في ظل التصريحات المتشنجة لقياديي القائمة العراقية ، الذين ازدادوا اصرارا على الادعاء بحقهم في تشكيل الحكومة ، وخاصة بعد اصطفاف النظام السني الاقليمي معهم في " قمة استانبول "، الى الحد الذي بايعوا فيه انفسهم على تشكيل الحكومة كما ظهر جليا في تصريحاتهم صباح اليوم الاثنين في المؤتمر الصحفي ، في هذه الاجواء المحرضة على العنف ، استعرض البعثيون وتنظيم القاعدة لقدراتهم الارهابية واظهار قوتهم الضاربة ، بتنفيذ نحو 30 هجوماً ارهابيا على مواقع امنية ومدنية في «منطقة عمليات واسعة» ضربت العاصمة بغداد وامتدت جنوبا الى الحلة ، وشمالا الى الكوت والبصرة ، وتشعبت الى في الموصل التي ظلت نسبياً بمنأى عن الاستهداف ، مما ادى الى استشهاد اكثر 100شهيد واكثر من 270 جريحا حسب الاحصائيات الرسمية ، بينما تحدثت ارقام شهود العيان الى اكثر من ذلك بكثير وخاصة في تفجيرات الحلة والكوت والبصرة الدموية ، بخلاف سقوط 19 من منتسبي الاجهزة الامنية والجيش في العاصمة بغداد.
واكد مصدر امني رفيع لشبكة نهرين نت معلقا على سعة ودقة هذا العمل الارهابي ووصوله حتى مدينة البصرة الامنة قائلا : " ان هذه العمليات هي من تنفيذ جيش محترف وليست تنظيمات ارهابية ، وانها تدل على ان البعثيين والقاعدة باتوا يملكون قيادة عملياتية موحدة وانهم تمكنوا من بناء وحدات ارهابية في كل مكان وتصدر لهم الاوامر بشكل مركزي وبمهنية عسكرية ، مما يحتم على المسؤولين الاعتراف بان جيشا بعثيا من القوات الخاصة تم تشكيل بقيادة ضباط كبار من الحرس الجمهوري وبدعم خارجي وبامكانات مالية كبيرة جدا ".
واضاف : " ان سلسلة تفجيرات اليوم ، هو اعلان بدء نمط جديد من العمليات بامكانها الاستيلاء على مناطق كاملة دون مبالغة ، مالم تقم الحكومة بمصارحة الشعب واعلان حالة الطوارئئ وتشكيل فرق شعبية لتقديم الدعم في التفتيش والحماية ".
وما ذهب اليه هذا المصدر الامني الكبير ، يؤيده عدد كبير من العسكريين والسياسيين ، اذ يتفقون على ان سلسلة هذه الهجمات الارهابية ،تظهر موجة الهجمات المنسقة والمنفذة بطريقة احترافية، أن من يقف خلفها ليس تنظيماً صغيراً او حتى ميليشيا مسلحة، بل أشبه بجيش سري، استطاع ان يخترق الإجراءات الامنية المشددة ويشن الهجمات الثلاثين في خلال ساعات فقط، وهي بدأت فجراً بإطلاق نار من أسلحة كاتمة للصوت على نقاط الشرطة في العاصمة، لتنتقل بعدها إلى تفجير عبوات وسيارات وأحزمة ناسفة في الحلة والموصل والبصرة وغيرها من الانحاء من العراق.
وتأتي هذه الهجمات، مع الحملة الاعلامية والدبلوماسية التي تشنها القائمة العراقية لـ " اختطاف " المبادرة وخلق الاجواء التي " ترهب " الاخرين وتدفعهم الى التسليم لهم بتشكيل الحكومة ، والا فليختاروا مواجهة هذا " الجيش المنظم " الذي سيحقق هو معادلة الحسم الامني وبالتالي الحسم العسكري .
وأعلنت مصادر أمنية أن حصيلة اليوم الدموي بلغت 102 شهيد وإصابة حوالى بجراح 350 بجراح مختلفة بينها اصابات خطيرة ، وشهدت مدينة الحلة جنوب بغداد أعنف الهجمات، إذ استشهد 50 شخصاً، وجرح أكثر من 190، في ثلاثة تفجيرات استهدفت عمال مصنع نسيج كانوا ينهون نوبة عملهم.
وقال مصدر أمني إن «سيارتين انفجرتا في الوقت ذاته أثناء خروج عمال معمل نسيج الناعم في الحلة، تبعه انفجار ثالث شنه انتحاري استهدف رجال الإنقاذ الذين وصلوا إلى مكان الحادث»، ما أسفر عن استشهاد 45 شخصاً، وإصابة 140. وقال مصدر أمني آخر إن الهجمات الثلاثة شنها انتحاريون. وهاجم أقارب الضحايا الذين سيطر عليهم الحزن والغضب مستشفى محلياً لأخذ المصابين وجثث القتلى.
وسبق انفجارات الحلة، استشهاد 13 شخصاً، وإصابة 70، بانفجار سيارة قرب حسينية الحجاج في الصويرة جنوب شرق بغداد. وقال مصدر أمني إن «عبوة انفجرت قرب المسجد من دون أضرار، ولدى تجمّع الناس انفجرت سيارة كانت مركونة بالقرب منها، ما أسفر عن سقوط الضحايا».
كما استشهد 19 من عناصر الأمن، وأصيب 25، في 10 هجمات شنت في الوقت ذاته تقريباً بأسلحة كاتمة للصوت والمتفجرات استهدفت حواجز أمنية في مناطق مختلفة من بغداد. واستشهد 6 أشخاص بـ 3 انفجارات في أبو غريب. ونجا قائمقام البلدة محمد جسام المشهداني، من انفجار استهدف موكبه في الطارمية شمال العاصمة فيما استشهد 5 من حراسه وأصيب 18.
وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم الموسوي إن العمليات كانت «منسقة». وأضاف «هذه العمليات تقع ضمن العمليات الإرهابية الاعتيادية التي تواجهها قواتنا الأمنية»، مشيراً إلى أن «الهجمات التي وقعت بأسلحة كاتمة للصوت وعبوات لاصقة، كانت منسقة». وأعلن اعتقال أحد «الإرهابيين» في منطقة بغداد الجديدة، مشيراً إلى أن «الإرهابيين كانوا يرتدون زي منظفي أمانة بغداد». وتابع «بالرغم من الضربات القوية التي تعرض لها القاعدة، لا يزال هناك بعض الخلايا الصغيرة التي لا تزال تعمل في محاولة لإظهار وجودها وتأثيرها»، واصفاً الهجمات بـ«الهستيرية».
وفي الموصل،استشهد 2 من منتسبي الاجهزة الامنية، عندما هاجم انتحاري يقود سيارة حاجزاً أمنياً مشتركاً للتفتيش يضم قوات من الجيشين العراقي والأميركي. واستشهد 5 أشخاص بانفجارات في المسيب، وأربعة بتفجير خمسة منازل لعناصر الشرطة في الفلوجة.
وفي محافظة بابل، استشهد شخصان وأصيب اثنان بانفجار عبوة في محل لبيع المواد الغذائية في ناحية الإسكندرية. كما أصيبت إيرانيتان بانفجار عبوة قرب بلد استهدفت حافلة تقل زواراً إيرانيين متوجهين إلى سامراء. وأصيب تسعة مزارعين في بلد اثر انفجار خمسة عبوات ناسفة داخل بساتينهم.
واستشهد العشرات، في 3 انفجارات بسيارات في البصرة. ويعتبر الهجوم على البصرة نادراً، وكانت الانفجارات عنيفة جدا يعكس حقد ووحشية الارهابيين الذين استخدموا كميات كبيرة من المتفجرات .
وقال نائب الرئيس عادل عبد المهدي إن الهجمات تظهر ضرورة المضي قدماً في إقرار نتائج الانتخابات وتشكيل حكومة. ودعا، في بيان، جميع التكتلات السياسية إلى العمل بجد من أجل مصلحة البلاد والتحرك بصورة مسؤولة خلال «هذه الفترة الحساسة»، مشدداً على ضرورة أن تتضمّن الحكومة الجديدة جميع الفصائل السياسية.
وعلق السياسي العراقي ازهر الخفاجي على هذه الهجمات قائلا : : " يخطئ من يغفل من الكتل السياسية المتصارعة عن ان هذه التفجيرات هي الرسالة الاولى التي بدأت تصل للعراقيين من نتائج مؤتمر البعثيين في دمشق والذي اعلن صراحة ان سيستخدم السلاح للعودة الى السلطة والذي اقسم فيه الحاضرون على الانتقام لصدام حسين ورفاقه ".مضيفا : " ومن الاخطاء التي ارتكبتها الحكومة انها لم تتعامل مع مؤتمر البعثيين بما يمثله من خطورة امنية وسياسية وخاصة بعدما نجح البعثيون في الحصول على دعم من النظام السني الاقليمي ، واعتبرته الحكومة والسياسيون المناوئون للبعث بانه مجرد مؤتمر دعائي ليس اكثر !!".
المصدر : نهرين نت
https://telegram.me/buratha