العراق بيتنا
الزيارات الودية التي قام بها كبار قادة القائمة العراقية إلى رئيس ائتلاف دولة القانون، شجعت بعض المراقبين السياسيين إلى الاعتقاد بان هذه الزيارات قد تسفر عن بعض التقدم باتجاه إزالة ما يمكن إزالته من عقبات تحول دون بناء تحالف بينهما، لاسيما وان تصريحات صدرت ومعلومات تسربت عن وجود جهود أميركية تبذل لتشجيع بناء تحالف بين القائمتين كمرحلة أولى وبعدها يتم التحاق بقية القوائم ولا سيما التحالف الكردستاني الذي يشكل الضلع الثالث لمثلث المكونات العراقية الرئيسية وبالتالي تشكيل الحكومة القادمة.
الحدث الذي قطع هذه الجسور، هو قرار الهيئة القضائية للمفوضية بإعادة عملية العد والفرز لأصوات محافظة بغداد الذي أثار حفيظة القائمة العراقية التي اعتبرته محاولة من المالكي لتغيير نتائج الانتخابات لصالحه، دون أن تنتظر ما ستسفر عنه نتيجة إعادة عمليات العد والفرز التي قد لا تغير شيئا أو تغير لصالح إحدى القوائم أو بعضها ربما لا تكون قائمة المالكي واحدة منها.
القائمة العراقية من جانبها قررت مواجهة القرار بمحورين، الأول القيام بحملة إعلامية ضد القرار متهمة المالكي بالوقوف ورائه والمحور الثاني تكلف به الدكتور أياد علاوي شخصيا لما لديه من رصيد عربي ودولي يقضي باللجوء إلى الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول المنطقة كل حسب ما لدية من مساحة نفوذ في الملف السياسي العراقي لإيقاف ما وصف بمحاولات الحكومة الهادفة إلى تغيير نتائج الانتخابات.
المالكي من جانبه قرر مواجهة سعي العراقية بتحشيد رأي عربي ودولي مساند لها باتهامها بتشجيع التدخل الدولي بالشأن الداخلي العراقي، في وقت يسعى فيه العراق للخروج من البند السابع الذي وقع العراق تحت طائلته على اثر غزو صدام للكويت عام 1990. وقال المالكي في إشارة إلى العراقية (إذا كان هؤلاء يفعلون هذا وهم خارج الحكومة فماذا يفعلون إذا استلموها)، جاء رد العراقية على تصريح المالكي سريعا وحادا عندما قالت (لولا الإرادة الدولية لما جاء المالكي من حارات السيدة زينب إلى العراق ليكون رئيسا للوزراء).
الائتلاف الوطني الذي جاء في المرتبة الثالثة، من جهته لم يرحب بقرار إعادة العد والفرز لأنه يرى إن هذا الإجراء سيربك الجهود الرامية إلى تشكيل الحكومة، حيث أعرب الدكتور عادل عبد المهدي عن قلقه من أن يكون هذا القرار سببا في إطالة مدة الفراغ الدستوري الذي تعيشها البلاد حاليا بسبب غياب السلطة التشريعية والرقابية في البلاد وما قد يترتب على ذلك من آثار سلبية. كما سبق لعبد المهدي إن رحب بالجهود التي تبذل لترتيب اجتماع بين المالكي وعلاوي قبل أن تندلع الحملات الإعلامية بينهما.
بعض الخبراء القانونيين يحملون الهيئة القضائية مسؤولية التصعيد الذي حصل ويستبعدون أن تكون هذه الهيئة قد تعرضت إلى ضغوط من المالكي أو غيره. ويتهمون هذه الهيئة بعدم الكفاءة بعملها قياسا على قرارها الأول الذي رحل النظر بطعون المتضررين من قرارات هيئة المسائلة والعدالة باستبعادهم من المشاركة في الانتخابات إلى ما بعد الانتخابات، الذي وصفه الخبراء بأنه يحمل اغلب عيوب القرار القضائي، ومن ثم قرارها الثاني الذي ألغت بموجبه قرارها الأول، وهذا يدل على إن هذه الهيئة مرتبكة وغير مؤهلة للنهوض بمهمتها.
ويرى مراقبون سياسيون لشأن التحالفات الجارية، إن العراقية ودولة القانون هما القائمتان الأكثر ثقلا في الميزان السياسي العراقي الذي أنتجته الانتخابات البرلمانية الأخيرة, ومهما اشتدت الحملات الإعلامية بينهما فان قواعد اللعبة الديمقراطية ستجبرهم على العودة إلى طاولة الحوار لإيجاد حلول سليمة وشجاعة للخروج من حالة الاختناقات التي تلف عنق العملية السياسية من كل الجهات.//
https://telegram.me/buratha