ذكرت صحيفة ماكلاتشي McClatchy Newspapers الامريكية، الخميس، ان ضباطا عسكريين أمريكيين كبار ينتقدون بنحو غير معلن الرئيس جورج بوش على إعطائه العراق سيطرة اكبر على عمليات الجيش الامريكي على مدى الاعوام الثلاثة المقبلة بنحو لم تتصوره الولايات المتحدة.وقالت الصحيفة أن على الرغم من ترحيب البنتاغون رسميا باتفاقية انسحاب قواتها من العراق، الا ان ضباطا امريكيين كبار قالوا ان مفاوضي الولايات المتحدة قد اخفقوا في فهم كيف يكون من شأن الجداول الزمنية السياسية بين البلدين ان تجبر الولايات المتحدة على تقديم تنازلات كبيرة والتخلي عن الكثير من السيطرة على القوات الامريكية في العراق.وقالوا، حسب ما تذكر الصحيفة، ان الرئيس بوش استجاب للطبات العراقية كي يتفادى ترك القرار الى خليفته، باراك اوباما.ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الادارة الامريكية كان يراقب المفاوضات عن كثب ان احيانا “كان الرئيس بوش يريد ابرام الاتفاقية اكثر من العراقيين”.واشارت الصحيفة الى ان هذا المسؤول والاخرين غيره طلبوا عدم نشر اسمائهم كي يكونوا صريحين في تقديم معلومات لأول مرة عن حركة المفاوضات السرية، التي اعطت العراق بنحو غير مسبوق سيطرة على القوات الامريكية في المدة بين 1 من كانون الثاني يناير حتى انتهاء انسحاب القوات الامريكية من العراق في 31 من كانون الاول ديسمبر 2011.وكجزء من الاتفاق، الذي امضى عليه مسؤولون امريكيون وعراقيون في بغداد يوم الاثنين الماضي، سيمنح العراق سلطة محتملة على العمليات العسكرية الامريكية، وجمع المعلومات الاستخبارية، وشحنات البضائع بل حتى البريد المرسل الى القوات الامريكية. كما ان المتعاقدين الاجانب سيخضعون للقانون العراقي.وفي الاول من كانون الثاني يناير المقبل، كما تواصل الصحيفة، سيتولى العراق السيطرة على المنطقة الخضراء الامريكية المحصنة ببغداد، كما على المجال الجوي للبلد.وقال المسؤولون ان العامل الاكبر في هذه النتيجة كان قرار الحكومة العراقية في اعادة جدولة زمن الانتخابات المحلية من تشرين الاول اكتوبر الى نهاية كانون الثاني يناير، وهذا ما اعطى مفاوضيها حججا قوية في المساومة بقوة.وفي القوت نفسه في واشنطن، كما تذكر الصحيفة، كانت الضغوط السياسية التي ولّدها فوز اوباما في الجولات التمهيدية اولا ثم في الانتخابات العامة، قادت بوش الى الاستجابة للمطالب العراقية.وكانت ادارة بوش قد سعت الى ابرام اتفاقية مثيرة للجدل بشان وضع القوات توفر قواعد شبه دائمة للقوات العاملة في العراق، في حين ان اوباما اطلق وعودا في اثناء حملته الانتخابية لسحب القوات القتالية كلها في غضون 16 شهرا ابتداء من توليه مهامه. وتسمي النسخة العربية النهائية للاتفاقية باتفاقية انسحاب.واشارت الصحيفة الى ان البيت الابيض دافع عما وصفه بـ”الاتفاقية التي توصل اليها الجانبان بنحو متبادل”. فقد قالت المتحدثة باسمه، دانا بيرينو “طلبنا بعض الاشياء ولم نحصل عليها، وطلبوا بعض الاشياء ولم يحصلوا عليها. والتقينا واياهم في مكان ما من الوسط”.ونقلت الصحيفة عن احد الضباط الامريكيين قوله ان الانتخابات المحلية، التي سوف تعيد تشكيل الخريطة السياسية في العراق، كان مقررا لها ان تعقد في تشرين الاول اكتوبر. الا ان في حوالي تموز يوليو، عمدت الحكومة العراقية الى تاجيلها الى كانون الثاني يناير، وادرك السياسيون العراقيون انهم لا يستطيعون الموافقة على أي شيء اقل من الانسحاب التام ليحققوا فوزا في الانتخابات. وفيما بدأ العراقيون يطلبون المزيد من الشروط، وما كان للمفاوضين الامريكيين ان يلينوا.وتقول الصحيفة ان البعض في البيت الابيض القوا الوم على معاندة البنتاغون. ويقول مسؤولون في البنتاغون ان البيت الابيض لم يكن يفهم ما يجري على ارض الواقع.وبهذا الصدد قال احد الضباط للصحيفة ان “بغداد مختلفة جدا عن واشنطن”. من جانبه اعترض مسؤول في الادارة على هذا التوصيف، الا انه قال “اننا اضعنا 4 او 5 شهور”.وفي الشهر الماضي، وبينما ظهر ان الجانبين اتفقا على الوثيقة، رفض العراقيون الوثيقة مرة اخرى وطالبوا بتمتعهم بحق تفتيش البريد والشحنات، والسيطرة على المجال الجوي والغاء اية شروط للانسحاب.وفيما تاكدت فرص اوباما بالفوز بالانتخابات الرئاسية، شعر البيت الابيض انه تحت ضغط اضافي. فلا الادارة ولا العراقيون ارادوا تمديد وصاية الامم المتحدة. ووصف الضابط هذا الوضع بقوله “لقد تحول الامر الى مازق سياسي في غاية الغرابة”. ويتوقع ان ينشر البيت الابيض الترجمة الانكليزية للاتفاقية اليوم الخميس.