اعتبرت فتواه الاخيرة امرا خطيرا للغاية وخروجا على سياسات الحكم والملك وهو ولي الامر وانها تاتي في اطار عرقلة مسيرة التنمية والانفتاح التي يجريها الملك عبد الله بن عبد العزيز في المملكة وداعمة لتهديدات القاعدة بهدم الجامعة المختلطة التي امر الملك باشائها وافتتاحها في وقت سابق .
وبهذا الصدد اتهم الملك عبد الله و اطراف في العائلة السعودية الحاكمة وامراء سعوديون البراك بان فتواه جائت داعمة و متزامنة ومتوافقة مع منهج القاعدة الارهابي والذي هدد بهدم جامعة الملك عبد الله المختلطة للعلوم والتكنلوجيا على رؤوس من شيدوها وكانت القاعدة وعلى لسان احد الارهابين في تنظيم القاعدة وفي رسالة بثها بعد اعلان تاسيس الجامعة المختلطة والملقب بأبويحيى الليبي اعتبر فيها ان الجامعة الملكية المختلطة "كاوست،" أنها " وهي أول جامعة مختلطة في المملكة وانها "أخبث شجرة تغرس في تلك الأرض على الإطلاق وقال " سترون جناها الخبيث في بضع سنين، واضاف ان وجود المدارس الأجنبية التي وصفها بأنها " تبشيرية وأدهى وسائل التنصير والتغريب."وهدد الليبي وقتها بتدمير تلك الجامعة قائلا بهذا االخصوص " ان فضريح الأحياء الذي أنشأ في جدة ليس له إلا الهدم، ولن يوقفه جريان الأقلام ولا طول الكلام، ولا عتابٌ ولا ملام، فلا يصلح لقطع شره، وصيانة الجيل من عفنه إلا ما صنع خير البشر " صلى الله عليه وسلم" بمسجد الضرار مأوى الأشرار، حينما أمر بأن يسعر بالنار." وهو مايتوافق فتوى البراك الاخيرة .
واعتبرت فتوى عبد الرحمن بن ناصر البراك الاخيرة جائت لتشرع تلك التهديدات الصادرة من تنظيم القاعدة حسب ما جاء في رد الملك عبد الله الغاضب حينما اطلع والمسؤولين في المملكة على تلك الفتوى التي وصفت بغير محلها وانها من جملة الفتاوى المنفلتة .
البراك قال في فتواه الاخيرة وما اعتبره الملك مس شخصي به " فإن الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم ـ وهو المنشود للعصرانيين ـ حرامٌ؛ لأنه يتضمن النظر الحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام بين الرجال والنساء، وكل ذلك طريق إلى ما بعده
والباعث للعصرانيين الداعين إلى هذا الاختلاط أمران: لأول: النزعة إلى حياة الغرب الكافر، فعقولهم مستغرِبة، ويريدون تغريب الأمة؛ بل يريدون فرض هذا التغريب. الثاني: اتباع الشهوات، قال تعالى: ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا))
ومن استحل هذا الاختلاط ـ وإن أدى إلى هذه المحرمات ـ فهو مستحل لهذه المحرمات, ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتدا ، فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فإن رجع وإلا وجب قتله ، والأصل في ذلك أن من جحد معلوما من دين الإسلام بالضرورة كفر لأنه مكذب أو غير ملتزم بأحكام الشريعة ، وهذا مقرر ومعروف عند علماء الإسلام، أعني تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء على الوجه المذكور، ومضى العمل بعدم الاختلاط عند المسلمين في جميع القرون حتى استولى الكفار من اليهود والنصارى على كثير من البلاد الإسلامية ، وهو ما يسمى بالاستعمار، وكان تغريب المرأة وحملها على التمرد على أحكام الإسلام وآدابه باسم تحرير المرأة هو أهمَ وسيلة اتخذوها لتغيير مجتمعات المسلمين وتغريبها ، ونشر فاحشة الزنا فيها، من خلال مؤسسات الفجور كدور السينما وبيوت الرقص والغناء.
البراك وصف الاختلاط الجامعي والذي الذي يسمح لابنته وزوجته بالدراسة او العمل في اي مكان فيه رجال بالدياثة في اشارة الى الجامعات المختلطة ومنها جامعة الملك للعلوم والتكنلوجيا وقال فيي فتواه " ومما يحسن التنبيه إليه أن كل من رضي بعمل ابنته أو أخته أو زوجته مع الرجال أو بالدراسة المختلطة فهو قليل الغيرة على عرضه، وهذا نوع من الدياثة، لأنه بذلك يرضى بنظر الرجال الأجانب إليها، وغير ذلك مما يجر إليه الاختلاط." والقول دائما لعبد الرحمن بن ناصر البراك في 8 ربيع الأول1431هـ .
البراك وفتواه بتحريم وتكفير من يدعم الاختلاط اوقع الحكم في المملكة والملك عبد الله خصوصا في حالة حرج شديدة وكان الملك عبد الله قد اقال في تشرين الأول الماضي،الشيخ سعد الشثري وهو رجل دين بارز في المملكة انتقد علنا مشروع جامعة الملك المختلطة "كاوست" واقاله من مهام عمله كعضو في هيئة كبار العلماء والعضو المتفرغ في اللجنة الدائمة للبحوث والفتوى المتفرعة من الهيئة،" وقالت وقتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن العاهل السعودي أعفى في "مرسوم ملكي الشيخ سعد الشثري من مناصبه . ويقول المراقبون للشان السعودي ان الحيرة في ان البراك لا يمتلك منصبا الا ان له نفوذ واسع عند الغالبية المتطرفة في المملكة مما سيجعل التيارين الحاكم والوهابي في صدام متوقع لان هذه الفتاوى قد خرجت عن الانضباط واصبحت تحرض على تكفير الدولة والملك وسياساته .
وعلى الصعيد ذاته اشتعلت حرب كلامية بين اطراف هم شخصيات بارزة بين علماء الوهابية في المملكة وهناك من يقف بالضد منها لانها تمس الذات الملكية وشرائح واسعة في المجتمع السعودي ومن انصار ذلك الشيخ أحمد الغامدي، مدير "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بمنطقة مكة ومنهم من يقف مع البراك وضد مشاريع الملك عبد الله الانفتاحية ، وكان الغامدي قد ناقش موضوع الفتوى و الاختلاط ونشر ذلك في صفحات الصحف والمواقع الالكترونية وأجازه معتبراً أنه "كان أمرا طبيعيا في حياة الأمة ومجتمعاتها." واعتبر الغامدي فتوى البراك بحرمة الاختلاط بانها غير صحيحة وغير واقعية قائلا ان الاختلاط "يعيشونه واقعا في بيوتهم، التي تمتلئ بالخدم من النساء اللواتي يخدمن فيها، وهي مليئة بالرجال الغرباء، وهذا من التناقض المذموم شرعا"، واصفا القائلين بتحريم الاختلاط بأنهم "قلة لم يتأملوا أدلة جوازه، وهم من المفتئتين على الشارع أو المبتدعين على الدين." في اشارة الى ان هذه الفتوى تمس الذات الملكية وانها تشمل الملايين ممن لديهم خدم وحشم اجانب فضلا عن وجود اغلب ابناء وبنات العائلة الحاكمة في جامعات ومؤسسات في الداخل والخارج اضافة الى ما طرح يقف بالضد من توجهات الملك فهو من شجع ودعم افتتاح جامعة مختلطة في المملكة .
ووصف "الغامدي" تداول البراك ى بشكل واسع بانه امر غريب فهي لا تستحق الالتفات بحسب رأيه ، وقال " يمكن تكون مقصودة لتهيج الناس لأن أصحاب الأفكار لديهم أفكار نظرية مؤامرات يريدون فقط إشاعة جملة من الفتاوى لترسخ في أذهان الناس أن هذا الأمر يصل لهذا الحد ، ولكن بأساليب في الكلام " .
وكانت تصريحات الغامدي قد أثارت ردوداً عنيفة من بعض التيارات المحافظة والمؤيدة لفتوى البراك ،وابرز الردود على الغامدي جائت من قبل الشيخ الوهابي محمد المنجد ردا على ما جاء به الغامدي معتبراً أن ما جاء به "افتراء على الشريعة،" كما انه اضاف كان للشيخ عبد الرحمن الأطرم مواقف مماثلة لما افتى به البراك رغم مساس تلك الفتوى بالملك عبد الله شخصيا وكل الامراء السعوديين .
مصادر مطلعة ومقربة من العائلة الحاكمة في السعودية سربت ان الملك والحكومة غاضبة للغاية وانها بصدد دراسة قرارات عاجلة تحد من هذا الانفلات في الفتاوى التي وصفت بانها محاربة للاسلام والدين وانها اصبحت تكفر الملك والعائلة الحاكمة صراحة وعلانية وطلب الملك من المستشارين تشريع قانون سريع يعتبر مثل هكذا فتاوى بمثابة حرب ضد ولاة الامر في المملكة وهي معرقلة لمشروعها في بناء الدولة الحديثة وتطويرها وقد يصل الامر الى الحجر على البراك ومن يؤيدوه ومن يفتي بذات الفتاوى وامثالها من العلماء باعتبارهم مهددين لامن المملكة .
احمد مهدي الياسري
https://telegram.me/buratha