لاجئون يصلون إلى أوروبا
تواصل أكبر أزمة للاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية زعزعة استقرار المنطقة، لكن جميع التوقعات تدل على أن المراحل الأكثر حدة لهذه الأزمة ستضرب الدول الأوروبية في المستقبل.
وعلى خلفية تزايد التساؤلات حول مصير نظام شنغن وقدرته على مواجهة أزمة اللاجئين، أكد مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف أنه من المتوقع أن يصل حوالي 1.5 مليون لاجئ إلى أوروبا أثناء عام 2016 إضافة إلى مليون لاجئ تدفقوا إلى المنطقة عام 2015.
وأشار تشيجوف في مقابلة مع قناة "روسيا 1" الخميس 28 يناير/كانون الثاني إلى أن عددا من الدول الأوروبية قد فرض إجراءات رقابة مشددة على الحدود لمدة شهرين وفقا لقواعد نظام شنغن، لافتا في الوقت ذاته إلى أنها تنص على إمكانية تمديد هذه الإجراءات لعام و10 أشهر إضافية في حالات استثنائية.
وردا على سؤال حول احتمالات إبطال نظام شنغن قال تشيجوف إن الحديث عن ذلك لا يدور حاليا على المستوى الرسمي، لا سيما في ظل غياب القواعد المحددة قانونيا والخاصة بهذه العملية.
وجاءت هذه التصريحات بالتزامن مع اتخاذ الدول الأوروبية تدابير غير مسبوقة أثار بعضها أصداء كبيرة في المجتمع الدولي وتهدف إلى تحديد أعداد المهاجرين الساعين للتسلل إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
ومن بين هذه الإجراءات تبني البرلمان الدنماركي الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني مجموعة من القوانين، التي تهدف لثني اللاجئين عن طلب اللجوء في البلاد، تشمل مصادرة مقتنياتهم الثمينة واستخدام قيمتها للإنفاق على إقامتهم.
وبعد مرور يوم فقط أقرت السلطات الألمانية مشروع قانون يسهل عملية ترحيل أشخاص يحملون جنسيات أجنبية بعد إدانتهم بحكم نهائي في جرائم تهدد حياة الإنسان والسلامة الجسدية وجرائم ذات طابع جنسي وجرائم ضد الممتلكات، وأيضا مقاومة عناصر قوى الأمن، وذلك بغض النظر عما إذا كان الحكم فعليا أم مع إيقاف التنفيذ.
وفي نفس اليوم منعت سلطات مقدونيا اللاجئين من المرور عبر أراضيها إلى وسط أوروبا، حيث بقي نحو 2600 لاجئ عالقين في الجانب اليوناني من الحدود.
أما الحالة الأكثر تعقيدا فتمر بها اليونان التي تواجه ضغطا شديدا من قبل الاتحاد الأوروبي الذي بدأ باستخدام جميع الوسائل المطروحة لوقف تدفق اللاجئين إلى دوله المركزية.
وفي هذا السياق نقلت وسائل إعلام أوروبية أن كلا من ألمانيا والنمسا وبلجيكا والدنمارك أمهلت في اجتماع لوزراء الداخلية للاتحاد الأوروبي عقد الاثنين 25 يناير/كانون الثاني في العاصمة الهولندية أمستردام، أمهلت أثينا مدة 6 أسابيع لتقليص تدفق اللاجئين عبر حدودها وهددت في حال عدم تنفيذ ذلك بفصل اليونان عن منطقة شنغن لسنتين.
وفي يوم التالي بعد هذا الاجتماع أعلنت اليونان على لسان وزير الهجرة يانيس موزالاس موافقتها على اقتراح جاء من وزير الداخلية البلجيكي بإنشاء مراكز جديدة لإيواء اللاجئين تتسع لـ400 ألف لاجئ في أثينا حتى أواخر فبراير/شباط القادم.
من جهة أخرى يبدو أن الاتحاد الأوروبي يحاول تشجيع السلطات اليونانية على اتخاذ التدابير الأكثر فعالية الخاصة بمنع اللاجئين من الوصول إلى عمق أوروبا من خلال الوعود بتحسين الأوضاع المالية في البلاد، وفي هذا الخصوص سربت وسائل إعلام يونانية مؤخرا معلومات عن اقتراح قدمه الاتحاد الأوروبي لليونان بشطب جزء ملموس من ديونها مقابل استضافة أعداد أكبر من اللاجئين.
وجدير بالذكر أن القادة الأوروبيين قد قدموا سابقا مساعدات مالية للدول المستضيفة للاجئين مقابل عدم سماحها لهم بعبور حدود هذه الدول باتجاه عمق أوروبا، وعلى سبيل المثال خصص الاتحاد الأوروبي في 12 نوفمبر/تشرين الثاني ثلاثة مليارات يورو لتركيا.
بغض النظر عن تكثيف الاتحاد الأوروبي جهوده الرامية إلى وضع حد لأزمة اللاجئين الحالية، من الواضح أن الإجراءات العشوائية وغير المنسقة التي تتخذها الدول الأوروبية غير قادرة على تحقيق هذه المهمة.
وتشير طبيعة هذه الإجراءات إلى أن جميع الدعوات إلى التخلي عن التركيز على المصالح الخاصة والتوحد الحقيقي من أجل وضع خطة شاملة لحل هذه القضية الساخنة التي قد تدمر، برأي العديد من الخبراء والسياسيين، الاتحاد الأوروبي، لم تلق حتى الآن آذانا صاغية من قبل رؤساء المنطقة.
https://telegram.me/buratha