عزت كتل سياسية، اليوم الأربعاء، قرار رئيس الحكومة، إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة، إلى "ولاء" منتسبيه لسلفه، و"فشله" في إدارة الملف الأمن، وفي حين خشى نواب "سنة" من إمكانية "تهريب" كبار الضباط الذين أحيلوا على التقاعد، لـ"طمس" ما جرى في الموصل وتكريت، استبعد وزير "شيعي" سابق منح الحصانة لأولئك الضباط من الملاحقة القضائية، مرجحاً تشكيل هيئة أو مجلس عسكري يضم شخصيات "مهنية محترفة" بعيدة عن "المحاصصة".
واطاح رئيس الحكومة، حيدر العبادي، بالقائدين العسكريين اللذان ارتبط اسمهما بما جرى في الموصل، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على إيعازه بحجز الضباط المسؤولين عن حادثتي السجر والصقلاوية في محافظة الأنبار، في حين أعلنت وزارة الدفاع عن إلغاء العبادي مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الذي شكله سلفه، نوري المالكي، عام 2006.
وقالت النائبة عن محافظة نينوى، نورة البجاري، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "حل مكتب القائد العام للقوات المسلحة وإبعاد غيدان وكنبر عن المؤسسة العسكرية يشكل إجراءً جيداً"، معربة عن خشيتها من أن تكون إحالة كنبر وغيدان على التقاعد مقدمة لتهريبهم خارج البلاد".
وأضافت النائبة عن كتلة متحدون للإصلاح، بزعامة أسامة النجيفي، أن "إحالة قادة الجيش على التعاقد يمكن أن يطمس جزءاً كبيراً من حقيقة ما جرى في الموصل"، عادة أن "معرفة الاخطاء العسكرية وتشخيصها يصب في مصلحة بناء مؤسسة أمنية رصينة".
ورأت البجاري، أنه كان "الأولى استجواب أولئك القادة في البرلمان، تمهيداً لإحالتهم لمحكمة عسكرية، إذا ثبت تقصيرهم في أحداث الموصل، قبل إحالتهم على التقاعد"، كاشفة عن "تقديم نواب نينوى طلبات لاستجواب القادة العسكريين في البرلمان، لكن الانشغال بتشكيل الحكومة وتداعيات الأحداث الأمنية المتسارعة حال دون ذلك".
وتابعت النائبة عن ائتلاف النجيفي، أن "حل مكتب القائد العام للقوات المسلحة، يعكس إدراك العبادي خطورة ذلك المكتب، لاسيما في ظل إقراره داخل مجلس النواب، بعدم قدرته على إدارته بالوكالة مع وزرات أمنية محملة بملفات ثقيلة"، مؤكدة على ضرورة "تقوية الوزرات الأمنية والجهد الاستخباري".
إلى ذلك رجح النائب عن الأنبار، أحمد عطية السلماني، في حديث إلى صحيفة (المدى)، أن "يكون قرار العبادي إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة، ناجماً عن وجود شخصيات مرتبطة برئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، تؤثر على صناعة القرار الأمني"، مستنداً في استنتاجه على "الإثارة الإعلامية التي تبناها مقربون من المالكي ضد قرار رئيس الحكومة الجديد، بوقف قصف المدنيين".
ورحب السلماني، وهو عضو في تحالف القوى الوطنية، بـ"القرارات الأمنية الأخيرة لرئيس الحكومة، حيدر العبادي"، متوقعاً أن "يتخذ العبادي خطوات جادة لتحويل ملف الأمن إلى المحافظات، وتقوية دور الوزرات المعنية".
ورأى النائب الأنباري، أن "مكتب القائد العام كان حكراً على شخص المالكي، الذي كان يغطي على فشل القادة العسكريين والأمنيين".
بالمقابل رفض الوزير السابق والعضو البارز في ائتلاف المواطن، حسن الساري، ربط توقيت اتخاذ رئيس الحكومة، حيدر العبادي، القرارات الأمنية "المثيرة للجدل" والمعارضة لتعليمات سلفه المالكي، مع زيارته لنيويورك لحضور أعمال الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتساءل الساري، وهو نائب عن محافظة ميسان، مدافعا عن قرار العبادي، بحل مكتب القائد العام، قائلاً "ماذا ينتظر العبادي من مكتب فاشل"، عاداً أن "القرار كان صائباً سواء كان توقيت اتخاذه في سفره وترحاله أم خلال وجود في العراق".
وذكر النائب عن الائتلاف التابع للمجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة السيد عمار الحكيم، في حديث إلى صحيفة (المدى)، أن "مكتب القائد العام للقوات المسلحة لم ينجح خلال السنوات الثماني الماضية في المهام الموكلة إليه"، مدللاً على ذلك بـ"انهيار الجيش في الموصل وتكريت وسيطرة الارهابيين على ثلث مساحة العراق".
ودعا الساري، إلى ضرورة "تغيير القيادة العسكرية الحالية بأخرى قادرة على تنفيذ أعمالها بمهنية واحتراف"، مرجحاً "تشكيل هيئة أو مجلس عسكري يختار اعضاءه من المهنيين البعيدين عن المحاصصة، ومن غير الموالين لحزب البعث، بدلا عن مكتب القائد العام، ليكونوا بمثابة حلقة الوصل بين العسكر والقائد العام للقوات المسلحة".
وكانت أطراف شيعية تحدثت في وقت سابق لصحيفة (المدى)، عن وجود نية لدى التحالف الوطني ورئيس الحكومة، حيدر العبادي، بانتهاج إدارة مختلفة للأمن تعتمد على تشكيل هيئة مشتركة لصنع القرار، أو مجلس يتشاور فيه شركاء العملية السياسية في القضايا الاستراتيجية.
ورجح الساري، وهو وزير سابق لشؤون الأهوار، أيضاً أن "يكون وراء حل العبادي لمكتب القائد العام تصوره بولاء بعض القادة العسكريين لرئيس الحكومة السابق، بحكم طبيعية عملهم مع المالكي التي استمرت ثماني سنوات"، مستدركاً "برغم أن الصلاحيات الأمنية والعسكرية، انتقلت إلى العبادي، بحكم الدستور، ولم يعد لسلفه أي تأثير".
ودعا الساري، رئيس الحكومة، بأن "يكون أكثر حزماً في محاسبة باقي القيادات العسكرية التي يثبت تقصيرها وفسادها"، معتبراً أن "إحالة معاون رئيس أركان الجيش، الفريق الأول عبود كنبر، والفريق الأول الركن علي غيدان، على التقاعد لا تعني أنهما بمأمن من الملاحقات القضائية".
ويقر النائب عن ائتلاف المواطن ، بـ"وجود ضبابية بشأن النكبة التي حدثت في الموصل وما أعقب ذلك من تداعيات"، عازياً "منع إجراء تحقيقات رسمية لكشف ما جرى إلى الخشية من إمكانية سقوط شخصيات بارزة عن عروشها"، بحسب تعبيره.
يذكر أن البرلمان والرأي العام، لم يقتنعا بالأجوبة التي ساقتها بعض القيادات الأمنية، التي استضافها مجلس النواب، في وقت سابق، بحضور ذوي ضحايا قاعدة سبايكر، في توضيح جانب مما حدث في أيام التاسع والعاشر من حزيران الماضي، والأيام التي تبعت ذلك، ومن هو المسؤول عن اعطاء أوامر خروج الجنود من القاعدة العسكرية في صلاح الدين.
https://telegram.me/buratha