الموصل - فلاح الجبوري
وأنت تدخل دوائر ومديريات التسجيل العقاري في الموصل تطالعك ملصقات جدارية كبيرة في أروقة وغرف الموظفين والموظفات تنادي بمحاربة الفساد من قبيل ( الرشوة قيود بوجه الأعمار ) و ( يدا بيد نحارب الفساد من أجل بناء العراق ) أو مثل ( لنحم أرضنا وشعبنا من الفساد ) وكلما مشيت أكثر داخل البناية تطالعك المزيد من الشعارات الرنانة الجوفاء التي لا صحة لها على أرض الواقع ( حذار من زحف الفساد الى أحلامنا ) بينما الحقيقة تقول أن الرشاوى تنسل من جيوب المراجعين لتتسلل الى كل ركن وزاوية في هذه الدوائر , ثم تقرأ جدارية كبيرة تقول ( لا للفساد )
في حين أن الموظفين والمظفات عين على المعاملة ولعاب يسيل وأنفاس تلهث وراء المال الحرام , ونحن نتجول في أحدى هذه الدوائر ( دائرة التسجيل العقاري في منطقة ..... بالساحل الأيسر من الموصل ) برفقة أحد ( معقبي المعاملات ) الذي كان يوزع الرشاوى على اليمين واليسار كل حسب أهميته والجهد الذي يبذله في حين كان البعض يعرض خدماته علينا لعدم معرفته بصفتنا المهنية ( كأعلاميين ) وكأننا في مزاد أو سوق نخاسة , وأنا واقف أرقب المراجعين والمعقبين وهم يمدون أيديهم الى جيوبهم ليخرجوا ما جادت به أنفسهم بفئات مختلفة من النقود
ومن يسلم المقسوم الى الطرف الآخر الذي يعتبر واجهة رسمية لدائرة حكومية وتتم الصفقة برمشة عين وبكل خفة وحرفنة دون عناء ! وأنا واقف في هذه الحالة وقعت عيناي على ملصق آخر يقول ( الرشوة والفساد المالي نار بوجه التقدم ) . صفقات تعقد في السر والعلن وذمم تشترى وتباع ومساومات تجري هنا وهناك ورجال الأمن مجرد تماثيل بلا روح لا يضرون ولا ينفعون والشعارات والملصقات تبقى حبيسة الجدران , ان هذه الدوائر نموذج مصغر لما يجري في باقي دوائر الموصل وما خفي كان أعظم.
https://telegram.me/buratha