اليمن

عباس الألماس ..!

2404 2022-04-11

عبدالملك سام ||

 

منذ متى أعرف عباس ؟ منذ أن كنا صغارا نلعب في طرقات الحي .. طبعا الحديث هنا ليس من باب إجترار الذكريات ، وأعرف أن هناك من سيقول لي غاضبا وما شأني بك أنت وصديقك عباس ؟! لحظة لو سمحت لي يا عزيزي ، الموضوع خطر لي عندما أستمعت لمحاضرة السيد القائد عن الصبر ، فلنحاول أن نكون صبورين هنا ..

أنا وعباس تفرقنا مع الأيام وإنشغالنا بالحياة ، ولم يكن يخطر ببالي أن العدوان سيجمعنا .. جاء عباس في وقت كنت فيه أبحث عمن يعينني ، ففي بداية العدوان كان العمل الإعلامي مرهقا جدا ، وكنا نقضي ساعات طوال في العمل في ظل شحة الإمكانيات شبه المعدومة ، وكان من الصعوبة بمكان لدرجة أننا كنا أشبه بالخفافيش نسهر الليل حتى وقت متأخر في الإعداد والنشر والمتابعة ، وبفضل الله واجهنا الأعداء وهزمناهم رغم ما يمتلكونه من إمكانيات رهيبة بما يشبه المعجزة .

جاء عباس - المبتسم دوما - في طريقي ، وكان ما يزال يعاني من كدمات وتعب بعد عودته من إحدى الدورات القتالية ، وكانت حالته يرثى لها فجسمه النحيل الذي يشبه جسم (أنوبيس) - إله الدفن عند الفراعنة - جعل من الصعب عليه أن يصمد في أي جبهة قتال ، هكذا أخبروه هناك ، وهكذا قالوا له هنا . ولكن عباس لديه إحساس بالمسئولية ، وضميره حي ، لذلك كان من المستحيل أن يكتفي بمشاهدة ما يحدث لوطنه وشعبه ولا يفعل شيئا .. كان يبحث عن موطئ قدم ليتحرك ، وفعلا عملنا معا منذ ذلك الحين .

عباس ليس لديه وظيفة ، وكان إرثه من أبيه أن تحمل مسؤولية جماعة من النساء ، وهو مثل معظم اليمنيين يبدأ يومه بالبحث عن الخبز والماء ، ويقف في طوابير الغاز ، وفي جيبه حفنة من الفواتير المستحقة الدفع ! وقد جعل العدوان والحصار مهمته تشبه إحدى الأساطير الأغريقية . ولكن عباس ظل واقفا رغم كل ما يحدث له ، بل والمعاناة جعلته أكثر إصرارا وصبرا وتحملا للمسئولية . صبر في الوقت الذي لم يتحمل غيره كل هذه الصعاب ، وحتى أنا كنت - وما زلت - أستمد منه الصبر إذا ما شعرت بالتعب .

رفاقنا القدامى البعض منهم أصبح عملهم رسمي يتقاضون منه حاجتهم ، وهؤلاء غالبا ما عادوا يردون على إتصالاتنا ! والبعض الآخر ترك العمل الجهادي بحثا عن لقمة العيش .. أما عباس فلم يتغير ، ولم يفتر صبره رغم كل الظروف ، وكأنه حجر ألماس يزداد لمعانا كلما أحاط به الفحم .. أحيانا كانت الظروف تزداد صعوبة فأتوقع منه أن ينهار ، وكنت أحمل له العذر في ذلك ، ولكنه لم يفعل ! لم يتوقف ولو يوما واحدا حتى عندما يقعده المرض . بل وكان يقول لي أنه يشعر بالتقصير وهو يرى الأبطال وما يسطرونه من بطولات في جبهات القتال ! وفي داخلي كنت أزداد إعجابا بحجر الألماس هذا ..

ما أريد قوله هو أن لدينا ألآف من عباس في بلدنا ، وبهؤلاء الذين يعيشون الصبر في أعظم صوره سننتصر .. وأقسم لكم أننا سننتصر ؛ فصبرنا لن يضيع سدى طالما نحن نتحرك ونصبر ، وطالما عدونا يراهن على نفاذ صبرنا بما يفعله بنا . نحن محظوظون بصبرنا ووعينا لأننا بهذا صرنا مع الله الذي يحب الصابرين ، وأنا محظوظ بأن لي رفاقا كعباس الذي جعلني أدمن الصبر مثله حتى يفرجها الله .. فأصبروا وصابروا ، وأجعلوا من صبركم ذخرا بغير حساب وبدون شروط ، فالغد أجمل بإذن الله ، وألا يكفينا أن الله يقول (وبشر الصابرين) ؟!

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك