ينظر مزارعون في ناحية سفوان العراقية الحدودية من بعيد إلى مزارعهم التي ضمت إلى الأراضي الكويتية وهم يعربون عن امتعاضهم جراء عدم تعويضهم على الرغم من مرور ما يقارب سبع عشرة سنة على مصادرتها، وفيما يحذر مجلس الناحية من أن يؤدي عدم تعويض الأهالي إلى تهجير عشرات الأسر وتعطيل مشاريع زراعية في حال تحريم المناطق القريبة من الأنبوب الحدودي الفاصل على المدنيين، يؤكد نواب عن محافظة البصرة أن البرلمان سيفعل ملف تعويض المتضررين جراء ترسيم الحدود.
الكويت صادرت 86 مزرعة من دون أي تعويضويقول عضو الجمعية الفلاحية في ناحية سفوان هلال نعمة في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الكويت صادرت 86 مزرعة كانت تقع في الناحية وضمتها إلى منطقة العبدلي الكويتية في العام 1994، ولم يحصل المزارعون الذين فقدوا مزارعهم على أي تعويضات حتى الآن"، مبيناً أن "المتضررين من جراء إعادة ترسيم الحدود يطالبون الحكومة العراقية بالإسراع بصرف تعويضات لهم".
ويؤكد نعمة أن "المزارعين قدموا طلبات إلى الحكومة المحلية في محافظة البصرة، التي تعهدت بتعويضهم بمزارع أخرى لكنها لم تفعل لأسباب غامضة"، مضيفاً أن "المزارعين لا يطالبون بتعويضات من الجانب الكويتي وإنما من حكومتهم لأنهم يرفضون بيع مزارعهم إلى الكويتيين"، بحسب قوله.
المزارعون لن ينسوا أرضهم المسلوبة أبداًمن جهته، يلفت المزارع فاخر مزعل وهو أحد المتضررين من عملية ترسيم الحدود إلى انه فقد مزرعتين متجاورتين في عملية ترسيم الحدود.
ويقول مزعل في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "هيئة الارتباط في منظمة الأمم المتحدة وافقت على منحنا تعويضات مالية خلال التسعينيات لكن النظام السابق رفض حينها ولم يسمح لنا بقبولها"، معتبراً أن "المزارعين المتضررين لن ينسوا مزارعهم التي سلبت منهم حتى وان حصلوا على تعويضات في المقابل".
تعويض لموسم واحد وتحذير من تهجير دائمفي السياق نفسه، يوضح رئيس المجلس البلدي في ناحية سفوان مناضل الجوراني أن "النظام السابق قام بتعويض المواطنين الذين فقدوا مزارعهم خلال تسعينيات القرن الماضي لموسم واحد فقط بعد تقديرها من قبل لجان زراعية، من دون أن يوفر لهم مزارع أخرى او تعويضات مالية تنسجم مع الخسائر التي تكبدوها".
ويؤكد الجوراني في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "المجلس البلدي سبق وان خاطب الجهات الرسمية للحصول منها على تعويضات لكن الملف لم يحسم لحد الآن"، ويوضح أن الحكومة العراقية تسعى في موازاة ذلك لـ"إقناع الكويت دبلوماسياً بتقليص مساحة حظر الأنشطة البشرية من 500 الى 200 متر عن الأنبوب المعدني الفاصل بهدف تقليل الأضرار".
ويحذر الجوراني من "تهجير عشرات الأسر وتجميد النشاط الزراعي في عدد من المزارع وتعطيل آبار نفطية في حال وافقت الحكومة العراقية على طلب نظيرتها الكويتية بتحديد مسافة 500 متر في محيط الأنبوب الحدودي الفاصل كأراض محرمة على المدنيين"، لافتاً الى ان "سكان قرية حدودية تدعى الخردة سيهجرون بالكامل من بيوتهم ان وافق العراق على تلبية مطلب الجانب الكويتي".
الكويت استقطعت أراض عراقية بعد عام 2003بدوره، يرى الشيخ محمد عبد حسين وهو أحد وجهاء الناحية في حديث لـ"السومرية نيوز"، ان "الكويت لم تتوقف عند مصادرة المزارع الحدودية عقب حرب الخليج الثانية، وانما استقطعت أراض عراقية أخرى وضمتها الى أراضيها بعد العام 2003"، مبيناً أن "مساحات واسعة خسرها العراق بعد أن وضعت الكويت في العام 2006 أنبوباً معدنياً فاصلاً يمتد على طول الحدود".
ويعتبر حسين أن "المزارع التي خسرها العراقيون كانت تضم آباراً ارتوازية وبيوتاً ومعدات زراعية"، مشدداً على أن "غالبية الذين فقدوا مزارعهم يعيشون حالياً على أراض لا تعود ملكيتها لهم".
البرلمان يعد بتفعيل ملف التعويضاتمن جهة أخرى، يؤكد النائب عن التحالف الوطني جواد البزوني أن مجلس النواب "سيفعل" قريباً ملف تعويض المزارعين الذين تضرروا من جراء عملية ترسيم الحدود بين العراق والكويت.
ويبين البزوني في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "المزارعين الذين تم الاستيلاء على مزارعهم أو منعوا من استغلالها لقربها من الأراضي الكويتية سيحصلون من الحكومة العراقية على تعويضات عادلة"، مؤكداً أن "هذه المشكلة أثرت كثيراً على الواقع الزراعي في الناحية التي يعاني سكانها بشدة من تفشي البطالة ونقص الخدمات".
وترتبط ناحية سفوان، نحو 65 كم غرب مدينة البصرة، بقضاء الزبير إداريا في محافظة البصرة، نحو 590 كم جنوب بغداد، وتحتوي الناحية التي تعيش فيها 60 ألف نسمة على منفذ بري هو الوحيد بين العراق والكويت، كما تشتهر بكثرة مقالع الحصى البدائية ومزارع الطماطم التي يعتمد ريها على المياه الجوفية كونها تقع ضمن نطاق البادية الجنوبية.
يذكر أن ملف الخلافات بين العراق والكويت على الحدود، يعود الى عام 1961 عندما قررت بريطانيا منح الاستقلال للكويت، وقد ورفض رئيس الوزراء الراحل عبد الكريم قاسم الاعتراف بذلك، ودعا إلى ضمها للبصرة، وعلى الرغم من اعتراف الحكومة العراقية التي سيطر عليها حزب البعث في عام 1963، باستقلال الكويت، الا ان الطاغية المقبور صدام حسين قرر في الثاني من آب عام 1990، غزو الكويت على خلفية مشاكل حدودية وصراعات حول الثروة النفطية، قبل أن تحرر عام 1991 بجهود عسكرية دولية.
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر في العام 1993 القرار رقم (833) الذي يقضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت، والتي يبلغ طولها 216 كم، عبر تشكيل لجنة دولية لترسيم الحدود، الأمر الذي رفضه النظام العراقي السابق في البداية، الا انه عاد ووافق عليه رسمياً أواخر عام 1994، عقب تعرضه لضغوط دولية، مما أدى الى استقطاع أراض عراقية من ناحيتي صفوان وأم قصر الحدوديتين، فضلاً عن تقليص مساحة المياه الإقليمية العراقية، وبعد الإطاحة بالنظام السابق دعا مسؤولون عراقيون الى إعادة النظر بترسيم الحدود مع الكويت.
https://telegram.me/buratha

