الأخبار

العنف الاهوج يعصف بتراث جبرا ابراهيم جبرا

1406 12:31:00 2010-04-27

هل كان الانتحاري الذي قاد سيارة مفخخة مستهدفاً مبنى القنصلية المصرية في المنصور ببغداد في الرابع من نيسان الحالي يعرف شيئاً عن الدار المجاورة لها ، والتي جعل من مدخل /مرآبها/ طريقاً له نحو /هدفه/ او لمن تعود هذه الدار ؟ ومن هو صاحبها ؟ وماذا تحوي من كنوز فنية ونفائس أدبية ؟ وأي تراث شخصي وتاريخ ثقافي قد دمّر بفعله الإجرامي ويحرق كل شيء في الدار التي من بابها دخل ، من البشر الى الفن الى الثقافة ، وما هنالك من وثائق مهمة تمثل ذاكرة مرحلة من أهم مراحل الثقافة الحديثة ؟

الدار التي حوت هذا كله ، والتي جرى لها هذا كله ، هي دار الأديب والروائي الكبير جبرا إبراهيم جبرا الذي توفي عام 1994 ، وكانت تضم أعمالا فنية نادرة لكبار فناني العراق ، وآلاف الأوراق المخطوط منها والمطبوع ، والوثائق التي تمثل ذاكرة مرحلة لعلها من أخصب مراحل الإبداع وأكثرها غنى.

كانت الدار بعهدة السيدة /أم علي/ شقيقة زوجة ابنه /سدير/ الذي كان هاجر الى أستراليا في العام التالي لوفاة والده ، تاركاً الدار وما فيها في عهدة هذه السيدة الفاضلة التي بذلت جهدها للعناية بكل شيء يعود الى جبرا ، من اللوحات والأعمال الفنية التي علقتها بانتظام ، الى الأوراق التي صانتها من كل تلف أو عبث يمكن أن يلحق بها ، الى المكتبة الشخصية للراحل الكبير.

اما الان فان من يذهب الى الدار يجد كل شيء فيها ومنها ، قد تغير ، بل امحي وتحول ركاماً من الحجارة والتراب والرماد. فالدار تهاوت على ما فيها ، ومَن فيها ، والأعمال الفنية والكتب والورق بصفحاته التي تعد بالآلاف تحولت الى رماد .. وأعلى هذا الركام لافتة سوداء تنعى ام علي/ وابنها جعفر.

تقول جارة لها ان /ام علي/ لحظة وقوع الحادث كانت تجلس في تلك الغرفة الصغيرة ، على يسار الدار من ناحية المرآب ، وهي الغرفة المحببة الى جبرا والتي كان يحب أن يستقبل فيها الخاصة من أصدقائه ، فتهاوت عليها ، ولم يتمكنوا من انتشال جثمانها من تحت الركام إلاّ في اليوم التالي !

الشرطي في القنصلية الذي نجا من الانفجار باعجوبة ، وصف الحادث بانه مروع ، فالعصف شقق الارض وهدم الدار على ما فيها وقلع عين جاره الاخر الذي كان واقفا على مسافة بعيدة عن الانفجار ، مؤكدا انه " عمل همجي بامتياز ".

الناس الذين يمرون بالمشهد ويرون ما آلت إليه الدار من خراب كامل ، يمرون حزانى ويترحمون على الضحايا ، ولكنهم لا يعلمون شيئاً عما ذهب مع هذا الذي ذهب مما كان في داخل الدار ، وفي الممرات والغرف من أعمال فنية تجمع بين جواد سليم وشاكر حسن ومحمد غني حكمت ونوري الراوي وضياء العزاوي ورافع الناصري وراكان دبدوب وسعاد العطار وعشرات الأسماء الأخرى من فناني العراق ، من جيله ومن الآتين من بعد ذلك الجيل الرائد ، فضلاً عن أعماله هو.

كذلك كانت دار جبرا تحتضن أوراقا تضم ما كتب ولم يضمه في كتاب ، والمسودات التي تمثل الكتابة الأولى لرواياته وقصصه بوجه خاص ، فضلاً عن مئات الرسائل المهمة أدبياً من عشرات الأدباء والأصدقاء من عرب وأجانب ، وصورا عن رسائله التي كتبها لهؤلاء الأصدقاء منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى يوم رحيله.

كان جبرا يقول أنه كتب ما لا يقل عن عشرة آلاف رسالة ، ولا بد أن يكون قد تلقى مثلها ! وكان دائماً يقول : أوراقي هنا في هذه الخزانة (متعددة الرفوف والأبواب) وقد رتبتها ضمن ملفات.

وكان يريد لهذه الدار ، داره التي رسم خريطتها بنفسه وأشرف على تنفيذها ، أن تكون /متحفاً/ له من بعد وفاته ، إلا أن شيئاً من هذا لم يحصل ! ومن بين ما ذهب مع ما ذهب صور فريدة ، وتسجيلات صوتية ، وأشرطة فيديو لندوات ولقاءات ومحاضرات كان يلقيها أو يشارك فيها ، وهي تمثل جزءاً من تراثه الأدبي والنقدي ، كان من المؤمل أن تكون المرحلة الثانية من /مشروع نشر أعماله الكاملة/ الذي تبنته /مؤسسة عبد الحميد شومان/ على عهد مديرها العام أسعد عبد الرحمن.

لكن المشروع أحبط في لحظة التنفيذ ، وها هو اليوم كل شيء يتداعى ويحترق : الدار بمن فيها وما فيها ، والنار التي عصفت بكل شيء وأتت على كل شيء ، مخلفة الرماد ، ولا شيء سوى الرماد من دار كانت مركز حيوية ثقافية على مدى نحو نصف قرن من الزمان . وكذلك الأمر مع مَن عرفت أهمية هذا كله فعنيت به وصانته طيلة السنوات الماضية.

فالدار اليوم لا باب لها فنقرعه ، ولم يعد في الدار من يرد ، ولا شيء في الدار يمكن أن نراه سوى أكوام الحجارة والرماد.. و/أم علي/ وابنها جعفر اللذان تحولا الى اسمين على لافتة سوداء ارتفعت فوق هذا الركام الذي كان قبل أيام /دار جبرا إبراهيم جبرا/!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
انا لله وانا اليه راجعون
2010-04-29
الشهيد جعفر زميلي في كلية بغداد للصيدله المرحاة الرابعة.......الفاتحة على روحه وروح الشهيدة والدته
صرخة وزئير بوجه كل مسخ شرير
2010-04-27
عاد يا جبرا ليس هولاكو بل أهلك الامساخ والرجس الصديم عاد ختال الطواعين الأثيم عاد للمأرب من كان الهديم عاد نيرون وعاد الارذلون كي يـــبـــاروا كل أفاك أثيم عاد أعداء الحضارات وعهر الاثمين ها أرى روحك تبكي ما كتبت كل أوراق الرقيم وترى أم علي معها جعفر أنوا تحت أنقاض الهديم ان ما يبكيك أكثر وأليم جدلا بدلا أي كرسي للفطيم؟؟ ورغال معه ابرهة راح للدولار يشكو الافقرين معه حقد وحشد زوروا كل رقيم واتى عاص خبير الأخبثين ثم راح البائعون وثم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك