بلغت العلاقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسلفه عبدالله غل، رفيق دربه وشريكه في تأسيس حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، مرحلة صدامٍ علني تُعتبر سابقة، بعدما وصف أردوغان غُل في شكل غير مباشر بأنه "جبان وخائن ومتمسك بمصالحه الشخصية في السياسة".
جاء ذلك رداً على نصيحة قدّمها الرئيس التركي السابق للحكومة، بضرورة "إعادة النظر في السياسة الخارجية لتركيا، خصوصاً في ما يتعلق بمصر وسورية، من أجل عودة تركيا إلى دورها المحوري في المنطقة، بوصفها دولة وسيطة وراعية سلام".
كلام الرئيس السابق ورد خلال إفطار أعدته جمعية "الصداقة" التركية ودعت إليه "الصديقين" أردوغان وغل، وتحدث الأخير أولاً، طارحاً نصائح بلغة ديبلوماسية وجّهها للحكومة، اذ قال "مفيد أن نراجع سياستنا في الشرق الأوسط والعالم العربي، عبر مقاربة أكثر واقعية، يُتوقع حصول تطوّر كبير في المنطقة، وإذا حدثت فوضى كبرى، قد نواجه مفاجآت لا نتوقعها".
واعتبر غُل أن على تركيا أن تعود مصدر "إلهام" للمنطقة، وأن تطوّر علاقاتها مع كل الدول، بما فيها مصر، وزاد: "علينا أن ندرك قيمة بلادنا، وكلّما تواصل الناس بعضهم مع بعض، كان هناك حوار مفتوح".
ثم صعد أردوغان إلى المنبر رافضاً نصيحة سلفه بشكل قاطع، ومعتبراً أن "الأساس في سياسات الدول الكبرى، هو الثبات وعدم التغيير". وتطرّق إلى مسيرته السياسية قائلاً: "تركنا وراءنا الخونة والجبناء والمترددين والمتمسكين بمصالحهم الشخصية في عالم السياسة، وأكملنا طريقنا السياسي من دون تغيير، أما هم فباتوا الآن خارج السياسة".
وكان لهذه الكلمات وقع قنبلة على الحضور الذين انتبهوا إلى توتر الأجواء في القاعة، ومن خلال هذه المواجهة بين الرجلين، يبدو واضحاً رفض أردوغان أي تغيير في السياسة الخارجية لأنقرة، ما سينعكس على جهود تشكيل الحكومة الجديدة.
فمع تزايد أصوات الساسة والإعلاميين المقربين من رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، على ضرورة تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري، سرّب أردوغان عبر مقربين منه، أن على داود أوغلو أن يشارك حزب الحركة القومية في حكومة موقتة لا يزيد عمرها عن سنة، تمهِّد لانتخابات مبكرة، إذ أن جدول أعمالها لن يتضمّن تغيير سياسات كثيرة.
في غضون ذلك، أعلن حزب العمال الكردستاني تجميد وقف النار الذي بدأه قبل نحو سنتين ونصف، مشيراً إلى تزايد هجمات الجيش على مواقعه في الشهرين الأخيرين.
وأشار في بيان إلى أنه سيرد على هجمات الجيش التركي، مُستهدفاً مواقع تشييد السدود في جنوب شرقي تركيا، والتي اعتبر أن الهدف منها هو تهجير القرى الكردية، لا الحاجة إلى الطاقة كما تعلن الحكومة.
ويراهن أردوغان على أن حكومة عمرها قصير، تعمل مع القوميين، ستؤدي إلى تراجع في أصواتهم لمصلحة حزبه، كما أن عودة القتال بين الجيش والكردستاني ستؤثر سلباً في أصوات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، لمصلحة الحزب الحاكم، ما يعزّز فرص حزب أردوغان للتفرّد بالحكم مجدداً، ولو بأقلية بسيطة تحول دون أي شراكة مع أحزاب المعارضة.
https://telegram.me/buratha