الصفحة الاقتصادية

كيف بدأت مصالح الأثرياء تقتل الديمقراطية الأمريكية؟!

2205 09:57:55 2014-05-05

تواجه الديمقراطية الأمريكية تهديدا ماثلا وحقيقيا. فقوة المال تطغى على سلطة ما تفرزه صناديق الاقتراع في التأثير على قرارات الحكومة. وفي الوقت الذي لا تعد هذه الخلاصة أمرا جديدا عندما يتعلق الأمر بالسياسة، لكن علماء الاجتماع باتوا يحصلون الآن على أدلة ملموسة على الأضرار التي تتسبب فيها هذه المعطيات. ولطالما بررت المحكمة العليا قرارات تتعلق بتمويل الانتخابات والحملات والمنظمات المستقلة بروح الدستور قائلة إن هناك موانع دستورية، ولطالما أيضا وجدت تلك المنظمات المستقلة أساليب جديدة في التأثير على السياسيين، ولكن لطالما أيضا اعتبر المعارضون لأي إصلاح في هذا المجال أنّه ليس هناك أفضل مما هو معمول به حاليا، ففي النهاية فإنّ هذا جزء من التقاليد السياسية والجمهورية تمضي قدما في نهاية الأمر. لكن تبريراتهم تتجاهل التداعيات المريعة التي يخلفها المال الخاص في نظامنا الديمقراطي. فالمعارضون للإصلاح يغضون الطرف على دليل واضح وقوي على كيف يمكن لأمة أن تنشئ ساحة لعب غير متكافئة، تتسبب في ترك الكثير من المواطنين على هامش سلطة القرار حتى ولو استفادوا إلى أقصى مدى واقعيا بحقهم الثمين في التصويت والاقتراع . فسياسات مثل نظام الضرائب في الولايات المتحدة وغيرها موضوع لمصلحة الأكثر ثراء، مما يزيد من تعميق الهوة بما يجعلها أشبه بحلقة مفرغة لا تقوى الأمة على الخروج منها. ومثلما قالت الكاتبة إليزابيث وارن فإنّ كلمة كبار البنوك كانت الأعلى صوتا عندما كان الكونغرس يناقش أزمة عام 2008. وغني عن القول إنّ تسلط المال وتأثيره لا يشجع الناس على الممارسة السياسية. لكن التداعيات أسوأ مما نتصور. وفي بحث أكاديمي مثير، قال عالما السياسة مارتن جيلنس وبنجامين بيج إنهما خلصا إلى أنه نتيجة لخطأ في العملية السياسية فإنّ أثرياء الأمريكيين كان لهم تأثير غير متناسب في سياسات القطاع العمومي التي تقررها الحكومات. فالمواطن العادي له كلمته فقط عندما يكون على اتفاق مع الأثرياء وإذا لم يكن كذلك فلا أهمية له. واعتمادا على معلومات تتعلق بتوجهات الرأي العام ودراسة شملت 1779 بادرة سياسية على مدى 20 عاما، خلص العالمان إلى أنّ غالبية من الأمريكيين إما ليس لهم تأثير بالمرة أو أن تأثيرهم يكاد لا يرى في نوع السياسات التي تنتجها الحكومات "وعندما لا تتوافق غالبية من المواطنين مع النخبة الاقتصادية أو المصالح المنظمة فإنّ الغالبية تخسر" فسبب الأسلوب الذي يعمل به نظامنا، يكون لمصالح الأثرياء القدرة على تجميد أي تغيير يتعارض مع تلك المصالح. ووفقا للعالمين فإنّ احتمال تأثير مصالح الأثرياء على المشرعين فيما يتعلق مثلا بنظام الضرائب أقوى 15 مرة من تأثير المواطن العادي. كان ذلك تراكما لعدة تغييرات حدثت على مدى عقود طويلة، وخاصة منذ سبعينيات القرن الماضي عندما توسّع دور الحكومة المركزية، لاسيما مع التوصل لأساليب معقدة في إنشاء اللوبيات ومراكز الدعم وحملات التبرع. وخلال العقود القليلة التي تلت ذلك، كانت النتيجة قرارات من الكونغرس مثل عمليات اقتطاع الضرائب بما خدم الأثرياء وخاصة منذ زمن رونالد ريغن، فضلا عن قرارات اقتصادية دعمت مصالحهم مثل تحرير القطاع المالي في عقد التسعينيات. في نفس الوقت الذي كانت مصالح الأثرياء متأهبة للدفاع عن نفسها إزاء القرارات التي أعقبت فضيحة ووترغيت، لجأ الرئيسان جورج بوش وباراك أوباما، على اختلاف حزبيهما، إلى رفض نظام التمويل الانتخابي المعلن والذي يفرض عليهما الالتزام بسقف إنفاق. لقد توصلت الأحزاب السياسية إلى آليات جديدة مثل "المال السوفت" للالتفاف على القوانين، فيما فككت المحكمة العليا إصلاحات عام 1974 في سلسلة قرارات تاريخية. وكان من آثار ذلك أن المصالح السياسية الواقعة تحت تأثير مصالح الأثرياء والممولين، عمّقت من هوة عدم التكافئ الاقتصادي والذي أصبح إحدى سمات العصر الحديث. وبالنسبة إلى التبريرات التي تتحدث عن حرية التعبير والحاجة إلى التنافس، ينبغي أن نلقي نظرة فاحصة على النظام السياسي الذي لا تجد غالبية الأمريكيين صدى لصوتها في كيفية سيره ولاسيما عندما تكون هناك إفرازات العملية السياسية تحيد إلى جانب فئات من الأمة قادرة على الدفع لتلعب. وهناك حلول قانونية وسياسية لكل هذه الأمور وحتى ذلك الحين، فإنّ هذين العالمين أظهرا لنا كيف أنّ الأمة بصدد السماح للمال بأن يقتطع شيئا فشيئا الديمقراطية التي بنتها الولايات المتحدة الأمريكية. CNN 25/5/140505
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك