أرقام هواتف لجنة مكافحة الفساد المالي والإداري وعناوين لجنة النزاهة وصندوق الشكاوى والخطوط الساخنة وغيرها، منتشرة في كل دائرة رسمية وشبه رسمية في العراق،فما أن تدخل دائرة ما حتى تواجهك هذه الإعلانات، حتى لتشعر بأنه وباء استشرى في مفاصل الدولة ولم يعد ينفع معه شيء.في مبنى دوائر الأحوال المدنية في البصرة تطالعك عبارة «بلغ الضابط المختص عن أي محاولة لابتزازك» أو لوحات كتب عليها الحديث النبوي الشريف «الراشي والمرتشي في النار» أو عبارة الخطوط الساخنة .. لكنك ستُسمى بطلا ابن بطل إذا تمكنت من استحصال هوية الأحوال الشخصية لمولود جديد، أو استطعت الحصول على بدل ضائع لجنسيتك المفقودة، بجهودك الشخصية في بحر الشهر أو الشهرين، أما إذا كانت لديك معاملة في دائرة شهادة الجنسية فلصا تتعب نفسك بالذهاب لموظف، ما عليك سوى أن تسمع نصيحة المعقب أو «العرضحالجي» الذي يجلس بكرسيه «الفقير» أمام المبنى، فهو الذي بيده مفاتيح كل شيء.
المحافظ يؤكد الفساد قبل أسبوع دعا محافظ البصرة شلتاغ عبود المياح، خلال مؤتمر عقدته هيئة نزاهة البصرة، إلى وضع خطط فعالة لمكافحة استشراء آفة الفساد في جميع المؤسسات.وذكر بيان لاعلام المحافظة ان المحافظ أكد ضرورة تكاتف الأيادي، وتشخيص الظواهر السلبية، وكشفها، ووضع البرامج والتدابير لمعالجتها من خلال التكنولوجيا الحديثة. وأضاف «ان مكافحة الآفة تتطلب وضع الخطط واتخاذ التدابير الوقائية والعقابية».ويجمل القادة المحليون الكثير من أوضاع المدينة السيئة، لكن قضية الكهرباء التي طفحت مؤخرا كشفت بعض المستور. القادة الأمنيون يقولون ان أوضاع المدينة الأمنية معقولة، وما يحدث فيها يحدث في معظم المدن الكبيرة، لكن ما تفصح عنه بيانات الشرطة شبه اليومية أقل بكثير مما يحدث فعلا، ومن يضطر لمراجعة احد المستشفيات أو مراكز الشرطة لحادث ما، سيجد أن الكثير من قضايا السلب والقتل والسرقة تسكت عنها السلطات.
اخترقت الرصاصة كليته يقول أبو كرار (45 سنة)، صاحب محل في ضاحية الجزائر: إن عصابة للقتل والسلب قتلت ابنه بمسدس كاتم للصوت، وأن الرصاصة اخترقت بطنه بما فيها إحدى كليتيه، وان سيارته (تويوتا حديثة) سلبت منه في وضح النهار، فيما يؤكد صلاح فاضل سائق سيارة أجرة أن أحدهم (يحمل مسدسا) أوقف سائق سيارة بيضاء، حديثة أيضا، وانزله منها، بعد أن ضربه بعقب مسدسه، والحادث وقع على مبعدة أمتار من حراس مدخل القصور الرئاسية بالبراضعية.ويحصي الشرطي «ب.ق.م» الذي يعمل حارسا في سجن التسفيرات بالمعقل، عدد المساجين فيه فيقول انهم أكثر من 800، بينهم من حكم عليه بأكثر من 100سنة، للجرائم المجتمعة التي ارتكبها، لكنه يضيف: دخول السجن لا يعني الاستقرار فيه إلى ما لا نهاية، حتى للمحكومين بالمؤبد. هناك رشاوى واتاوات، وهناك من القضاة والضباط والجنود والحراس من يخاف على روحه منهم، لأنهم يتمكنون من الاتصال بذويهم عبر الهواتف النقالة.
ويتساءل المواطن عن أي أمن تتحدث السلطات الأمنية؟ وعن أي فساد يتحدث المحافظ؟ وعن أي مشاريع للاستثمار تتحدث الحكومة المحلية؟ وما فائدة لوحات الهواتف الساخنة إذا كان حجم الفساد بهذا الحجم؟ وبهذا يورد فؤاد عبد المعين رياح حكاية طريفة فيقول: قبل أن أدخل على ضابط الأحوال الشخصية في أبي الخصيب، طالبا الحصول على وثيقة (قيد دار) قرأت عبارة «أخي المواطن ساعدنا بالكشف على الفساد عبر الهواتف التالية ...»، وحين عز حصولي عليها خرجت فتبعني أحدهم «عمي، تريد مساعدة؟» فعلمت أنه صاحب الخط الساخن هنا!وفي مركز شرطة صغير وسط المدينة يقول أحد الموقوفين بسبب حادث سير، الذي خرج توا، إن الملازم «و. أ» قال لي بالحرف الواحد: إذا ما تدفع ترى تخيس (أي تنام في التوقيف).
https://telegram.me/buratha