وبحسب صحيفة النيويورك تايمز فان المثال الذي يوضح المنحنى الشديد لسياسة ادارة بوش في العراق، فقد انضم الرئيس بوش الى جهد جديد لوقف المزيد من الادعاءات، على الاقل في المستقبل الحالي او القريب، والمسوغات المعروضة لذلك، هي ان هذه المطالب – بعضها صغير وبعضها الاخر ببلايين الدولارات يمكن ان تتسبب بافلاس الحكومة العراقية ويعرض ديمقراطيتها الهشة للخطر ، وتؤدي واقعيا الى غلق النشاط الاقتصادي لها، حتى الصادرات النفطية .
ولذلك يدعم الرئيس بوش تمديد الاجراءات القانونية القوية التي كانت قد اتخذت وطبقت من قبل مجلس الامن الدولي في سنة 2003 لحماية العراق ضد مثل هذه المطالب. وبتسهيل من الادارة الاميركية، فقد طلب العراق من مجلس الامن تجديد الحماية لسنة اخرى. وارسل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رسالة الى مجلس الامن الدولي، يوم الثلاثاء الماضي جاء فيها :" مع الارصدة النفطية التي تمد اكثر من 95 % من عوائد الحكومة، فان هذه المطالب يمكن ان تؤثر على البناء والتحول الاقتصادي الجاري في العراق وتتسبب بالتالي بتهديد جدي للاستقرار والامن العراقي، وبالتالي للسلم والامن الدوليين".
ويقول بعض اصحاب هذه المطالب بان الرئيس الاميركي بوش قد عكس القيم بخيانته للاميركيين الذين تضرروا من قبل الحكومة العراقية السابقة ، والتي كانت تحظى في وقت من الاوقات بالدعم القانوني والمعنوي للحكومة الاميركية .
وقال وزير الخارجية العراقي ان الحكومة العراقية ترغب في حل هذه المطالب اذا تم تخفيضها بشكل اساسي عبر المفاوضات، وربما عبر حزمة تعويضية واحدة مثل التسوية التي تم التوصل اليها مع ليبيا في قضية طائرة بان اميركان .
واضاف زيباري ان العراق لايستطيع المخاطرة بوقف العمليات الحكومية ولهذا فهو ينوي الضغط للتصويت عبر مجلس الامن للعمل على تأجيل الموضوع لسنة ، وقال :" هذا التمديد سيقدم لنا بعض الراحة لسنة اخرى ويقدم لنا بعض الفضاء للتنفس ".
وقال الناطق باسم البيت الابيض جوردن جاندرو بان الادارة الاميركية تدعم التمديد الان ولكن ايضا " اوضحت للعراقيين بانه من المهم التعامل مع المطالب القانونية لمواطنينا ". وبحسب النيويورك تايمز، فان نطاق المطالبات والطبيعة السياسية لبعضها، يمكن ان تجعل القرار صعبا. والعراق لازال مطالبا بمبلغ 26 بليون دولار كمطالبات، ولاسيما من الكويت التي قررتها لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة وهي اللجنة المشكلة في سنة 1991 للتعامل مع عملية التعويضات، وهناك ايضا 50 بليون دولار كقروض على العراق للدول الاخرى.
وقال وزير المالية العراقي بيان جبر ان العراق مدين ايضا لشركات خاصة بمبلغ يصل الى سبعة بلايين دولار. والمطالب القانونية يمكن ان تعرض العراق الى المزيد من المخاطر. وكانت شركة الخطوط الجوية الكويتية ربحت حكما امام القضاء البريطاني بمبلغ بليون دولار ضد شركة الخطوط الجوية العراقية حول قضية تتعلق بحرب الخليج ايضا.
ويتضح التخبط في قائمة المطالب الاميركية بعض الدعاوى القضائية التي تزعم ان حكومة صدام حسين كان لها يد في الارهاب الدولي ومن ضمنها هجمات 11 ايلول 2001 . وبالرغم من ان القانون الدولي يربط المطالب بفترة صدام حسين بوجوب الدفع، فان بعض المسؤولين العراقيين مترددين بشكل كبير للدفع عن التعسف عن فترة حكم صدام. والحماية الدولية ضد المطالب الدولية وتجميد الارصدة، كانت جزء من قرار مجلس الامن الدولي الذي اجاز الوجود العسكري الاميركي في العراق. وفي حينها اصدر الرئيس بوش مستوى ثانيا من الحماية بامر تنفيذي يقول اساسا بان الاموال العراقية في الولايات المتحدة لايمكن حجزها، وعمل مع الكونغرس لتوفير المزيد من الحماية لعدم تعرض الاموال العراقية للخطر . والاتفاقية الامنية التي وقعها العراق مع الولايات المتحدة تبدأ سريانها من الاول من كانون الثاني المقبل، ولكنها لاتغطي موضوع انتهاء الحماية المقدمة من قرار مجلس الامن للاموال العراقية ، بالاضافة الى ان قرار الرئيس الاميركي بحماية تلك الاموال ينتهي مفعوله في شهر ايار من السنة المقبلة، كما ان انتهاء صلاحية قرار مجلس الامن يثير موضوعات اخرى ، لان القرار كان قد خلق آلية للامساك بعوائد النفط العراقية التي كانت توضع في صندوق يسمى (تمويل التطوير في العراق) في بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، وكانت تستقطع نسبة خمسة بالمائة لتحويلها الى لجنة التعويضات لدفع بدل التعويضات.
ويريد العراق تخفيض او الغاء تلك النسبة الموضوعة لدفع التعويضات، وقال مسؤول عراقي كبير بشرط عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع بين العراق والكويت :" هذا امر فاحش بان على العراق ان يدفع نسبة خمسة بالمائة من عوائده النفطية لهذه التعويضات والمطالب، في الوقت الذي نعاني نحن من تمويل اعادة البناء والامن، فسيكون من المؤلم بالنسبة للكويتيين بان يستثمروا في مستقبل العراق مقابل الانتفاع من مصائب الماضي". وطالب العراقيون ايضا بضم عضو عراقي الى اللجنة الغربية التي تراقب الان اموال النفط، ولكن الولايات المتحدة رفضت ذلك، وقالت الادارة الاميركية ان ذلك يشوش على الحساب، ولم يتطرق المالكي في رسالته الثلاثاء الى مجلس الامن حول هذا التغيير ولكن فقط التمديد .
وبحسب صحيفة النيويورك تايمز ، فان المخاطر على الارصدة العراقية هي ابعد من تكون نظرية . فبعد ان ربحت شركة الخطوط الجوية الكويتية حكما ضد العراق في بريطانيا ، حكمت محكمة كندية في الصيف الماضي بان الكويتيين يستطيعون الاستيلاء على اسطول الطائرات العراقية المدنية التي بناها العراق بموجب عقد مع شركة بومبرديار وهي شركة كندية. ويعود الاساس القانوني لهذه المطالب الى التسعينات حينما اصدر الكونغرس قانونا يسمح للاميركيين لمقاضاة الحكومات الاجنبية المتهمة برعاية الارهاب ومنها العراق . وكانت المطالبات في ضوء ذلك القانون رمزية بشكل كبير، لانها كانت تنطوي على قضايا ضد حكومات ترفض الاعتراف بالاختصاص القضائي الاميركي، ولكن في سنة 2002 ، وقع بوش تشريعا يسمح بالدفع للاحكام من الارصدة المجمدة للدول الارهابية. وفي سنة 2003 وعلى حافة الحرب مع العراق، سيطر بوش على مبلغ اربعة بلايين دولار من الارصدة العراقية في الولايات المتحدة ودفع منها مبلغ 96 مليون دولار الى 180 اميركي اتخذوا كدروع بشرية كانوا قد ربحوا احكاما قضائية . ووزع الباقي على السلطات المحلية في العراق المحتل حديثا وفي ايار 2003 تنازل عن بقية المطالبات واوقفها. وفي سنة 2007 اصدر الكونغرس تعديلا يسمح بالدفع للمطالبات الاخرى المتوقفة، ولكن بوش استعمل حق النقض ضده ، وحينها قال المسؤولون الاميركيون ان العراق هدد بنقل امواله الى بنوك اخرى غير اميركية .
الملف برس
https://telegram.me/buratha