محمد سالم طالب في الصف السادس العلمي يكلف عائلته مئات الالاف من الدنانير شهريا لتسديد اجور الدروس الخصوصية في مواد دراسية يعتبرها صعبة الفهم، مثل الفيزياء والكيمياء، الخ، وهذه التكاليف تتحملها عائلته من اجل تجاوز هذه المرحلة الدراسية بنجاح ومن ثم الذهاب الى جامعة مرموقة. وتتسع ظاهرة الدروس الخصوصية في العراق بسبب ما تقول بعض العائلات ان مستوى التعليم في المدارس الحكومية غير جدي بما يكفي لفهم الطلاب.
المهندس راضي جبر " ان ابناءه في مراحل دراسية مختلفة، و "لا نعلم متى يترك المدرسين ظاهرة التدريس الخصوصي التي ارهقت اولياء امور الطلبة، خصوصا ان رواتب المدرسين اصبحت مجزية وتغنيهم عن اكل المال الحرام، الذي يدفع لهم مقابل التدريس الخصوصي". الشرح غير واف مروة عبد الله، طالبة في السادس العلمي، تقول لـ"العالم" انها اضطرت لاخذ دروس خصوصية لعدم فهمها واستيعابها مواد الرياضيات والانكليزي والفيزياء والكيمياء. وتؤكد ان درجاتها متدنية طوال العام الدراسي الى درجة انها وصلت الى اليأس. وتقول مروة انها بحاجة الى شرح واف من المدرسين، ثم ان "المناهج الدراسية تغيرت مما اضطرني الى اخذ دروس خصوصية". تاخذ مروة دروسا خصوصية، ثلاث مرات في الاسبوع، في المواد التي تقول ان شرحها في المدرسة غير واف. ومع ذلك تشعر مروة بقلق شديد مع اقتراب موعد الامتحانات النهائية. العائلة مسؤولة المدرس احمد عبد الصمد، يرى ان الدروس الخصوصية اسهمت بحل الكثير من المشاكل.
ويوضح ان "قسما من الطلبة يعانون من ضعف في مستواهم الدراسي لان اباؤهم لم يتابعوهم في المراحل الابتدائية، او انهم لا يحظون حاليا بمتابعة، ما يضطر عائلات الى اللجوء لمدرس خصوصي يهتم بتدريس ابنائهم الضعفاء". ويحمل عبد الصمد المسؤولية كاملة على الطلبة وأولياء امورهم. وقال ان "لو ان الطالب يهتم بدروسه ويتابعها اولا بأول، ويقوم بمراجعتها يوميا دون ان يتأخر، ويبتعد عن وسائل اللهو من انترنت وكومبيوتر وآي باد وقلل من مشاهدة التلفزيون، لكان حاله افضل بكثير". مثل التجارة وراى ان العائلة تتحمل جزءا من التقصير تجاه ابنائها، اذ عليها متابعتهم، وتشخيص مواطن ضعفهم، ودفعهم نحو النجاح بشتى الوسائل الترغيبية، وتهيئة الاجواء الدراسية الصحيحة في البيت. لكن عبد الصمد يقول ايضا "لو كان المدرسون حريصون من جانبهم على اداء واجبهم بكل مسؤولية ودقة في شرح المادة العلمية لما احتاج الطالب لدروس خصوصية".
أم حسن تقول ان ابنتها في الصف الثالث المتوسط، وتؤكد ان عائلتهم "ليست متمكنة من الناحية المادية"، حتى تستطيع توفير مبالغ الدروس الخصوصية. وتقول "اصبح التعليم مثل التجارة. انا بعت بعض أثاث البيت حتى اوفر ثمن الدروس الخصوصية لابنتي". خلايا مال علياء عبد الرحمن، ناشطة، تقول ان "بعض المدرسين مع الاسف يتعمدون عدم الاهتمام بايصال المعلومة للطلبة ولا يقومون بواجبهم بتوضيح الدروس ما يجعل الطلبة في حيرة من امرهم". وتقول علياء ان سبب اداء المدرسين هذا "هدفه اجبار الطلاب على اخذ دروس خصوصية يعطيها المدرس لمجموعة من الطلبة في مادة معينة". وتقول ان هذا يجعل من بعض المدرسين "يشكلون خلايا طلابية يجنون من خلالها الملايين في السنة الواحدة، وخلال سنوات معدودة يصبح المدرس ملونيرا". 40 % التربوي اسامة حميد يؤكد أنه لا توجد احصاءات دقيقة في الوقت الحاضر توضح مدى اتساع ظاهرة الدروس الخصوصية، لكنه يخمن أن حوالي اربعين بالمائة من الطلاب يتبعون الدروس الخصوصية في العراق، وأن حوالي 30 بالمائة من الطلاب والطالبات يتمنون متابعتها، لكن قدرات عائلاتهم المالية لا تسمح، لذا فهم يواصلون تعليمهم بجهودهم الخاصة. خياران ابو مصطفى يقول لـ"العالم" ان "تكاليف الدروس الخصوصية كبيرة جدا. لقد اصبحت تؤرقنا. وتجعلنا أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما ان يشترك ابنائنا في التدريس الخصوصي او القبول بضعف مستوى الابناء الدراسي، وهنا فالرسوب هو النتيجة".
اضطرار أم سجى ربة بيت لم تقتنع يوما بجدوى التدريس الخصوصي، لكنها اضطرت، بسبب ان زملاء ابنها الطالب في الاعدادية، ياخذون دروسا خصوصية، ولان ابنها ضعيف في بعض الدروس ويجب تقوية مستواه الدراسي. حالة طوارئ أبو علي أب لطالبين أحدهما بالمرحلة الإعدادية والثاني بالمرحلة المتوسطة، يقول انه وصل "الى حالة أصبحت فيها أكره موسم الدراسة بشكل كبير جدا، وكأنني أنا الطالب!". ويوضح ان في موسم الدراسة "يحدث انقلاب داخل البيت. فكل العائلة تدخل بحالة طوارئ قصوى من بداية العام الدراسي حتى نهايته".
وقال ان وقت لقاءه بولديه يضيق جدا "لارتباطهم بمواعيد الدروس الخصوصية بعد انتهاء اليوم الدراسي بالمدرسة، بالإضافة للأعباء المالية بسبب الدروس الخصوصية". وزارة التربية عضو لجنة التربية النيابية، النائب غيداء كمبش، قالت ان "الدورس الخصوصية تشويه لمعنى التعليم، لانها تؤدي الى ارباك من خلال تعمد البعض عدم ايصال مفردات الدروس للطلاب في مسعى واضح لدفعهم لطوابير الباحثين عن الشرح والتعليم الجيد من خلال محاضرات الدروس الخصوصية التي يكون ثمنها باهظ جدا". وانتقدت النائب "تحول الدروس الخصوصية الى اشبه بتجارة يتنامى نشاطها مع قرب الامتحانات النهائية من دون الالتفات لتاثيراتها السلبية". ودعت النائب غيداء وزارة التربية الى معالجة هذه الظاهرة بجدية، وتأمين حلول تسهم في تصحيح مسار العملية التعليمية، ورفع مستوى الطلاب العلمي.
https://telegram.me/buratha