الأخبار

بعد أن حطمت مدرعة امريكية مصدر رزقه.. مواطن يبتكر طريقة للاحتجاج

1506 10:19:00 2008-12-13

لم يكن حميد عبد الأمير يهتم بالسياسة ولا يتابع أخبار القوات الأمريكية.. لكنه تحول فجأة إلى ظاهرة تجذب انتباه الجميع، إلا عربات الجنود الأمريكان الذين صار ينتظرهم  بالقرب من ساحة الفردوس، إحدى أهم ساحات بغداد وأشهرها في الاعلام حاملا سارية علم عراقي بحجم كبير في محاولة منه لجذب انتباه هؤلاء الجنود، ليطرح لهم شكواه.

عبد الأمير رجل عراقي بسيط تجاوز عقده الأربعيني ببضع سنوات، قدم من محافظة النجف ليعمل حمالا في سوق الشورجة التجاري بوسط بغداد، ثم اشترى بعد ذلك عربة خشبية بمبلغ 220 ألف دينار عراقي، مما أدخره من أموال من عمله، لكي توفر له وسيلة عمل أفضل من عمله حمالا في أكبر وأشهر أسواق العاصمة بغداد، لكن فرحته لم تدم طويلا بهذه العربة، فقد مر رتل أمريكي في ساحة الخلاني القريبة من سوق الشورجة، واصطدمت إحدى المدرعات بالعربة وحولتها إلى حطام.

يقول حميد عبد الأمير الذي يمكث منذ عدة شهور في ساحة كهرمانة بمدخل مدينة الكرادة والقريبة من ساحة الفردوس، التي شهدت إسقاط تمثال الرئيس السابق صدام حسين في التاسع من نيسان عام 2003، إنه يقف هنا حاملا العلم العراقي بانتظار أن يمر رتل أمريكي، ليسأله عن سبب رفعه علما عراقيا بهذا الحجم الكبير، ويجيب على سؤاله بنفسه قائلا "لكي يرجعوا عربتي التي سحقتها إحدى مدرعاتهم في منطقة الخلاني".

وعلى الرغم من أن أمنية عبد الأمير قد يتعذر تحقيقها، لأن من المستبعد أن يمر رتل أمريكي ويتوقف عنده ليسأله عن سبب وجوده في الساحة، لكن الأمر أصبح بالنسبة له أشبه بالطقس الذي اعتاد عليه، كما اعتاد على مشاهدته عشرات المارة الذين يسلكون الطريق كل يوم.

لا يعنيني بقاء الأمريكان أو خروجهم

ويضيف عبد الأمير الذي يتعاطف معه أغلب سكان المنطقة القريبة من ساحة كهرمانة ويقدمون له الطعام، "أنا إنسان أمي ولا أعرف أي شيء عن السياسة، ولا يعنيني خروج الأمريكان أو بقائهم، كل الذي أريده أن يعوضوني عن "عربانتي"، وهو الاسم الشائع للعربة في العراق.

ويؤكد عبد الأمير أنه "عرض حالته على الشرطة العراقية، لكنها لم تجبه بشيء"، كما يقول، ويروي أنه تمكن يوما من الوصول لإحدى عربات القوات الأمريكية، أثناء وقوفها أمام مركز شرطة الميدان وسط بغداد، ويقول "نصحني الجنود الأمريكان بالذهاب لوزارة الدفاع العراقية، التي تضم قوات عراقية وأمريكية مشتركة".

ويتابع عبد الأمير حديثه لـ"نيوزماتيك" وهو يمسك بسارية العلم بقوة، وعيونه تلاحق السيارات المارة، "طلب مني الأمريكان أن ألتقط عدة صور "للعربانة" التي تحولت إلى أشلاء، ولكنني كنت قد بعت خشبها المتبقي بـ30 إلف دينار، لكي أتمكن من شراء الطعام".

الاحتجاج الفردي يفوق تظاهرة مليونية مفبركة

ويصف الصحفي والكاتب العراقي قاسم المالكي وقوف عبد الأمير المتواصل، احتجاجا على إلغاء مصدر رزقه بأنه "تطور نوعي في مفهوم الاحتجاج في العراق، لأن تأثير عمله هذا يفوق بقوته، تظاهرة مليونية مفبركة ترعاها جهة سياسية ما".

ويعتقد المالكي في حديث لـ"نيوزماتيك" أن عبد الأمير "ربما لا يعي أبعاد هذه التظاهرة الفردية، ولا معنى رفعه للعلم العراقي حتى الآن، إلا أنه بالتأكيد استطاع إيصال رسالته للعشرات من الذين شاهدوه في كهرمانة، ليسألوه عن سبب رفعه للعلم وحده".

الشرطة: احتجاج عبد الأمير ليلا دليل على التحسن الأمني

أما رجال الشرطة المكلفين بحفظ الأمن في منطقة الكرادة، فيؤكدون من جهتهم أن "حالة الاحتجاج التي قام بها عبد الأمير تعتبر الأولى من نوعها في ساحة كهرمانة".

ويقول الشرطي إبراهيم حسين لـ"نيوزماتيك"، إن "عبد الأمير يمثل صورة جميلة إضافية لتمثال كهرمانة الذي يقف قربه، فهو يرفع علما عراقيا كبيرا ومميزا نعتز به جميعا كعراقيين".

ويضيف أن "وقوفه لوقت متأخر من الليل يمثل انجازا كبيرا لنا كقوات أمن ويؤكد أن ليل بغداد بدأ يتحسن أمنيا، فضلا عن أن احتجاجه السلمي يفرحنا، ويدعو الجميع للابتعاد عن استخدام السلاح ضد الدولة كوسيلة لإبداء الرأي".

وتمثال كهرمانة هو أحد الأعمال المشهورة للفنان التشكيلي العراقي محمد غني حكمة، وضع في سبعينيات القرن الماضي، وتظهر فيه كهرمانة الجارية البغدادية، وهي حاملة جرة كبيرة تصب منها الزيت المغلي على أربعين جرة تطل منها رؤوس أربعين لصا، ويمثل النصب إحدى حكايات ألف ليلة وليلة، المعروفة باسم "كهرمانة والأربعين حرامي".

ومع انخفاض حركة السير في الشارع قبل منتصف الليل، يتوجه عبد الأمير سيرا على قدميه نحو منطقة الباب الشرقي قاطعا شارع السعدون وحيدا، لكي يصل إلى أحد الفنادق الرخيصة التي لا يتجاوز سعر المبيت فيها الثلاثة آلاف دينار لليلة الواحدة، ينام عبد الأمير ويراوده حلم اللقاء، في اليوم التالي، بمن سيعوضه عن "عربانته"، أو قد يحلم بشراء غرفة صغيرة يسكن فيها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي بكلوريوس اقتثاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-12-13
الاخ الكافي تحية طيبة اقراء رسالتي جيدا فتعرف ماذا اقصد فانا يهمني التوثيق ان مشكلة هذا الشخص عندما ندونها في كتاب كامل يكتب ويطبع عنة وحتى مردوا هذا الكتاب لة هذا هي التضاهرة الحضارية المعبرة لذلك اعطيتة سر المهنة ياريت احد الاخوة في بغداد يساعدة فيها الفكرة هنا في المانيا تباع
الملاك
2008-12-13
ندعوا الحكومة المنتخبة الاهتمام بامثال هؤلاء الشباب الذين ليس لهم سكن ثابت. وان تعمل على تاهيلهم. لماذا تعيش فلذة اكبادنا بهذه الحالة
الكافي
2008-12-13
السلام عليكم..عملا بمبدأ النقد النزيه اود ان اوجة كلامي للاخ علي بكلوريوس واقول لة هل انك تمزح من هذا الرجل المسكين ام ان الاقدار التي جعلتك تسكن بلد غير بلدك لتضحك على جروح ابن بلدك المسكين الذي عانى ما عاناة الى ان اوصلة الدهر الى ماهو علية ...للاسف ان البكلوريوس لم يعلمك كيف تتعاطف مع من هم اقل منك حظا لكن صدقني ان هذا الرجل هو عنوان صادق للتحدي ورفض الظلم وباسلوب حضاري جدا انت لا تعرفة وشكرا
زيد العراقي
2008-12-13
زودونا برقم جواله ..هناك الكثيرين يريدون مساعدته بشراء عربانه له..مع الشكر
مؤيد العلوي
2008-12-13
رجل أمي بسيط...أشرف ألف مره من أهل الحواسم الذين يقتلون ويسرقون الناس ويخرجون لنا بمظاهرات يسموها مليونيه على طياح حظهم... على الحكومه أن تلتفت اليه وتعوضه فهو أولى بالتعويض والمساعده من المقبور عبدالرحمن عارف
صادق حمدي
2008-12-13
خلي يشتغل بالنجف شجابه لبغداد
محمد النجفي
2008-12-13
لا عليك يا حميد ليس لدى العراق مال يتبرعوا به لك لأن تبرعاتنا (السخية) اولى الى لبنان بـ 30 مليون دولار وفلسطين بـ 10 ملايين دولار (هو بس هذا الفالحين بي .. نتبرع بكرم ما شاء الله .. لأن فلوسنه منعرف نبني بيهن بيوت للعراقيين الي ينامون بالشارع او بزنزانات منزلية ان صح التعبير او البيوت العديمة الاسقف شتاءا وصيفا) لا ادري هل اضحك ام (اصفن) على حال هذا المسكين الذي يعاني والمسؤولين يعتبروه (تحفة فنية) ينبغي تعويضه وتحويل العلم الذي بيده الى عمل تذكاري معين في مكان لا يبعد عن ساحة كهرمانة.
علي بكلوريوس اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-12-13
هذا لو كان عندنا في المانيا لكن ايضا وضع قبعة على الارض والناس الذين يمرون يعطون او يرمون لة بعض النقود لا باس ان يطور الاخ حميد عملة ويضع بعد علم اخر على سطح الارض وعلية هذة القبعة كي يرجع لة قسم من رزقة الذي فقدة وما علية الكتابة باللغة الانكليزية سبب الوقف هنا وماذا جرى لة وياريت يضع بالقرب من العلم عمودين ويربط بهما خيط لكي يجمع اراء الناس المارين بشكل كتابات تعلق على الخيوط بين العمودين وانا اقترح ان تسمئ هذة الساحة ساحة حميد عبد الامير مؤقتا
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك