الأخبار

نقاط على الحروف...على أعتاب الصحافة الورقية

1269 07:09:13 2016-03-20

ياسر رحال

قبل ما يقارب العشرين عاماً شهدتُ "موت مجلة" كانت بجدارة من أنجح التجارب الإعلامية، لكن الظروف عاكستها، فاضطرت للإقفال وختمت تاريخاً من النضال المهني للحفاظ على المصداقية وتقديم الأفضل للقارئ، فاتحة أمامه كتاب الكرة الأرضية ليبقى على اطلاع ويعرف ما يدور حوله.. واليوم تعد من اهم المراجع لحقبة امتدت من 1990 إلى 2000.

وقبل ما يقارب العشرة أعوام شهدت انتقال مجلة أخرى من الصيغة الورقية إلى الالكترونية، فعانيت على المستوى الشخصي من الم الفراق مجدداً وعانى الجمهور "الجريدة" كما احبوا تسميتها من نقص في المجال المعرفي والمعلومات والتحليل.. وأخبار أنبل وأشرف قضية عرفناها لدرجة ان أحداهم قال لي: "لدي صالون حلاقة فماذا أفعل .. أحوله لمقهى انترنت كي يتمكن الزبائن من متابعة "الجريدة" التي كانت تدور بين أيديهم وكل واحد منهم ينهل منها ما يحتاج.. وتصيب العدو بالمقتل مع كل عدد كان يعبر إلى الشريط المحتل منها.

ان تنتزع من يدك مجلة أو صحيفة هو أمرٌ ليس بالسهل، الوسيلة تصبح جزءًا من كيانك، وطقوسك اليومية.

 يروى ان عالماً كبيراً بعد ان فرغ من التحقيق في مسألة فقهية رمى القلم من يده وصاح: "أين الملوك وأبناء الملوك من هذه اللذة.." لذة البحث والإبحار عبر الكتب والانتقال من نقطة معرفة إلى نقطة اخرى وصولاً إلى الغاية المنشودة.

وفي لطيفة أخرى يحكى ان قاطع طريق طلب إلى عابر سبيل ان يعطيه كل ما يملك، فضحك الاخير وقال له: "ليس لدي ما تطمع فيه. فأكمل اللص: "ماذا تحمل على ظهر بعيرك". فأجاب الرجل: " هي كتبي لا تنفعك.. أما انا فهي كل ما حصلت عليه من معرفة "، فقال اللص: " إنزلها لا خير في علم يحمل على ظهر بعير" (في إشارة إلى ضرورة حمل العمل في العقل والقلب لا في الكتب فقط).

من يحمل بيده الهاتف النقال يعتقد انه يحمل الكرة الأرضية بكل ما فيها وما عليها، هل جربنا يوم الاستغناء عن الهاتف، اعتقد سيكون الجواب وبنسبة عالية: "لا نستطيع العيش من دونه"، ولكن كم منا يحسن استعمال كل خدمات "هاتفه الذكي"؟

أو كم منا يستخدم هاتفه في مجالات عمله او درسه او تحقيقه او..

الجواب: يقودنا إلى الهدف الذي يسعى اليه "محتلنا الثقافي".

في ستينيات القرن الماضي، أطلق الكندي مارشال ماكلوهان نظريته الشهيرة  والتي تقول: "الوسيلة هي الرسالة".. فاختلف القوم بين مؤيد ومعارض، أما اليوم فاعتقد أن لا خلاف أن الوسائل التكنولوجية على الأقل في عالمنا العربي هي "الرسالة"، لأننا قوم مستهلكون ولم نتمكن حتى اليوم من مقاربة المحتوى العالمي على الشبكة العالمية بلغتنا العربية ولو بنسبة عشرية.

أفيقوا يا سادة.. إذا كانت "الوسيلة هي الرسالة" وبالتالي هي ما يريدنا "المحتل" ان نخضع له به، فقد نجح.. لأن معظمنا يتباهى بان لديه أهم هاتف ذكي.. أو أكثرها تطورا: ونتسابق على شراء النسخة الحديثة منها التي أغرقت الأسواق..

تعالوا لنحارب الاحتلال بوسيلتنا.. صحفنا التي قد نختلف معها او نتفق هي إدوات إبداع لم ولن يستطيع لا الانترنت ولا الكمبيوتر ولا التكنولوجيا أن تجاريها. هي تطبع من حبر يخرج من بين الأصابع وشغاف القلب وعصارة الفكر، لذا نجد ان الرجوع اليها والنقاش فيها ومعها يكون جائزاً بينما في الوسائل الحديثة تضيع بين الصفحات كل تعليقات الكون.. فيما لو كان هناك من مجال للتعليق..

لست ضد التكنولوجيا لكني أرفض أن أكون عبداً لآلة وصفها استاذ مادة الحاسوب يوماً بأنها: "أغبى آلة اخترعها الإنسان".

لا تقبلوا ان يفرض عليكم ما يسمى "التراث الحديث".. ليس هناك تراث حديث، هي ادوات استعمار لتخريب الذاكرة وشطب الماضي والتأسيس من المكان الذي يرغب فيه المستعمر..

تعالوا لنتضامن مع وسائلنا، لنتضامن مع رسائلنا.. لنحفظ الهوية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك