان. وقد قال بان العراق يقوم بتمويل جميع مشاريع اعادة الاعمار تقريبا ويتحمل معظم نفقات قواته الامنية. كما ان مستويات تنفيذ الموازنة قد تحسنت، ففي عام 2006 استطاعت الحكومة ان تنفق 24 بالمئة فقط من الموازنة الاستثمارية، اما في عام 2007 فقد ارتفع الانفاق الى ثلاثة اضعاف ذلك تقريبا حيث بلغت 63 بالمئة. كما وتوقع ان يصل الانفاق هذا العام الى 85 بالمئة.
ومع ذلك فقد اشار الى ان اقتصاد العراق لايزال معتمدا اعتمادا اساسيا على عائدات النفط، وتوقع ان يكون للانهيار الاخير لاسعار النفط تداعيات خطيرة على الوضع الاقتصادي. ولكنه اشار الى ان الحكومة قد بدأت بمراجعة نفقات الموازنة لعام 2009، بالرغم من التوقعات ان تكون سنة 2010 مليئة بالتحديات. وقد ذكر بأن مستويات انتاج النفط في العراق تقف على نحو 2.5 مليون برميل نفط في اليوم وهو رقم لم يتغير منذ عقود وينبغي ان يعزز الى ما لا يقل عن 6 ملايين برميل في اليوم في السنوات الثلاثة او الاربعة القادمة، شريطة التغلب على التحديات الداخلية. كما ذكر بأن هذه الازمة المالية تشير الى ضرورة ملحة لتنويع الاقتصاد العراقي بعيدا عن الاعتماد المطلق على النفط، وانه بغض النظر عن اسعار النفط، فأن التجديد للاقتصاد لايمكن وسوف لن يتحقق من خلال الانفاق العام لوحده، فهناك حاجة الى شراكة مع القطاع الخاص وتعزيز فرص الاستثمار لتسخير الامكانيات الاقتصادية المذهلة لهذا البلد.
هذا وقد اكد السيد نائب رئيس الوزراء على موقف العراق ورغبته في العيش بسلام مع نفسه ومع جيرانه وعلى تبوأ مكانته في الساحة الدولية والاقليمية بعد غياب دام لعدد من العقود نتيجة سياسات الحقبة الماضية والتي جعلت من العراق مصدرا للخلاف وعدم الاستقرار، كما وحث الاشقاء والاصدقاء من دول الجوار والمنطقة على العمل مع العراق في خلق واستغلال فرص التعاون الاقتصادية والاستثمارية في مختلف المجالات بهدف تحقيق تكامل اقتصادي يساهم في تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة. وقد اشار الى اهمية دمج العراق مع هياكل وشبكات النقل مع دول الجوار والتي تعتبر ضرورية للمصالح الاقتصادية المشتركة، كما ان هناك حاجة الى تعزيز التجارة الحدودية وتوسيع الطرق السريعة بين العراق وجيرانه والى ربط شبكات السكك الحديدية والكهربائية والبنية التحتية.
كما ذكر السيد نائب رئيس الوزراء بأن الجهات الاقليمية الفاعلة والولايات المتحدة وغيرها من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن تجتمع في اطار اجتماعات دول الجوار للتركيز على العراق، وان هذه العملية يمكن توسيعها الى نطاق اوسع في المنطقة لمناقشة القضايا الامنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وربما تساعد على احداث شراكة امنية واقتصادية ستؤدي الى مواصلة الحوار والتعاون بين العراق والمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وتركيا وايران وسوريا والاردن اضافة الى القوى الكبرى، وحيث يمكن ان يكون هذا بداية لاطار تعاوني اقليمي اوسع.
وقد قال "ان كان بأستطاعة اوروبا التغلب على قرون من الصراعات فلماذا لا تكن منطقتنا قادرة عن الابتعاد عن هذه الحلقات من الصراعات ايضا؟ وكما في اوروبا عندما استوجب التخلص من النازية لتحقيق المصالح الاقتصادية والامنية المشتركة للشعوب الاوروبية والوصول الى ماتحقق الان في الاتحاد الاوروبي فأن التخلص من الطغيان والارهاب في العراق قد يعرض لنا حافزا نحو المزيد من التعاون في الاطار الاقليمي في هذه المنطقة". كما اشار في ختام كلمته الى ان لدى العراق القدرة في شعبه وفي موارده الطبيعية وفي مؤسساته الديمقراطية والسوق الحر ما يكن ان يجعل منه رائدا على الصعيد الاقتصادي الاقليمي، وان العراق يمثل صلة بين اقتصادات نابضة بالحياة تمتد من الخليج الى اوروبا.
وعلى صعيد متصل، التقى السيد نائب رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان الخليفة رئيس وزراء البحرين ونقل له تحيات السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء وتمنياتهم لمملكة البحرين بدوام الرخاء، وجرى خلال اللقاء استعراض الاواصر التاريخية المتينة التي تربط شعبي البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها والتأكيد على الوقوف مع العراق في مجابهة التحديات ودور مملكة البحرين في حل بعض المسائل العالقة مع الدول الشقيقة ومنها اطفاء الديون وحثها على لعب دور اكبر في مساعدة اشقاءهم العراقيين خلال هذه الفترة الانتقالية التي يمر بها العراق. وحضر اللقاء معالي الشيخ خالد بن احمد بن محمد وزير خارجية البحرين وعدد من كبار المستشارين.
كما والتقى السيد نائب رئيس الوزراء الشيخ سلمان بن حمد الخليفة ولي العهد وجرى خلال اللقاء بحث السبل الكفيلة في تحقيق التعاون الاقتصادي بين البلدين والاتفاق على تبادل الرؤى الاقتصادية على مختلف الاصعدة.
https://telegram.me/buratha